الشوالي لـ (الزمان الرياضي): العراق من أحب الدول العربية الى قلبي
نجاح مهنة التعليق تكمن في المزاوجة بين الموهبة والممارسة
مالمو- علي كاظم
دخل صوته إلى كل بيت بلا استئذان، من الباب لا من الشباك،و عندما تستمع إلى تعليقه في مباراة يكون طرفها فريق تونسي أو عربي تشعر به وكأنه قائد عسكري في معركة حاسمة مع عدو، يخطب بجنوده ويحثهم على النصر والصمود بوجه الخصم،كلماته في التعليق مؤثّرة وعميقة تدخل الوجدان وتجعل الجمهور المشاهد يتفاعل معها بقوة من أجل فوز فريقه،وصوته أصبح ظاهرة للشباب الطامحين لأن يكونوا معلقين مثله في المستقبل، فالجميع يقلّده و أذكر قبل سنتين ذهبنا أنا والراحل الكابتن احمد راضي، لحضور افتتاح بطولة محلية للفرق الشعبية في بغداد وعندما وصلنا الى الملعب تصورت أن المذيع هو عصام الشوالي، لأن المعلق الداخلي كان يقلد صوته بشكل عجيب وبطريقة متقنة.
وها أنا أضع بين يدي القارئ العراقي والعربي، نص الحوار الشيّق مع المعلق الكروي الشهير عصام الشوالي:
{ الجمهور الرياضي العربي وعشاقك في كل أنحاء العالم الذين يطربون لتعليقك الحماسي يودّون أن يعرفوا كيف أتجه عصام الشوالي، للتعليق، لا سيّما انت تخرّجت من أكاديمية اللغة الفرنسية؟
– عقب إنشاء إذاعة الشباب عام 1995، جرّبت حظي بالتواجد في المناظرة فنجحت، فكانت بداية الانطلاقة والانتقالة الأولى لعالم الصحافة والتعليق وأتذكر جيداً إنني قدمت طلب دخول المناظرة في أخر يوم، وقبل ساعتين من غلق باب الترشيحات النصيب في ذلك اليوم هو من حول وجهتي من أستاذ أدب فرنسي إلى مشروع معلق رياضي.
{ هل من صفات المعلق أن يكون محايداً حتى لو كان منتخب بلاده طرف في المباراة؟
– الحياد مبدأ أساسي في العمل الإعلامي، ولكن كل شيء نسبي والحماس للمنتخب أو فرقُنا العربية لا ينفي احترافية المعلق والحماس أو الوطنية معمول بها في كل العالم وكل القارات فالوطن لا يعلو ولا يُغلى عليه شيء فالحب والحماس شيء، وعدم المهنية شيء ثاني وأنا أثناء التعليق أعترف إن كان الخصم أفضل منا وأُقر أيضاً بضربة الجزاء إن كانت صحيحة لنا، أو لم تكن كذلك وأقولها على الهواء مباشرة إن الحكم أخطأ وهذا أعتبره مهنية وليس مسألة حياد فالحق حق وأن كُره.
{ هل التعليق موهبة أو ممارسة؟
– مهنة التعليق هي الازدواجية بين الموهبة والممارسة ولا بد لأي موهبة أن تُصقل وتتكوّن الخبرة من خلال الممارسة المستمرّة فهما وجهان لعملة واحدة فالموهبة بدون عمل، وبدون ممارسة، وبدون تطور، وبدون نقد، لن يتقدم صاحبها.
{ الشوالي أصبح رمزاً لكل شاب عربي وقدوة يحلم بها ليكون معلق رياضي،ماهي نصيحتك لهؤلاء الشباب من خلال خبرتك الطويلة بهذه المهنة؟
– بعد كل هذه السنين مازالت أتعلم وأقوم بالمراجعة، فمن يبقي في نفس الدرجة مصيره التراجع فعملُنا صعب، ومطالبين بالتجديد والتطور،فعالم الكرة وجمهوره متغير وما يرضيه في مباراة يوم السبت يغضبه في ماتش يوم الأحد لذلك لا بد من الحفاظ على وسيلة الصنعة وهي الحنجرة والصوت من خلال اعتماد أسلوب حياة جيد ولا بد من مواكبة المتغيرات الكروية فناً وتحكيماً ولا بد أيضاً من الاستفادة من تجارب الآخرين ثمَّ اتخاذ سلوك وأسلوب خاص الذي هو انعكاس لشخصية وروح المعلق.
{ بغداد والشعراء والصور تناديك؛ متى نراك هناك وأنت لديك ملايين المعجبين من العراقيين؟
– العراق هو من أحب الدول العربية لقلبي، وهذه حقيقة واقعة وليست مجاملة هو إحساس شخصي، فالعراق العظيم تاريخ لحضارات من سومر إلى بابل إلى أشور فشريعة حمورابي وحدائق بابل والدولة العباسية وهارون الرشيد هي بلاد الشعراء والفنون، بلاد دجلة والفرات وكشخص يعشق التاريخ اعتبر نفسي مقصراً في عدم زيارة هكذا أماكن لذلك ستكون زيارتي قريبة لهذا البلد إن شاء الله.
{ صوتك المدوي في المباراة خاصة عندما تلعب المنتخبات العربية ضد الأجنبية يشبه صوت القائد في المعركة عندما يحث جنوده على القتال والصمود بوجه عدوه، كيف تُصيغ فكرة الكلمات لتخرج بهذا التميّز المبهر؟
– هي موهبة احمد الله عليها فسلاسة اختيار الكلمة في وقتها المناسب هو توفيق من الله ثمّ هو نتاج طبيعي لمحبتي لعملي واحترامي للمشاهدين أنا مطالب بالأفضل كي أرضي نفسي أولاً ثمّ المشاهدين الأعزّاء.
{ لك ذكريات مع منتخب أسود الرافدين خاصة عندما فاز ببطولة كأس أسيا عام 2007،حدثني عن مستوى الكرة العراقية آنذاك وأبرز النجوم الذين عاصرتهم؟
– للكرة العراقية تاريخ طويل وعريق، حيث بدأتُ أقرأ سَفره من بداية عام 1980، حينما كنتُ أطالع مجلة الصقر الرياضية القطرية أو من خلال التلفزيون أثناء خليجي 82، وكيف تألق منتخب الأسود في هذه البطولة قبل انسحابه منها وهو المتصدر لها، أو من خلال فعاليات نادي الرشيد أنا قرأت عن اللاعب علي كاظم، وتألقه في بطولات الشرطة العربية، وشاهدت الجيل الذهبي أمثال الأسطورة أحمد راضي، وحارس محمد، وعدنان درجال، وناطق هاشم والبارع حسين سعيد، وكنت معجباً بليث حسين، وحبيب جعفر والحارس رعد حمودي وأنا شخصياً شجعت العراق في كأس العالم عام 1986، كما علّقت على مباراة لقب أسيا التاريخي وهدف السفاح يونس محمود ذكريات لا تنسى.
{ أنا من عشَاق تونس الخضراء، والنجم طارق ذياب كان عشقي الأبدي ومازال نجمي المفضل عربياً،كيف تصف لنا شعورك حينما تعلّق على مباريات طرفها تونس، وماهي أبرز الذكريات والانتصارات وصوتك يدوي في أرجاء الملعب؟
– على فكرة هي مسألة كيمياء والتوانسة يحبوا ويحترموا العراق كشعب مثقف وبالتالي هو شعور متبادل أما بخصوص طارق ذياب، فأعتقد انه لاعب استثنائي وبالتأكيد فأن الجمهور العربي الذي شاهد الفريق التونسي في الأرجنتين عام 1978، هو جيل كلّه (سوبر (وكان طارق علم من أعلام ذلك الجمهور، وتونس هي أرضي هي الهواء الذي أتنفسه هي بلد أبائي وأجدادي ذكرياتي فيها،حبي كان فيها،أولادي فيها،هي الماضي الذي عشته وحاضري ومستقبلي، رأيت في التعليق على مباريات منتخبنا ونوادينا نوع من رد الجميل واعتبرت نفسي ناقل أفراح الشعب ، خسارتها تبكيني ونجاحها يحيني ويجعلني منتشي لأيام بعد المكسب، في تعليقي لتونس حققت كل أحلامي، الفوز بكأس أفريقيا وبطولة أفريقيا للمحليين،علقت على الفوز في المونديال ضد بنما، وكنت معلّق بصوتي لقرابة خمسة عشر بطولة بين المنتخب والأندية التونسية وهو مصدر فخر بالنسبة لي.
{ أنت صاحب ذاكرة رياضية حديدية،هل تتذكر أول مباراة محلية ودولية لمنتخب تونس وعالمية أيضاً على صعيد الأندية والمنتخبات؟
– أول مباراة لتونس علّقت عليها كانت أمام زامبيا عام 1997، وانتهت بهدفين مقابل لاشيء لصالحنا، أما أول مباراة محلية فكانت بين نادي الترجي والاتحاد المنستيري.
{ هل تحلم يوماً ما أن تنشأ معهد خاص لك لتعليم فن التعليق، لاسيّما بعدما أصبحت ماركة مسجلة في هذا المجال؟
– اليوم أنا مشغول ومتفرغ كلياً للتعليق في المباريات سواء في تونس أو خارجها، ولكن أعطي أحياناً دروس كمحاضر في التعليق الرياضي والإعلام وفي التقديم والتعليق وكل ما يشمل العمل الصحفي، أما فكرة إنشاء أكاديمية خاصة لفن التعليق فهي فكرة مطروحة للمستقبل حتماً ومشروع طموح أحلم بتحقيقه إن شاء الله .
{ لنترك التعليق جانباً ونسأل الشوالي،من هو الفنان الذي يستمتع بغنائه، وهل هناك أغنية تدندنها في بعض الأحيان؟
– أنا من عشاق الفن الطربي الأصيل واحن للماضي الجميل أيام ناظم غزالي وصباح فخري، والهادي الجويني، في تونس.وأيام الكبار في مصر من فريد لعبد الوهاب وعبد الحليم، يعني لما كان الفن إبداع.
{ قد لا تعلم أنى واحد من أقرب المقربين للكابتن الراحل احمد راضي، هل لك معه
– أسماء عراقية سمح لي المجال الصحفي بالتعرف عليها الأسطورة عمو بابا قابلته في عمان أيام قناة (أي. آر. رتي)الكابتن حارس محمد شخصية فذّة ، المدرب الفذ عدنان حمد، والكابتن احمد راضي، الذي كان مهاجمي المفضل، واشتركنا معاً في التعليق على مباريات العراق أيام كاس القارات في جنوب أفريقيا،الله يرحمه رحل جسد وبقيّ معنا بتاريخه.
{ هل تتمنى أن يسير أولاد الشوالي، على خطى والدهم في التعليق، ومعلوماتي أن زوجتك أيضا إعلامية؟
– بطبيعتي كأب لا أتدخل في اختيارات أبنائي من شب على شيء شاب عليه والدي منحني الحرية في اختيار الدراسة والعمل والزواج فالقرار دائماً كان قراري مع التوجيه وإبداء الرأي لذلك فأنا أترك القرار لهم وأهم شيء الموهبة وليس لأنه ابن عصام الشوالي.
{ بحكم متابعتك اليومية لأخبار كرة القدم العربية، أطلب منك أن تختار أفضل تشكيلة لمنتخب عربي موحد خلال العشرين سنة الماضية؟
– اختيار الأفضل يبقي امر نسبي وعاطفي، سأحاول أن اقترب من المنطق وخاصة أن الاختيار سيكون من وحي المعاصرة وواقع المشــــــاهدة، واسمح لي أن أوسع دائرة الاختيار بالنسبة لحراس المرمى أعتقد عتــــــــوقة والزاكي والدعيع مع الحضري الأفــــــــضل و في خط الدفاع تشكيلتي من الأطراف للقلب تشمل حكيمي، حاتم الطرابلسي، خليل علاوي، حسين عبــــــــد الغني، النيبت، عدنان درجال، هاني رمزي، خالد بن يحي، صالح النعـــــــيمة، في خط الوسط غميض، بوتريكة، حبيب جعفر، عقربي، طارق ذياب، بلومي، الثتيان تيمومي، حسين سعيد، شحاتة، الخطيب، وطارق التايب بالنسبة للأجنحة حارس محمد، تميم، عصاد، مادجر، محرز، صلاح و بالنسبة لرؤوس الحربة احمد راضي، يونس محمود، عدنان الطلياني، جاسم يعقوب، عماد الحوسني، احمد فراس، جمال منّاد حسن، ماجد عبد الله. أما اختار طاقم مدربين لهكذا نجوم فهم عبد المجيد الشتالي وعمو بابا و في الأخير هي وجهة نظر قابلة للإضافة لكن ليست للتشكيك.
{ المراءة نصف المجتمع وقد تكون أكثر بالنسبة للعاشق الولهان، كيف تنظر إلى المرأة ولاسيما لديك ألآف المعـــجبات لصوتك الذي يدخل القلب قبل الأذن بلا اســـتئذان؟
– المراءة هي التي حملتني في بطنها هي التي كبّرتني ورعتني لأصبح رجلاً المراءة هــــي الحب والحياة والأمل وهي الحافز للغد،هي الحبيبة الملهمة ورفيقة الدرب،هي زوجتي،وهي البنت التي نجدها عند الكبر،لاحظ كيف تسلسلت بمراحل المراءة بكل حياتها وأعطيت حقّها الطبيعي.
{ لو لم تكن مُعلقاً رياضياً ماذا كنت
– لو لم أكن مُعلّقاً، لتمنّيت أن أكون مُعلّقاً.
{ بصراحتك المعهودة، لو أعطيتك ثلاثة بطاقات سفر في رحلة لزيارة اللاعب مسّي، فمن تختار معك، وماذا ستقول له؟
– الاختيار سيكون أولاً لزوجتي باعتبارها رياضية وإعلامية وثانياً أولادي لمحبتهم لميسّي ،أما ماذا سأقول، فأقول له أنت كتبت التاريخ وأنا نقلته عنك.
{ أغنية الراحل ناظم الغزالي، أيّ شيء أهدي إليك في العيد فماذا تهدي للعراقيين بعد هذا اللقاء؟
– أهديهم محبة خالصة وأتــــــــمنى للعراق الاستــــــقرار واستعـــــــادة قوته، فالأمـــــــة العربـــــــية بحاجة إليه، أما كروياً فأتمنى ان أرى المنتـــــــــخب العراقي في مونــــــــديال قطر في السنة القــــــادمة 2022.