الشخصية المعنوية للشركة وآثارها القانونية – محمود شاكر الربيعي
تعتبر الشخصية المعنوية ( juridical personal) للشركة من اهم عناصر تكوينها، اذ لم يكن هذا المفهوم معروفا قبل ظهور الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر وجاءت فكرة خلق الشخصية المعنوية من خلال الحاجة الى فصل واستقلال مال الشركة عن أموال الشركاء بعد اتساع رقعة الصناعة وما رافقها من اعمال تجارية لتصريف المنتجات الصناعية على اختلاف أنواعها ، اذ حمل أصحاب القرار رؤيا جديدة بضرورة استحداث شراكة بمفهوم أوسع من الشراكة العائلية القائمة آنذاك ، وهي تقضي الى تحديد المسؤوليات بمقدار المساهمة براس المال الذي ينطوي على استمرار عمل الشركة حتى وان خرج احد الشركاء او مات احد الأعضاء، فلا يؤدي الى انقضاء الشركة وتوقفها وانتهائها، وعلى هذا المبدأ تم تأسيس شركات تحمل الشخصية المعنوية بدل الشخصية الطبيعية التي كانت هي السائدة في ذلك الوقت ومقتصرة على العوائل والافراد الطبيعيين ، حيث تبنى القانون انشاء شركات تبتعد عن خصوصية الافراد ومحدودية تصرفاتهم فاتجهت الى توسيع مفهوم (الشراكة) في انشاء الشركة اذ سمح لها القانون ان تظم عددا كبيرا من الشركاء المساهمين للحصول على (راس) (مال قادر على استيعاب الانفتاح الحاصل على الصناعة والتجارة ، ولا يمكن لهذه الشركات ان تزاول أنشطتها الا من خلال المفهوم الجديد للشركة وهو (الشخصية المعنوية) التي تمنح لها ، وبمرور الوقت تم تأسيس شركات عديدة صغيرة ومتوسطة ومنها شركات كبيرة مثل شركة الهند الشرقية والشركة الملكية لتجارة الرقيق في افريقيا.
وفي البداية يجب ان نطلع على الفقرة اولا من المادة الرابعة من قانون الشركات العراقي المرقم 21 لسنة 1997 المعدل الذي يُعرّف (الشركة) بانها ( عقد يلتزم به شخصان او اكثر بان يساهم كل منهم في مشروع اقتصادي بتقديم حصة من مال او عمل لاقتسام ما ينشأ من ربح أو خسارة ) ، اذن الشركة ابتداءا هي (عقد) ومفهوم العقد قانونا هو .. (اتحاد ارادتان أو أكثر يهدف الى احداث اثر قانوني يترك اثره في المعقود علية ..) ومن هذا التعريف تظهر الشركة لمجرد (انعقاد العقد ) بانها ( كائن قانوني ( ومحل العقد هو (راس المال ( أي انشاء كيان اقتصادي له استقلال مالي واداري عن الشركاء وانه جاء باجراءات تطلبتها القوانين النافذة ، وبذلك اصبح للشركة شخصية) (تصورية لها حقوق وعليها واجبات بما يشبه الى حد كبير ) الشخصية الطبيعية ) ويؤدي هذا التصور الى ان ما تقوم به الشركة من ابرام للعقود وتحريك للاموال وغيرها عائدا لها وليس للأشخاص الموقعين عليها ، فالشركة شخص قائم بذاته لاتعد وكيلا عن من الأصول هو الشركاء ولا ضامنة لهم ، كذلك لا يسأل الشركاء شخصيا عن الشركة الابمقدار ما يحدده القانون.
ان المُشرع العراقي وضع احكاما لاربع شركات هي المساهمة والمحدودة والتضامنية والمشروع الفردي وهناك الشركة البسيطة التي افرد لها القانون احكاما خاصة بها اذ تبدا الشخصية المعنوية للشركات الأربع من تاريخ صدور شهادة تأسيس من المسجل، فالمادة 22 من قانون الشركات العراقي تنص على ان ( تكتسب الشركة الشخصية المعنوية من تاريخ صدور شهادة تأسيسها ) لان هذه الشركات بحاجة الى ( الاجازة ) لبدء نشاطها ، اما الشركة البسيطة فتبدا شخصيتها المعنوية من تاريخ إيداع نسخة من عقدها عند مسجل الشركات.
ولادة طفل
ان الاثار القانونية للشخصية المعنوية التي تكتسبها الشركة تشبه الى حد كبير آثار (ولادة طفل) ابتداءا من منحه الاسم والجنسية والموطن إضافة الى الذمة المالية والأهلية ، فما دامت الشركة شخصا معنويا فيجب ان يميزها عن غيرها (الاسم) الخاص بها، ويشمل الاسم حسب القانون على ثلاثة اسس الاول نوع الشركة والثاني نشاطها الثالث هو (الاعتبار ) ان كانت الشركة مساهمة او محدودة او حسب تكوينها اما العنصر الثاني هو (الجنسية) فهي من الاعتبارات العملية والرقابية للشركة ، والجنسية مرتبطة بمكان نشاط الشركة أي ان الشركة تأخذ جنسية الدولة التي تعمل على ارضها وهناك آراء فقهية متعددة فقد تأخذ الشركة جنسية الشركاء او جنسية راس المال، ولكن المشرع العراقي اعتمد على اكتساب الشركة لجنسية البلد الذي ظهرت به للوجود بموجب قوانينها كما نصت المادة 23 من قانون الشركات العراقي، اما العنصر الثالث فهو ( الموطن ) اذ عرفت المادة 42 من قانون الشركات العراقي الموطن ( المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة مؤقتة او دائمية ويجوز ان يكون للشخص أكثر من موطن (، فالموطن هو محل الاقامة او محل النشاط كما يشير الى ذلك الـــــــقانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المادة 44 وان فائدة الموطن هو للتبليغ والنشر والمراسلات وإقامة الدعاوى او تحديد المحكمة المختصة بالافلاس وغيرها ، اما العنصر الرابع فهو خاص بشركات الأموال المساهمة والمحدودة ( دون شركات الأشخاص ) التضامنية والمشروع الفردي والبســـــيطة ( فالذمة المـــــــالية المستقلة والتي تعتبر من اهم عنـــــــاصر اكتساب الشــــــركة للـــــــشخصية المعنوية ، فاستقلال الذمة المالية للشـــــــركة عن ذمم أموال الــــــشركاء .
كما حددته المادة 27 من قانون الشركات والذي جاء فيه .. ان أموال الشركة ملك للشركة ولا تعد مالا شائعا بين الشركاء ) ، كما وتعتبر أموال الشركة ضمان لدائنيها اذ يجوز الحجز على اسهم الشركاء وعرضها للبيع لان راس المال يظل ثابتا وما يتبدل سوى المالك ، كذلك لا يجوز اجراء المقاصة بين دين الشركة ودين الشركاء ، كما لا يتبع افلاس الشركاء افلاس الشركة والعكس صحيح ، اما شركات الأشخاص فالذمة المالية لها احكام خاصة بكل واحدة منها حددها القانون . ولم يبقى سوى (الاهلية ) وهي العنصر الخامس والأخير اذ تتمتع الشركة عند اكتسابها الشخصية المعنوية (باهلية الوجوب) لما لها من حقوق وعليها من التزامات ومسؤوليات ، اذ بامكان الشركة ان تمتلك الحقوق وان تقبل الهبات كما عليها ان تدفع الضرائب والرسوم والايجارات وهي أيضا تتمــــــتع باهلــــــية الأداء) أي قدرة الشركة على الدخول في الروابط القانونية ومن غير هذه الروابط لا يجوز للشركة ممارسة اعمالها وتحقيق أهدافها.
مهمات الشركة
فهي بحاجة الى ان تبيع و تشتري وتؤجر و تستأجر وترهن وتؤمن وتسجل وغير ذلك من مهمات الشركة ونشاطها لقد تناول قانون الشـــــــركات العراقي المرقم 21 لســــنة 1997 المعدل الشخصية المعـــــــنوية ) ورتب لها أسباب الوجود والكينونة القانونية والاحتجاج عليها وكيفية انقضــــائها وتصفيتها ، ونامل من المشرع العراقي ان يبادر الى تشريع خاص بالشركات ذات الشخصية الوهمية ) وخصوصا العاملة ضمن خطوط شبكة الانترنيت التي لم يحدد الــــقانون العراقي ضوابط العمل الالكتروني وكيفــــــية تسجيل هذه الشركات ضمن دائرة تسجيل الشركات للرجوع عليها في حالة القرصنة والتهكير الحاصلة هذا اليوم لحفظ وحماية أموال المتعاملين معها ضد الـــسرقة والمساومة والابتزاز.