الشاعرة دنى غالي لـ الزمان

الشاعرة دنى غالي لـ الزمان
الشعر تمرد لا يقبل الوصاية
حاورها عبدالحق بن رحمون
الشاعرة دنى غالي، هذه البستانية، التي اختارت الاغتراب كأرض افتراضية، لها دراية وحنكة في هندسة حديقتها الإبداعية بشتى أنواع الخيال والورود والنباتات النادرة،مهما كانت أحول الفصول والمناخات. وكما عهدناها تنثر في عبق حديقتها اكتشافات وانتصارات صغيرة، تستمد تركيبتها السرية من مختبر فريد لتقطير العطور، ومن هنا تَصفِقُ الأبوابَ كلَّها وتفتحُ الشبابيكَ لريحِ الخيال، ليصلُ الخيالُ كحمامةِ الرّاعي إلى نافذتِها ويطيرُ مجدَّداً، كما أن الوقت بدون منازع خليل وحدتها لتجدد فيه ابتكارات لغتها وطمأنينتها. وقالت لـ الزمان أترقب قدوم اللحظة المرهون باستعدادي النفسي ببساطة الغيمة التي أقف تحتها. ، مضيفة نتمتع بيأس يتكفل بنا وعلى عاتقه تقع مهمة أن يميزنا عن بعضنا البعض، ونخلص أخيرا إلى روعة ما نتمتع به من حس بالسخرية والزهد.
ودنى غالي في تجربتها الإبداعية خبرت تجربة المنافي والاغتراب، لذا تسهر الليالي ترعى الندى الذي يتساقط شوقا وهمسا من نافذة ذكرياتها، بين الحلم البريء بأتربة الطريق، الموصلة إلى فنار وطن بعيد، بعيد، بعيد الوميض، سواء في الشعر أو الرواية، أو الترجمة حيث في كتابتها الأدبية تطرح رؤى تسائل الذات، من خلال مرآة الآخر.
ومن هنا تتابعون تفاصيل وخبايا حكايته مع القصيدة والصحافة في الحوار التالي
ماحكايتك مع القصيدة…وهل لك أن تروي لنا كيف تكتبينها والمراحل التي تمر منها؟
ــ القصيدة تأتي أحيانا فنترك ما بيدنا لنتفرغ لها. وإن حدث وإن كنا منشغلين تغادر من دون سلام حتى.
الإنصات والترقب
ما موقع الخيال والصدق في تجربتك؟ وهل بمستطاعك أن تكتبي قصيدة كل يوم؟
ــ أزعم أننا في الشعر نكون قريبين جدا من أنفسنا، وبفعل اللحظة أكثر من ذات فينا تتحرر وتجنح إلى الخيال وحينئذ كل ما من شأنه أن يصل إلى الآخر فهو صادق. الانصات وترقب قدوم اللحظة مرهون باستعدادنا النفسي خاصة، يتعلق ببساطة بالغيمة التي نقف تحتها.
المزاج والذائقة
ماهي المراحل التي تمر منها قصيدتك؟
ــ القصيدة تكتب حين تُقتنص اللحظة وما يلي ذلك قد يدوم أعواما أو أقل بأيام، لا يهم، وكأن لنا وديعة في البنك كيف سنستثمرها هو ما يفرضه الظرف والحاجة أو المزاج والذائقة، قد نختزل وقد نضيف.
فلا ندم بالمرة
هل سبق لك أن ندمت على قصيدة لم تكتبينها بعد أو كتبتها في وقت مضى؟
ــ طالما أن كل شيء في هذا الكون يمكن أن يكون ملفتا لنا ومؤثرا سواء كان هيئة من جماد أو مخلوق صغير أو نبات فهناك يقين إن ما فاتنا كثير والقصيدة المعينة تفرض نفسها فلا ندم بالمرة لاننا لم نكتبها.
هل فعلا كل قصيدة كتبتيها توازي خصلة شعر بيضاء في رأسك؟
ــ السؤال غير واضح.
نعيش الحياة
دائما أنت تخافين من أن تخذلك يوما الكتابة وتجف قريحتك، لذا تبدين مثل تلميذة مواظبة على الحضور، وخوفك من هذا المجهول هل يوازيه خوفك من تساقط شعر رأسك وإصابتك بالصلع؟
ــ ماهذه التشبيهات لا خوف طالما أن هناك حياة، والتوزع بين الرواية والشعر والترجمة مرد ذلك، الخوف قد يكون من الوقت الذي نحسه لا يكفي إذ علينا أن نعيش الحياة أيضا وننشغل بها.
كل شيء له أوان
هناك من يوسوس له الشعر كل لحظة بمكر، ويكتب بشراهة، أو بتقتير كأنه يتنفس الهواء من منخر واحد. قد ينشر أو لاينشر ماكتبه، بالنسبة إليك أي طريق ستوصلك إلى نار الشعر المصفى؟ ــ نحن نغرم مع التجربة وبمرور الأيام بالاشياء المؤجلة، تنضج القناعة لدينا أن كل شيء له أوان، نتمتع بيأس يتكفل بنا وعلى عاتقه تقع مهمة أن يميزنا عن بعضنا البعض، نخلص أخيرا إلى روعة ما نتمتع به من حس بالسخرية والزهد بما يدور، لعل من شأن ذلك أن يخلص القصيدة من زوائدها، ويبقى الأمر مجرد افتراض.
التمرد
هل أنت مقتنعة تماما بوجود ضرورة أن يمارس عليك أحد ما وصاية على ما تكتبينه، ويحاسبك على أخطائك ويتغاضى على صوابك؟
ــ الوصاية لاتنسجم مع الشعر الذي يطالبنا بالتمرد.
شهد العالم العربي تغييرا في أنظمته، هل تنتظرين مثل هذا التغيير والثورات في الثقافة والابداع، وهل سيطول موعد تحقيق ذلك؟
ــ لاأعرف.
هل من الضروري أن تكوني منتميا إلى مؤسسة ثقافية للأدباء…. هذا من جهة ومن جهة أخرى، هناك من يرى أن الشاعر أو الشاعرة قد يضيع عمره كله ولا ينال الاعتراف، بالنسبة لك هل نلت هذا الاعتراف إلى هذه الساعة وماذا أضاف لك؟
ــ المؤسسة المستقلة والتي تسعى الى ضمان حقوقنا وتدعمنا ضرورية. هناك في اتحاد الكتاب الذي انتمي اليه في الدنمارك كسائر الاتحادات هيئة هدفها تحسين وضع الكتّاب عموما، وهناك لجان ومحامون ومجلة شهرية تمدك بما تحتاجه من معلومات ونشاطات ومنح وغيره مما يحتاج إليه الكاتب. الاعتراف يتضمن الكثير من المعاني وقد يشبعنا ان يقرأ لنا صديق نكن له تقديرا ومحبة ونشعر بسعادة بالغة عندما يثني على ما نكتب وهو ما يدفعنا الى المواصلة. الاعتراف بالمعنى الشائع المقصود بظني شأن معروف عالميا يمكننا التحدث فيه عن الحظ والتسويق. مؤشر زيادة المبيعات في الدول الغربية قد يكون الجودة وقد يكون الانتشار الشعبي. وفق النهج الدديمقراطي يمكن لشابة ان تنال اعترافا لحظة اصدار كتابها الاول بحكم القراء الذين يرون في كتابتها ما يثير ولا يعني ذلك قطعا انها انتزعت اعترافا بجودة ما تكتب. السؤال هو ان لم ننتزع الاعتراف المقصود هل نتوقف عن الكتابة؟
AZP09

مشاركة