فم مفتوح .. فم مغلق
السيد أسعد العيداني… أمامك هذا الرجاء، فلا تخذلني – زيد الحلّي
عدتُ من زيارة قصيرة الى البصرة ، وبكلمة حق اقول .. لقد سررتُ بما رأيت من تطور ملموس وواضح في المدينة عمرانيا ، ومشاريع كبيرة ظاهرة للعيان ، وبنى تحتية واعدة، وأضوية بديعة في الشوارع والساحات ، وتنظيم في مرافقها السياحية ولاسيما الكورنيش ، ولاحظتُ سعادة أهلها وترحيبهم بالزوار من المحافظات او من خارج العراق، وشخصيا ، لم استغرب من طيبة شعب البصرة الفيحاء فهم عبر كل الحقب ، كانوا مثالا في الوعي والثقافة والدفء ..وقد لمستُ من خلال تجوالي في الاسواق التجارية ، وبعض المناطق والاحياء السكنية ، محبة اهالي البصرة لمحافظهم السيد اسعد العيداني ، وهذه ملاحظة قليلا ما وجدتها عند زياراتي لبعض المحافظات !
في مدينة ” القرنة” حيث التقاء الحبيبين ” دجلة والفرات” يلاحظ المرء منظر خلاب ، يعجز الانسان عن وصفه ، فهو من صنع الطبيعة ، والى جانب هذا المنظر الأخاذ يندهش الزائر بوجود ” شجرة آدم ” الشاهد التاريخي لعظمة البصرة ، واما في منطقة البصرة القديمة ، حيث الشناشيل التي تزين البيوت ، فهي مازالت شاخصة رغم مئات الاعوام ، مؤكدة على الاصالة البصرية ، وثراء تاريخها الطويل..
لن اطيل في الوصف ، فالأمر يحتاج الى صفحات كثيرة ، بل كثيرة جدا ، لكني عدتُ من بصرتنا الرائعة ، وفي قلبي غصة ، وفي وجداني ألم .. فقد زال منها معلما ، كان هو الاروع والاهم ، وعنوان الجمال والرقي إنه ” نهر العشار” فقد رأيته عليلا حد البؤس ، وحين اتذكره عند زياراتي أبان ستينيات القرن المنصرم ، تطفر من عيني دمعة أسى ، فلا يستحق هذا النهر الجفاء والخذلان ، فبعد ان كانت الزوارق تجوب مياهه عصر كل يوم ، ولاسيما في يومي الخميس والجمعة ، حاملة الطرب وغناء الخشابة مترافقة مع الاعراس ، وتصفيق الاطفال في رواح ومجيء ، اصبح مكانا آسننا ، يميل ماؤه الى الاخضرار ، تنبعث منه رائحة العفونة ، بعد ان اتسعت ظاهرة تصريف مياه المجاري في مجرى النهر، التي يشمئز منها آلاف المواطنين وأسرهم ، وزوار المدينة الذين يعبرون من فوق الجسور العديدة التي تنتصب على جانبيه حاكية حالة اليتم..!
ان نهر العشار ، كما تشير المصادر ، هو أحد الأنهار الأربعة الرئيسة في البصرة وسُمّي بهذا الاسم نسبة لجباية ضريبة العشر التي تؤخذ على المحاصيل الزراعية استنادا إلى الوثائق العثمانية، ويقسم النهر منطقة العشار إلى نصفين ، وقد امتاز قديما بصفاء مائه وجماله وكانت الأشجار والبيوت الجميلة ، والشناشيل والدكاكين تزدهر على طرفيه والزوارق الكثيرة التي تجوبه..
الى السيد اسعد العيداني ، رجاء من صحفي قديم احب البصرة واهلها ، السعي الى احياء شريان البصرة ، واعني به ” نهر العشار” فانت من اهلها الكرام ، واصابعك مشهود لها بالبناء ، والكل يعتز بما قدمت لهذه المدينة ، الرمز ، ونريد لك حين تغادر المدينة ، ان يقول عنك البصريون انك اعدت للبصرة نهر عشارها الى مجده ، فيما عجز من سبقوك .. فلا تخذلني.. مع الود.
Z_alhilly@yahoo.com