السوداني من مرشد زراعي إلى هندسة الوضع العراقي
جمعة الدراجي
نهاية تسعينات القرن المنصرم جاء مهندس زراعي شاب اسمر خجول الى شعبة زراعة كميت. ومن محاسن الصدف كان امامه في نفس الشعبة ثلاثة مهندسين اقدم فكان مرشدا زراعيا للمنطقة الزراعية التي اعمل بها كمزارع قبل ان يكون رئيساً للشعبة ذاتها وقد تم تكليفه ببرنامج زراعة الذرة البيضاء التي كان خبيرها المتمرس في وزارة الزراعة انذاك الخبير عثمان من دولة السودان ووقع اختيار ارضي من الاراضي كنموذج ايضاح لاجراء تجربة لزراعة هذا المحصول وتم الكشف على المساحة المراد زراعتها من قبل المرشد الزراعي الشاب محمد شياع وبعد الموافقة على صلاحيتها تمت حراثة الارض وتسويتها بالكريدر بالاشراف والوقوف ميدانيا على تعديل الارض من قبله ،كان ذلك بداية شهر حزيران ، ومتابعته العمل حتى نهاية الدوام الرسمي تحت حرارة الشمس التي كان يتقيها بحزمة اوراق يضعها على رأسه ، رجوته ان يستريح في بيتنا القريب لكنه اصر حتى نهاية العمل ، هذا موقف والموقف الاخر ، يوم كان عضو مجلس لمحافظة ميسان ، كنا في مكتبه بصحبة السيد محمد جاسب النوري نتجاذب اطراف الحديث واذا دخل علينا جماعة لديهم قضية يتطلب مساعدة اعضاء مجلس المحافظة فبادره السيد محمد جاسب بالقول: – ابو مصطفى الاخوة لديهم مشكلة وواجبنا العمل على مساعدتهم والذهاب معهم حالا : لان آبائنا تم اعدامهم من قبل ازلام النظام وهؤلاء بحاجة للمساعدة والوقوف معهم هكذا تقتضي المرؤات والواجب الوظيفي الذي نحن فيه ، فبادره بابتسامة لطف واستعداده للقيام معهم حالا دون تردد .
مواقف معروفة
اما المواقف الاخرى خلال مدة عمله في العمل السياسي لا حاجة للتذكير بها فمواقفه معروفة لدى الجميع .
استقي هذين الموقفين لتذكيره لا لمدحة فهو لا بحاجة لمدحي ولا انا بحاجة اليه ، وانما اقول العراق بحاجة للاعمار فقف كما وقفت بتلك الظهيرة لانجاح برنامج الذرة البيضاء ،
وامدد كف الصفح والتسامح والنبل كما سعت روحيتك العالية الشهامة لمساعدة من تسببوا باعدام والدك . وما يحسب له تدرجه الوظيفي من مرشد زراعي الى رئيس شعبة زراعية متنقلا بين عدد من اقضية ونواحي محافظة ميسان ومن ثم قائم مقام مركز العمارة بعد 2003 وعضو مجلس محافظ ومحافظ وبقية المناصب الوزارية المعرفة الا دليل على التدرج بالخبرة او النسغ الاداري الصاعد وفق رؤية واضحة لدقائق الامور ، لا سيما وان الوضع العراقي القائم يتطلب هندسة وقياسات فائقة الدقة لمرحلة التجاذبات السياسية سواء داخل العراق او المحيط الاقليمي او بوادر عالمية لحروب وازمات تلوح بالافق الجيوسياسي لا طائل منها
تتطلب تفادي العراق من تبعاتها .
اقول قولي هذا وانا أحمل رسالة اخذتها على عاتقي دون ان اسمع غيري يتحدث بها مفادها اكمال سد بخمة المعطل من حكومة الاقليم وهذا يتطلب توافقاً وتوائماً وحلحلة القضايا العالقة لسد النقص الحاصل في مجال المياه نتيجة انحسار المناخ وقلة الموارد المائية من الدول المتشاطئة مع العراق تركيا وإيران والاعتماد على حصاد المياه المحلية لسد العجز المائي، الذي تسبب بتغير ديموغرافي لسكان الاهوار وخروج العراق من التصنيف كبلد زراعي،
ومعالجة زحف شط العرب باتجاه الاراضي العراقية ، واقف الى جانب الخبراء الذين ينادون باحياء خط الحرير ودحر الارهاب ورفع مستوى المعيشة ومعالجة الوضع الاقتصادي القائم لاسيما تغيير صرف الدولار والقضاء على الفساد بطرق مختلفة غير تقليدية والاهتمام بالمعين الدائم الا وهي الزراعة وقضايا ملحة اخرى لا طائل منها نأمل اختيارك لكابينة وزارية بمستوى التحديات للوضع القائم.
{ كاتب وباحث في المياه والأهوار