السهرة هذا المساء
محفوظ داود سلمان
هذا المساء سمعت تفجيراً على بعد ، وفي المقهى يثرثر
عن كفافي (*) بعضهم او عن ايائل سوف
تهبط من فضاء
او عن برابرةٍ ستزحف في خيول الشمس ، عن ملك
سيفصح في خطاب العرش : حوريات بحر سوف
تهبط عارياتٍ عن نساء
ويقول بعض الناس ان الحرب تولد مرة اخرى ،
وتنتج توأماً والحرب انثى : أي لها رحم تنز من الدماء
والآخرون على الموائد يأكلون اللحم نياً ، يقضمون
على الصحاف بقية الافخاذ والعُري الجميل
لكن امرأة تقول : الحرب تأكل نفسها ، او ان أجساداً
تباع وقد تصلّب فوق أشجار النخيل
وتجيئ امرأة الى سوق النحاس تبيع صفارين أوعية
من الصفر (**) القديم تقول ان الحرب قائمة … وإبني
كان جنديا يقاتل في بلاد
لكن اخرى : ان إبني مات في التفجير ، ليس هناك
من جسد سوى هذا الرماد
هل يبعث الموتى وكيف ألم اشلاء
العظام تجيء من ليل السهاد
{ { { {
في الشارع الخلفيّ قتلى يسرقون ثيابهم ، أجسادهم
مزقاً تباع كما المزاد …
والبعض يخفي بالزهور جراحهم ، بالرمل يسترهم
يحدق في المرايا بعضهم او يجمعون من الشظايا
ماتبقى من خراب …
وعلى الفضاء مراسل يأتيك بالأخبارـ ليست عندنا أخبار هذا اليوم ـ
طرفة (***) مات مقتولا بخمرته ويحمل
أمره معه قتيلاً ـ في كتاب
ومن الاذاعة صوتهم ماذا يريد الشعب موسيقى تقول
نريد إسقاط النظام
لكن صوتاً آخراً يأتي بان قوى وراء الحرب تغذو نارها
من غير ابعاد وان الحرب اولها كلام …
في حانة كانت تسمّى دجلة ـوالبعض يسكر من أسى ـ
دعنا نعبّ الحزن ، نرحل في الثمالة ، ليس
من وطنٍ سوى هذي المدام
دعنا نغادر في السديم الى المدى ، في جرعة
مغشوشة دعنا نسافر في الغمام
هل كنت في روما تجيئ مقاتلاً بحصانك الخشبيّ
تبحث عن ملاذٍ ، تحت نهديها تنام
في البرلمان يقال بان روما سوف تغرق ،
في سلاسل مائها ، في التيبر انهارت طواحين الهواء
بملابس فضفاضة كان الشيوخ يناقشون الطقس
عن حفل يقام لقيصرٍ هذا المساء …
لكن تفجيراً على بعد يشكل لوحة مكسورةً
أشجارها آحترقت وأمرأة من المنظور تصرخ ،
والشبابيك العتيقة لا تطل على سماء …
في حانة مهجورة يلتم بعض الناس يسكر عندهم
وطن ويرقص فوق جمر الحزن ، يعبر
حافياً في اخريات الليل مبلول الرداء
ــــــــــــــــــــــ
(*) كافافي شاعر يوناني
(**) الصفر مادة النحاس
(***) الشاعر طرفة بن العبد



















