السطور الغائبة من الدستور العراقي

السطور الغائبة من الدستور العراقي
فاتح عبدالسلام
بات من السهولة على اي مراقب ملاحظة انَّ الانفجارات في العراق تحدث على وفق توقيتات مدروسة تصب في منافع سياسية واضحة، حيث يتم في ساعات نسيان ما قيل من جنجلوتيات حول الاستقرار الأمني كلّما اقتربت مناسبة كريمة لأداء طقوس الشيعة. وسوف يأتي رمضان ذلك الشهر الفضيل ليرفع هواجس القلق من الانفلات الأمني على العكس ممّا ينبغي أنْ يكون عليه العراق في هذا الشهر المبارك.
هذه صورة الواقع العراقي من دون تزيين في هذه الساعة. والمخيف انّ تراكمات عمليات الاغتيال والقتل الجماعي المتجددة والمستمرة على نحو تصاعدي منذ شهور بإمكانها أن تؤدي إلى ثغرات كبرى فجائية في السلم الأهلي قد يقود إلى كارثة أكبر ممّا هو متوقع في ظل غياب مظلة سياسية وطنية واقية للنكسات.
جميع القوى متفقة على انّ هناك مأزقاً سياسياً تجري في كل يوم المناورة في النظر إليه من زاوية مرنة هنا وزاوية متشدّدة هناك في محاولة ايهامية لتجاوزه، لكن مأزق راسخ، وتزداد عناصر رساخته يوماً بعد آخر، بما يجعل أفق الانتخابات المقبلة قاتماً أو بنفس لون القتامة التي يتشح بها المشهد الحالي إذا دخلنا من باب التفاؤل.. السياسي.
أمام كلّ استحقاق في العراق، تولد مشكلة جديدة، لأنَّ معظم التأسيسات التي قام عليها البنيان الحالي كان من بناء بول بريمر وطاقمه عندما كان حاكما أولاً وأخيراً للعراق طوال خمس سنوات. وانَّ كلَّ ما جرى من تحويلات وتغيرات يشبه صبغ مركبات قديمة بطلاء مغاير لاجتياز شارع جديد. لذلك بات واضحاً انّ عوامل التعرية السياسية بإمكانها تجريد أية مركبة من طلائها المستحدث والعودة بها إلى طلائها القديم، الأمر الذي يجعل العراق واقعاً في فم عملاق من المشاكل يصعب حلّها، ويجري تناسيها عبر المشكلة الخدمية العويصة في غياب الكهرباء أو تردي الأوضاع المعيشية.
العراق يحتاج دستوراً من بضعة سطور غير موجودة في نصّه الحالي على الأغلب لكي ينجو. وهذه السطور لا يمكن أنْ يقتنع بها السياسيون الحاليون، لأنَّها تمس مصالحهم أو تحدّ منها. إنّها سطور ترسيخ مدنية الدولة العراقية على نحو مطلق.
/7/2012 Issue 4243 – Date 5 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4243 التاريخ 5»7»2012
AZP20

مشاركة