السرطان طاعون العصر الهروب إلى أمام
يعاني آلاف العراقيين ، أو المئات منهم ، او العشرات ، فأنت إزاء أي رقم من هذه المراتب قد تكون مصيبا ، في دقتك المتناهية وعلام تلجأ إلى الحاسبة للكشف الموضعي، وإنما هنالك المستشفى ،وهنالك المرضى ،وسترى هذا الوحش يلف ويدور ، بحيث لاتؤثر في قوته العضلية الهجمات العلاجية إلا نادرا، فهو كما عاث المفسدون على مر التاريخ في الأرض فسادا ،عاث بالمرضى في عراق اليوم هلاكا وفناء!، انه الناطق الرسمي باسم ملك الموت ، أقول العراقيون يعانون من مكابدات الإصابة بأخبث الأمراض التي ابتليت بها الشعوب المنكوبة ، ألا وهو مرض السرطان داهية الأمراض ، أو كما اسميه (طاعون العصر) المستبد ، وقد تفشى هذا المرض ليصيب في بلائه الطبقة الوسطى والفقيرة ، بعد أن كان شبحه موضوعا لتأديب الطغاة والأثرياء البخلاء ، كما تردد ذلك كثيرا في حكايات الموروث الشعبي ، ولا بد آن تكون هنالك حكمة في الموازنة اجهلها أنا ويجهلها الكثيرون تسببت في تفشي هذا المرض، لكن الملاحظة تشير إلى أن عدد الاصبات بعد الاحتلال البغيض قد زادت وتراكمت وتعقدت .
أن ابتلاء ذوي الدخل المحدود بهكذا مرض مكلف في تداعياته ومتطلبات علاجه ، هو نوع من الموت الآخر الذي يعانيه المريض وتعانيه آسرته ، وبما أن العدالة الإنسانية ، وعلى مر العصور لم يتقرر دستورها واقعيا وتطبيقيا ، فهذا يعني أن على هذه الطبقة أن تعاني المزيد من الويلات ، لأنها قد لاتجد من يناصرها وحتى لو وجدته ، فإن تكلفة هذا المرض تتجاوز المساعدات والهبات العينية ، إن إنسانية الشرفاء العراقيين لايفوتها أن تسجل موقفا تاريخيا لاينسى ، في هذا المعنى وهنا يحضرني أن اسمي ، ولكن الملقن يلوح لي بالتراجع عن التسمية لحاجة وحكمة ادخرها في ذاته ، فهو الملقِن ، وأنا الملقَن ، وبينهما صولات وجولات من التلقين والتمكين والطاعتين العمياء والمبصرة ، فهما اقصد أنا وهو فتحنا كازينو صداقة إبداعية في كل مقال دونته الأغلبية في ضياء نشرها، أعود من مداخلة الملقن لأقول: ولكن إنسانية هؤلاء الشرفاء لايمكنها أن تواجه طوفان الطاعون بثوبه العصري السرطاني ( كفن الموتى) كما اسميه بحاضر بديهيتي ، هذا المرض الوبيل الذي اخذ ينهش في جسد المجتمع العراقي ، واخذ يهدد الأسرة ، حيث أصبحت لديه قائمة من المرملات ، والأيتام والثكالى والمعوقين ، فهو تارة قابض للأرواح لايشق له غبار في خطف الأرواح ومباغتتها ، حتى وإن كان المخطوفة روحه في ريعان شبابه! ، وتارة هو جزار يعمل على بتر الأطراف والأعضاء من هذا وذاك ن وبمنية عجيبة ، فإذا لم يبتر اليوم كذا سنتمتر من العضو اليوم ، سيتم بتره كاملا غدا ،والعياذ بالله تعالى ، وهاهو يتبختر بشكله الأخطبوطي ، يصحبه نعيق الغربان والبوم ، كما إنني اذكر إن على الأثرياء المتخمين الذين لايأبهون لوجع البطون ، ولا تفارق لغة الدولار حديثهم ، ولا يجدون افضل من عبارة (أني شعلية) هروبا إلى الأمام !، أقول عليهم أن يستجيبوا هذه المرة لصفعة الضمير ، ويستخرجوا لنا من قوله تعالى :” وتحبون المال حبا جما” ، أقول ليستخرجوا حكمة الإيثار ، فيسارعوا إلى معونة هؤلاء المنكوبين ، عل الله تعالى يحسن عاقبة خاتمتهم ومثواهم الأخير ، مذكرا أن لكل تجمع حاضر فرقة مستقبلية ، وحذار من فرقة الأموال على أنغام السب واللعن ، لمن ادخرها بقبضة البخل ، لا باليد البيضاء التي تنفق على الفقراء.
وهنا يحسن بي أن استعين بمنظومتي البحثية ( ر-ش- مصدرا ومرجعا وباحثا).. فأقول بوجه بحثي وتساؤلي: إن العامل النفسي ، نتيجة لتعقد الحياة العراقية ، وتفشي كل أنواع الخوف والقلق في تفاصيلها وأروقتها ، خلق مااسميه بموجب مصطلحاتي النفسية ( الكآبة الممهدة لهذا المرض)، وهذه الكآبة شكلت جسرا لعبور هذا المرض من بؤره النتنة المجهولة متجها الى مهمته الإستهدافية ، إذ أن الحياة العراقية اجتماعيا واقتصاديا، وبرغم صيحات المصلحين والواعظين ، نجدها فاقدة لثمرة التحسس بها ، فارغة مما اسميه معنى الرواج الاعتباري ، مليئة بالهواجس والشكوك والمخاوف ، مما هيأ ضعفا اجتماعيا واسريا ومناعيا فهجم هذا المرض بكل طاقمه ، فهو بحق صاحب الهجوم الكاسح في عراق الوفيات الطاعونية بثوبها العصري السرطاني ، فما اشد بلاءك ياايوب الجراح!
رحيم الشاهر- كربلاء
AZPPPL