(الزمان) ترافق فاضل ميراني في محور زمار

(الزمان) ترافق فاضل ميراني في محور زمار

شهادة حيّة في جبهات تطهير الأرض الزكيّة من دنس داعش

اربيل – خليل برواري

منذ النصف الاول من حزيران المنصرم تعرض العراق لهجمة شرسة في محافظة الموصل وتلتها صلاح الدين وكركوك من مجاميع داعش الإرهابية التي اعلنت فيما بعد سيطرتها على الموصل واعلان ما تسمى بالدول الاسلامية وخليفتها الماجور ابو بكر البغدادي .. وحاولت في مرحلة لاحقة من هجومها نقل ارهابها باتجاه اقليم كردستان الآمن المستقر في الفديرالية العراقية والذي يمضي نمواً وتقدماً في طريق الديموقراطية وإذا كان لكل جواد كبوة وأنّ لكل ظرف ما يمكن أنْ يحصل فيه من سلبيات فيمكننا الإشارة هنا إلى ما لم يكن في الحسبان وغير المتوقع من انسحاب جرى من بعض من عناصر بقوات البيشمركة في بعض مواقع التماس الساخنة فكان هذا ملتبس التفسير غير أنّ القيادة الكردستانية سارعت وبحزم بالإيعاز الفوري لمحاسبة المقصرين لتتوضح المواقف المبدئية الراسخة والثابتة لهذي القيادة و للبيشمركة وتضحياتهما وطبعاً هنا نود الإشارة إلى أن القيادة توجهت إلى حيث ميادين القتال والمواجهة فكانت القدوة والنموذج بجهودها  وعلى الرغم من كل ما يُذكر عن سر انسحاب بعض العناصر فإن ذلك سيتأكد في ضوء المعالجات القانونية الحاسمة والحازمة.. في حين ينظر المواطنون اليوم إلى الصورة البهية لمساهمة فعالة واستثنائية للقيادة في الميادين…

 وهناك حيث الاقتتال الجاري ما عادت الأمور بحال استباحة وفوضى إرهابية بل جاء ردّ الشعب سريعاً بخاصة هنا شعب كردستان وقيادته الأبية التي توجه فيها زخم التحدي وعزائم التحرير لرد كيد داعش على نحورهم؛ دفاعا وحفاظا على التجربة الكردية البهية.

ومنذ اللحظة الأولى، حث الرئيس مسعود البارزاني الجميع على التحلي بروح المسؤولية  والتكاتف للدفاع عن كردستان ولتطهير ما احتلته قوى الإرهاب من دنس عدوانها الهمجي. ولابد هنا من التذكير بتعقيدات كثيرة جرت ميدانياً وخاصة في ظروف انسحاب القوات الاتحادية وترك الجبهة مفتوحة لقوى داعش مفتوحة لتتجه نحو البلدات الآمنة على تخوم الأرض الكوردستانية.. وفي ضوء تلك التعقيدات ينبغي أن نقرأ الرد الكردستاني، الذي نسلط بقعة ضوء مهمة على أحد أبرز مفرداته.

ففي الثالث من شهر آب أغسطس، توجه القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني الى جبهات القتال بعد مشاورات واستعدادات كثيرة. تحديدا في محور زمار الذي احتلته عصابة داعش والتي عاثت فيه فسادا وانتهاكا للأعراض مثلما فعلت كذلك بسنجار مع الأخوة الأيزيديين والجدير بالذكر ان الاستاذ فاضل ميراني هو من ابناء هذه المنطقة حيث ولد وترعرع فيها وخاض سنوات نضاله وشبابه وقدم تضحيات مشهودة في مجريات الثورة الكردية التحررية ومن ثمّ فهو على دراية كاملة بجغرافيا المنطقة وسكانها وامتداداته مثلما يختزن الخبرات القيادية وفن إدارة المعارك البطولية..

وبالإشارة لتفاصيل الزيارة فإنه فور وصول السيد ميرانى برفقة القوات المخلصة للأرض الزكية الطاهرة، تفقد القرى واطلع على أحوال المهجَّرين من الكورد والمسيحيين  والايزيديين والشبك واجتمع بشيوخ العشائر وبالشخصيات السياسية والدينية على سبيل المثال لا الحصر  بالسيد  عيدو بابه شيخ ونجل أمير الأيزيدية وأكد حرص القيادة على سلامتهم وكرامتهم وأوصل لهم تحيات السيد الرئيس مسعود البارزاني وأسفه لما حصل وتعهد بتحرير كافة القرى من دنس داعش. وهم بدورهم شكروا السيد ميراني على الموقف الإنساني والوطني الحي بوصوله إليهم حيث المواضع المتقدمة الملتهبة في المعركة مع الإرهاب مما اعاد لهم شعور ربان القيادة لم تتركهم بل جات لتكون معهم في نفس الخندق.

كما دعا من فوره لاجتماع مع قادة البيشمرêة والمسؤولين حيث تداول معهم تفاصيل الأوضاع، و حثهم على الاستعداد لتحرير ما احتلته عصابة داعش وإرجاع الأهالي الى قراهم وبيوتهم. وأوعز الى القادة العسكريين بوضع الخطط اللازمة متدارساً معهم التصور الأمثل والأكثر اختزالا للوقت ولإنجاز تلك المهمة السامية ذات الأولوية العليا…

خلال أيام معدودة باشرت قوات البيشمركة البطلة تساندها المجاميع الشعبية المتطوعة من الكرد ومكونات المنطقة من مسيحيين وايزيديين وشبك وبإسناد الطيران الأمريكي مهمة تحرير العشرات من القرى بخطة محكمة وبكثير من السرية. إذ تمَّ إرسال المئات من البيشمركة إلى جبل سنجار لدعم قوات البيشمركة المتواجدة هناك، تلك القوات التي لم تبرح الجبل طوال معارك الالتحام بين قوى الحرية والدفاع عن أهلنا وقوى الشر والجريمة الداعشية.

ولقد تمّ فتح الطريق وتأمينه أمام العوائل ومن ثمَّ جلبها الى أماكن أكثر أمناً. وكان السيد ميراني كما عهدناه مقاتل مثل أيّ بيشمركة اخر يعيش كل تفاصيل اليوم العادي للمقاتلين يأكل مما يأكلون وينام حيث ينامون ويواصل بث المعنويات ورفع الهمم والعزائم ويحث المقاتلين على الذود عن حياض كوردستان؛ فكان لمجيء السيد فاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي الأثر الكبير في رفع معنويات البيشمركة وتطمين الأهالي.. وطوال مدة إقامته زاره الوجهاء في أكثر من مقر ميداني متنقل ومنها مقره في أحد الألوية في (سحيلة) مبادرين للالتحام بتقديم كل الجهد الممكن إلى جانب رفاقهم البيشمركة.. فكنت ترى العشرات يوميا يلتقون بالسيد ميراني يتداول وإياهم بشأن هذه المعاناة التى أول من تألم بها البارتي وقبل الآخرين فهي جرحه الفاغر حتى يعيد الحق لأهله. وعلى الجانب الآخر حيث كان ينبغي رفع صوت الحق وإيصاله لأبعد مناحي العالم، كان يلتقي بالأجهزة الإعلامية العالمية والعربية والمحلية شارحا لهم استعداد البيشمركة ونهوضها بمهمة تحرير ما احتلته عصابة داعش وإنقاذ من وقع تحت جنح ظلامهم وظلمهم. وكان من بين تلك القنوات التي حملت صوت الضحايا بلسان من يحيا معهم ميدانيا حيث صوت الأستاذ ميراني:

اللقاء بقناة سي إن إن الامريكية فتمت مساعدة مراسلي القناة للوصول الى جبل سنجار وتصوير معاناة الأيزديين الفارين من قمع تنظيم داعش وإرهابه وترويعه. كما تميز لقاء آخر مع قناة العربية الحدث .حيث قال ان (هناك مبدأ التدخل الإنساني في القانون الدولي، اي عندما تتعرض طائفة ما او مجموعة اثنية الى حرب إبادة فعلى المجتمع الدولي التدخل لحمايتها او اخراجها بشكل امن دون ان تتعرض الى الإبادة ولكن ما تعرض له الكرد الإيزيديون كان بعكس هذين المبدئيين اي ليس هناك مبدأ الدفاع عنهم ولامبدأ إجلائهم وإنقاذهم من الموت المحتوم حيث هناك المئات وربما الالاف من القتلى والمشردين وحتى بدأت الإنسانية تغض طرفها عن حالات الإغتصاب للفتيات والنسوة) وأكد (كان بإمكان المجتمع الدولي حماية المجموعات الأثنية او الطائفية  ومضت فترة طويلة وما زال الكرد الإيزديون يواجهون الإرهاب والإبادة الجماعية وهناك ذبح وقتل وإغتصاب للنساء وبيعهن في الأسواق ولكن بدلا ان يقوم المجتمع الدولي بواجبه في حماية هذه المجموعة أو إعادتهم الى موطن ابائهم واجدادهم او اخراجهم بسلام وامان الى مناطق امنة ومحمية اي من الإثنين لم يتحقق …..كل اعضاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن هم معنيون بهذا الأمر ومع الأسف الشديد رأينا صمتا وتعتيما حتى في وسائل الإعلام العربية التي تعيش في كنفه هذه الطائفة الإيزيدية حيث أدار مئة مليون مسلم عربي ظهرهم لهؤلاء مثلما اداروا ظهرهم للعراق بأجمعه). وقد اجرى ميراني  عشرات اللقاءات مع القنوات المحلية وما حملته من رسائل تنويرية استهدفت حشد الجهد العام إلى جانب ميادين التحرير والانعتاق.

لقد كانت المعنويات العالية التي أطلقها وجود ميراني مترافقة مع احتفاء بمكانته المميزة في قلوب أبناء المنطقة. ومن هنا كان إبداء الملاحظات يتم بأريحية تامة مع جميع الأطراف ومن دون أن يتدخل في الأمور الاختصاص فلطالما أكد ميراني على أن ملاحظاته هي في إطار لا يصادر المتخصصين بكل ميادين أنشطتهم المتنوعة ومنها  العلوم العسكرية حيث يُبدي ما يراه مناسبا على أساس رؤى القيادة واستراتيجياتها ومنطق الأداء وضبط اتجاهه بما يخدم الجميع ومن هنا تم استقبال تلك الملاحظات بغاية الاهتمام وتم الأخذ بها وبرهنت المجريات على صوابها.

وللإشارة الخبرية، فلقد كان ميراني يتفقد يوميا القطعات العسكرية رافقه فيها باستمرار عدد من المسؤولين منهم زعيم علي المسؤول عن محور زمار وعبد المهيمن البارزاني وتمر رمضان المحافظ السابق لدهوك مطمئنا على أحوال البيشمركة وسبل تذليل الصعاب مؤكِّداً على أنَّ النصر سيبقى حليفا لهم كونهم اصحاب الحق مشيراً إلى أن الرئيس البارزاني ليس بعيدا بل هو في قلب ميدان الحراك برمته وفخامته في اتصال مستمر مع رؤساء العالم والحكومات لجلب الدعم العسكري والسياسي لكردستان..

وهكذا فإنَّ هذه الكلمات كانت بحق هي الكلمة الفعل التي ترفع من معنويات البيشمركة والأهالي كثيرا فلميرانى لقاءات ومواقف مع البيشمركة في جميع الأماكن في محور زمار وكان لا يكتفي بالتحدث اليهم وإنما شاطرهم ويشاطرهم أجواء الميدان ولطالما استعاد وإياهم انتصارات البيشمركة في ثورة أيلول وكولان كيف كانوا يدحرون الأعداء بأسلحة بسيطة ولكن بفضل معنويات عالية وكيف كانوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء مثلما يفعلون الآن وهو معهم اليوم.

لقد دفع هذا الأمر كثيرا من الدول لإبداء استعدادها لمساعدة كردستان ضد هذا التنظيم الوحشي.

لكن أبناء الجبل المقاتلين الأشداء لم ينتظروا للحظة أشكال الدعم مع شكرهم العميق لكل شكل منه بل كانوا يمضون معتمدين تحديهم وعزائم جبارة قوية مكينة.. إن تلك المعنويات كانت من الارتفاع بحيث كانوا يسجلون توثيقا لمجريات الحدث ولا يغفلون عن اعتزاز بالتقاط الصور مع سيادته مبتهجين بوجوده بينهم في الجبهات الأمامية. ولربما ستأتي التفاصيل في وقت قريب غير أن اللحظة الراهنة يمكن أن نذكر فيها من تلك الزيارات لجبهات القتال زيارة الأخوة الأيزيدية واللقاء بمسؤوليهم إذ أبدى  استعداده لتحرير كافة القرى لكي يعود أهلها اليها ولحظتها فقط يمكنه العودة لمكتبه بعد أن يحتفل وجمهور الناس بميادين الانتصار. أما اليوم فتقديم كافة الخدمات لإيوائهم هي من الأولويات التي جرت يوميا. فالمتابع لحركة الأستاذ ميراني يراه لا ينام الليل إلا قليلا منهمكا بأنشطة واتصالات مهمة مع قادة الجبهات من البيشمركة مطلعا على مواقفهم وحاجاتهم ومتطلبات الميدان لحظة فلحظة.. حيث استشهد عدد من الفدائيين البيشمركة وهو ما دفعه لواجبات أخرى من قبيل مواساة عوائل الشهداء والعيش قريبا منهم دعما وتفاعلا. وفي النهار كنت تراه متنقلا بين هذه الجبهة وتلك ويزور القرى التي كانت تتحرر.

لم يكن ميراني وحده حاملا هم النازحين ومواظبا على اسنادهم وتقويتهم  بل يتضح ان روح الكوردايتي والانسانية تتغلب على عائلة الاستاذ ميراني حيث ان حادثة  سقوط طائرة الهليكوبتر والتي كان على متنها النائب من البرلمان العراقي عن المكون الايزيدي الانسة فيان دخيل  كان معها في ايصال المساعدات نجل ميراني الشاب يادكار  هذا الشبل فابن ميراني هو الآخر تطوع ان يذهب مع الطائرة ليوزع المساعدات الانسانية والطبية على النازحين وبعدها ينقل من جبل سنجار من بقي فيه عالقا ولكن عدد الذين صعدوا الى الطائرة فاق  حمولتها  فكانت نتيجتها سقوط الطائرة واستشهاد قائدها وإصابة النائب فيان دخيل وأدت الى إصابة نجل الاستاذ ميراني  السيد يادكار  بإصابات خطيرة نقل على اثرها مباشرة الى المستشفى ليعالج فيها. وحين وصول خبر سقوط الطائرة الهليكوبتر الى الاستاذ ميراني كانت ابتسامة العزيمة عند السيد ميراني هي الرافع للهمم والمعنويات قائلا ان ابني واحد من ابناء هذا الشعب حتما سيصيبه مثلما اصاب الاخرين من اخوانه بهذه الكلمات والمواقف اثبت ثانية الاستاذ فاضل ميراني انه وعائلته فداء  للشعب والوطن .

وعلى الرغم من كل ما حدث ويحدث تبقى أفواه المتربصين مفتوحة على قيادات الحزب الديموقراطي الكوردستاني.  وهنا أود ان استثمر هذه الاوراق لتكون جوابا على الطابور الخامس وعلى كل من يحاول بصورة او أخرى الاصطياد في المياه العكرة محاولا ان يقلل من شأن القيادات الكردية دون ان يدري أنّ محاولات التضليل والإيحاءات المريضة أو الإشارات بأصابع الاتهام المغرضة بحق الحزب الديمقراطي الكردستاني وبمختلف التشويهات سيرد عليها الواقع وها هو واقع اليوم العادي للكردستانيين وواقع ميادين المجابهة مع الإرهاب يجيب رفضا للمزايدات باسم القومية في كوردستان ونقول ان الارض مفتوحة لمن يبارز ويرينا ما يستطيع تقديمه فعلا وليس من خلال الكلمات والنقد المفبرك مرضيا ونحن لا اشكال عندنا ان تمتدح او تعمل الدعاية لأي حزب تفضله ولكن ليس من الصحيح ان تشوه الحقائق على حساب ارض مجروحة فلنترك المزايدات الكلامية الان ولتكن جهودنا المخلصة كلها في الدفاع عن الارض والعرض ومن يشارك في جبهات القتال في الصمود ضد الاهوال يجب أن يكون بالأفعال وليس بالكلمات ولا بتشويه الاخرين وتكبير الاقزام.. نعم هناك في كل حرب أبطال وجبناء، هناك  مخلصون ومتخاذلون؛ هناك انتصار وهزيمة وهناك تجار للحروب ومصادرة للإنسانية عبر الطابور الخامس وأضاليله وإعلام الفاسد.. لكننا هنا الصوت الحر الذي ينقل ما يدور ميدانيا هناك من حيث يحيا الناس ويعيشون الألم والأمل..

وفي ضوء هذي القراءة العجلى ربما قرأنا سريعا موجزا للحظات غنية من زيارات ميراني أحد القادة الذين عاشوا ويعيشون تفاصيل الواقع فعليا ميدانيا..  وحيث لتلك الزيارات الأثر الكبير في تعزيز الجبهات وشعور الأهالى أن مجيء ميراني مع بقية رفاقه في القيادة الكردية لهو عامل خير واسراع بإرجاعهم الى قراهم وكنس دنس قوى الإرهاب نهائيا من أرضنا المقدسة.

مشاركة