حوار مع الناقد الكبير شوقى بدر يوسف:
الرواية ثورة مستمرة تستند إلى التخييل والتأويل – نصوص – حاوره – عذاب الركابي
شوقي بدر يوسف ناقدٌ روائي- يعتمد ُ كثيرا ً على ذائقته ِ المهذبة ِ بثقافة ٍ غزيرة وهادئة .. وفي تحليلاته – وهوَ يربض ُ في أعماق النصّ القصّصي والروائيّ
يتوّج ُ رؤياه ُ هوَ – غير خاضعة لمنهجية ٍ مكبلة ٍ بصيغ ٍ تقليدية – أوْ جاهزة لا ترقى إلى عالم ِ النصّ القصّصي والروائي .. ناقدٌ يحتكم ُ إلى ذائقته ِ وثقافته ِ ويُقيّم من خلالهما العمل الذي يقرأ ويُحبّ .. وهوَ منحاز ٌ دائما ً إلى العمل ِ الأدبي – لذلك َ هوَ في حالة ِ بحث ٍ دائم ٍ عن نصّ ٍ جديد – يطرح ُ من خلاله ِ أسئلته ِ .. – لا يبحثُ عن اسم ٍ يسعى بعض النقاد ِ إلى إحيائه أوْ ترميمه ..- بلْ عن الجديد – لا يهمّه ُ مَنْ يكون – من المشرق ِ أوْ من المغرب ِ – كتبَ دراسات ٍ مهمة عن روائيين مصريين .. وروائيين عرب لمْ يرهم – ولمْ يلتق ِ بهم – ولكنّ أعمالهم هي التي حجزت لهُ تذكرة السّفر إليهم ..- وهي التي رتّبت بينه وبينهم هذا اللقاء عبرَ زورق ِ ذائقته ِ الهادئ ..
الناقد ُ الكبير – شوقي بدر يوسف ينفي تماما ً عن النقد ِ تهمة الإهمال .. والكسل .. والتقصير في متابعة ما يصدرُ من أعمال إبداعية – أوْ أنّ النقد لا يواكبُ هذه ِ الأعمال..- ومتابعته ُ وكتاباتهُ هو تؤكد ذلك ..- وتبرّر دفاعه عن النقد ..!
ناقد ٌ منحاز ٌ أبدا ً إلى العمل الإبداعي – بعيدا ً تماما ً عن النفعية .. والمصلحة .. والمجاملة ..- وهذا ما جعل َ كتاباته ُ تتسم ُ بالجدية ِ والموضوعية ِ – وتخلو من التفخيم والتهويل والإطراء..!!
من الكتب ِ التي صدرَت لهُ : الرواية في أدب سعد مكاوي1990 تطور القصّة القصيرة في الإسكندرية 1990متاهات السرد-دراسات في الرواية والقصة القصيرة 2000 وجبل الثلج العائم .. وكتاب الرواية والروائيون 2006 م وله ُ عديد الأعمال والدراسات النقدية تحت َ الطبع .
{ يقول أدونيس ” النص هو قراءته ” قل كـــــــيف تقرأ النص القصصي والروائي ؟؟ وما طقوس قراءتك ؟
– قراءتي للنص القصصي والروائي هو نوع من التفاعل معه تماما من جوانب كثيرة أولها اللغة والقضية المثارة داخل النص والشكل الفني..
ومقولة أدونيس هي مقولة معمقة الى ابعد الحدود فبدون قراءة النص يفقد النص أهم عناصره وهي قابليته للوجود .
العمل ُ الروائيّ هوَ شريحة ٌ من الحياة
{ اهتمامك منصب كناقد على العمل الروائي بالذات .. لماذا ؟ هل أنت من الذين يقولون إن الزمن زمن الرواية .. وأن الرواية ديوان العرب ؟ فسر لى هذا الاهتمام بالرواية ؟؟
– ينبع اهتمامي بفن الرواية إلى أشياء متعددة هو أنني مولع بهذا الفن منذ زمن بعيد- ثانيا أن العمل الروائي هو شريحة من الحياة جاذبة تتيح لك الاقتراب من عوالم مبهرة لذا يعتبر التفاعل معها من الأمور الأساسية عند المتلقي خاصة إذا كانت هذه العوالم تحمل داخلها قضايا تمس الواقع وتبلوره .
وربما كان لصدور كتابى الأخير ” الرواية والروائيون ” والذي حاولت فيه أن أبرز العلاقة بين الروائي والرواية من خلال بعض الدراسات التطبيقية لبعض النصوص الروائية- إضافة إلى ما صدر لى عن كل من ضياء الشرقاوى وسعد مكاوي ومحمد جلال في مجال الروايية يعطي انطباعا على اهتمامي الزائد بهذا الفن . ربما يكون هذا الجزء الغالب من اهتماماتي- ولكني أهتم أيضا بفن القصة القصيرة ولي فيها دراسات كثيرة كما صدر لي فيها كتب عدة منها تطور القصة القصيرة في الإسكندرية- وهاجس الكتابة- وجبل الثلج العائم- ومتاهات السرد وجميعها دراسات في مجال القصة القصيرة وهي تتناول الجانب التطبيقي لإصدارات عدد من المبدعين في هذا المجال . وفن الرواية والقصة القصيرة صيغتان تندرجان تحت الصيغة الكبرى وهي ” السرد ” والدخول في هذه المنطقة يعتبر دخولا في اللامرئى من النص والمناطق الاستدلالية لظاهرة الحكاية حيث متعة الحكي والتلقي هي السائدة في هذا المجال وحيث اكتشاف الأشياء في المتن القصصى والروائى بما يتيح النظر من بؤرة صغيرة إلى عالم مدهش ومبهر في عالم الرواية- وإلى لقطة سريعة من الواقع في فن القصة القصيرة .
أما المقولة التى تحدد أن الزمن هو زمن الرواية وأن الرواية هي ديوان العرب الجديد فهي مقولة تغبن وتظلم جانباً حيوياً من جوانب السرد وهو فن القصة القصيرة الذي لا يقل حيوية وعطاء عن فن الرواية- بل ويمثل الآن في اعتقادي منطقة مزدهرة من الفن السردي .
البناء الفنّي في الرواية هو َ العنصر الأساسيّ
{ يقول الروائى المتمرد هنرى ميللر : ” كل فنان يستهويه التكنيك الفني ” .. كما يقول صنع الله إبراهيم ” التنكنيك هو الأهم ” .. ما الذي يستهويك في العمل الروائى ويشدك إليه ؟
– التكنيك هو استخدام بعض طرائق في الكتابة للوصول إلى الشكل أو البناء الفني الذي يرتأيه الكاتب لعمل الإبداعي .. والشكل في العمل الأبداعى في تطور مستمر تبعا لتطور التكنيك المتبع في الكتابة . وربما الكاتب الأمريكي هنري ميللر موفق في مقولته- فكل كاتب أو فنان يستهويه التكنيك المستخدم في فنه وهو يحاول أن يجرب في إبداعه من هنا نشأ التجريب- ولكل طريقته في التعبير .. ولا شك أن الشكل الفني للإبداع بعد هذه السلسلة المتواترة من التجريب الذي دخلت ساحة الإبداع أصبح في حد ذاته هو صلب المضمون وأحد قضاياه الأساسية . كما أن مقولة صنع الله إبراهيم ربما هي تمثل له شخصيا نوع من التفرد في عالمه الروائى حيث يستخدم صنع الله إبراهيم تكنيك الوثيقة المستمدة من الواقع في أعماله الروائية ويشترك معه في هذه الخاصية عدد من المبدعين في مجال الروائية ربما أبرزهم يوسف القعيد . والذي يستهويني في العمل الروائي ويشدني إليه ربما هو في المقام الأول الشكل أو البناء الفنى للكاتب فهو العنصر الأساسي الملف للنظر في إبداع هذا الكاتب يليه اللغة ثم هناك عناصر أخرى كالشخصيات ورسمها والمكان والزمان وتوفيق الكاتب في إبرازهما في نصه . كما أن هناك جوانب أخرى مثل أسلوب تيار الوعى والمونولوج الداخلي والفلاش باك وغير ذلك من أساليب الكاتبة التى يتبعها الكاتب في عمله الروائي . وكل هذه العناصر تشترك في إبراز القضية الأساسية التى يريد الكاتب التعبير عنها وبلورة رؤيته تجاهها . كما إني أحيانا ابحث داخل النص على أكثر من معادل موضوعي يريد الكاتب أن يبثه داخل النص وربما يكون أيضا قد جاء معه بطريقة عفوية لم يقصدها في تنضيده لهذا النص .
النقدُ الوجه ُ الآخرُ للإبداع
{ النقد دائما متهمٌ إما بالتقصير عن مواكبة الأعمال الإبداعية شعرا وقصة ورواية ومسرح أو بالإنحياز بدافع النفعية والمصلحة لشخص ما .. أنت ماذا تقول ؟ كيف نقرأ نقدا جادا .. يهدف إلى الإرتقاء بالنص والكاتب معا ؟؟
– لا شك أن إشكالية النقد هذه إشكالية مزمنة . وربما يكون تساؤلك حول إتهام النقد بالتقصير نبع اساسا من هذه الإشكالية . فكثيرا ما كنا نسمع من كبار النقاد على صفحات الدوريات أن هناك أزمة نقد . وأن هذه الأزمة تطول الساحة الإبداعية على اتساعها- وأن الأعمال الأدبية لا تلقي الرعاية الكافية من النقاد وأن النقد لا يتم إلا مع إبداعات كبار الكتّاب فقط- حتى قيل مثلا أن نجيب محفوظ يحجب النقد عن بقية الكتّاب . وأنا لي رأي آخر حول هذا الموضوع .
فالنقد هو بالدرجة الأولى الوجه الآخر للإبداع- ولا شك أن تنوع مدارسه وتياراته ومناهجه- والمناداة بمشروع نقدى أو نظرية نقدية عربية حديث كثر الخوض فيه وكثر الجدل حوله . وفي كثير من الأحوال ينشأ للمتن الإبداعى نصا أو أكثر موازيا له يتناوله بالنقد والتحليل . وهو ما نسميه بالنقد التطبيقي . والساحة الأدبية ليست مفلسة إلى الحد الذي نتهمها بالتقصير حيال الجانب الإبداعي . ولكن الجانب السلبي في هذا الموضوع ينشأ من قلة عدد النقاد بالنسبة لعدد المبدعين في شتى الأجناس الأدبية وعدم ظهور الناقد المتخصص في جنس واحد إذ يلجأ كثير من النقاد إلى الكتابة في شتى المجالات . مع إن ظهور الناقد المتخصص يجعل النقد جادا إلى أبعد الحدود- ومناهج النقد متعددة- ولكن ما هو الأمثل في تطبيقه على النص الإبداعي- والنص الإبداعى في رأيي هو الذي يفرض منهجه من داخله- فهناك المنهج التكاملى والمنهج الانطباعى والرؤى الجديدة في النقد والتى دخلت إلى الساحة على يد ببعض المدارس الغربية مثل البنيوية والشكلانية ومدرسة براغ والنظريات المتعددة في النقد الأدبي الحديث مثل نظريات علم النفس وجماليات الفن والأدب وغيرها من التيارات والمدارس النقدية . ولكن السؤال المهم الآن . أين نحن من تراثنا النقدي العربي في النقد التطبيقي وما هو مستقبل النقد الآن . خاصة وأن النقد كما هو معروف له عدة تقسيمات منها المتابعات النقدية السريعة على صفحات الدوريات والنقد الأكاديمي الذي يدّرس في الجامعات والنقد البحثي الذي يقوم به بعض نقادنا المهتمين تجاه الإبداع في شتى أجناسه . وكما قال سانت بيف يوما عن النقد بأنه خادم للأدب . لذا نجد أن الغرب الآن يولي اهتماما خاصا بالنقد على حساب الأدب نفسه . وهنا معارك كثيرة دارت بين المدارس والتيارات النقدية المختلفة كل يتشيع لمنهجه- بل إن هناك تطوراً تقنيا ً كبيرا ً في ساحة النقد ومناهج متعددة صاغها كبار النقاد في العالم مع ظهور نظريات جديدة تحاول أن تجعل مهمة النقد الأساسية هو إلقاء الضوء الشديد التوهج على النص الأدبي وتوسيع نطاق اتصالنا به . وكما يقال فإن العمل الأدبى هو البداية كما أنه أيضا هو النهاية .
{ بعض الكتّاب العرب الكبار لا يفهمون شيئا من النقد الذي يكتـــــــب عنهم .. لماذا ؟ كيف ترى النقد الاستعراضي المتعالي الذي لا تسمع منه إلا قرقعة المصطلحات ؟
– لا شك أن دخول مصطلحات كثيرة داخل ساحة النقد كان آخرها الحداثة وما بعدها وبروز تيارات ومدارس نقدية بعضها يستخدم أسلوب الأحصاء في النقد ربما صعب المهمة بعض الشيء في فهم النص وتحليله ليس عند المتلقى فحسب بل وعند الكاتب أيضا وأنا اذكر أن أديبنا الكبير نجيب محفوظ قد صرح مرة بأن هناك مدارس نقدية لا يفهم منها شيئا . وهذا طبعا لا يغلق الباب أمام محاولات التأقلم ومجاراة هذه المدارس والتيارات إذ أن النقد الحديث هو سلسلة من المحاولات للإقتراب من النصوص من زوايا متعددة يكون فيها الكاتب والنص والمتلقى هم العناصر الأساسية الذي ينبع منها النقد .
هناك كتّاب الساحة الإبداعية
بدونهم خاليّة
{ مِن الروائيين المصريين والعرب مَنْ يجذبك .. وتنتظر أعماله بفارغ الصبر .. مَنْ مِن الروائيين من تريد قراءته ولم تحصل على أعماله ؟؟
– الساحة السردية العربية والمصرية كلها تجتذبني إليها برافديها الرواية والقصة القصيرة وأنا لا استهتر بأي كاتب له قلم يكتب به فأحاول أن اقف أمام عمله أيا كان مبتدئا أو متمرسا . وبطبيعة الحال هناك كتّاب أشعر أن الساحة الإبداعية بدونهم تعتبر خالية – كان على رأسهم أديبنا الكبير نجيب محفوظ رحمه الله . والعالم العربى مليء بالأسماء الكبيرة التى لها وزن في مجال السرد في مصر وسوريا ولبنان والأردن والسودان والمغرب وليبيا وتونس والجزائر والسعودية والكويت واليمن ودول الخليج ولا أستطيع أن اعدد الأسماء التى يمتلئ بها العالم العربى في هذا المجال فلو أخذنا من كل بلد كاتبا أو اثنين نجد في مصر إدوار الخراط وإبراهيم عبد المجيد على سبيل المثال في سوريا نبيل سليمان وممدوح عزام وفي لبنان حنان الشيخ وحسن داود وفي السودان بطبيعة الحال الطيب صالح وأمير تاج السر وفي ليبيا نجد كثيراً من المبدعين في مجال السرد أمثال الكوني والفقيه وحسين خليفة مصطفى وسالم الهنداوي وزياد على وسالم العبار ومحمد الأصفر وغيرهم كثيرون وفي المغرب زفزاف وبراده ومحمد شكرى والطاهر بن جلون وفي تونس صلاح الدين بوجاه ومحمود المسعدى والبشير بن خريف وغيرهم وفي الخليج نجد في السعودية يوسف المحيميد وعبده خال وإبراهيم الناصر حميدان وفي الكويت إسماعيل فهد إسماعيل وليلى العثمان وفي اليمن محمد عبد الولى وزيد مطيع دماج وغيـــــــــره العالم العربى مليء بأسماء كثيرة من المبدعين في مجال السرد وهي أسماء كلنا ننتظر إبداعها بعضها رحل والبعــــــــــض لا زال عطاؤه مستمرا.
التجريب ُ صنو التطور
{ يقول ميلان كونديرا في كتابه ” فن الرواية ” ” أنا تجريبى ! ” ما رأيك ؟ لماذا يتخّوف أصحاب الأذهان التقليدية من التجريب .. ؟؟ ألأنه يحمل الجديد والمثير وهم عبيد السائد والمألوف فسر لى تخوفّهم وحربهم ضد التجريب .. ؟؟
– التجريب هو الدخول في مناطق غير المألوف- وهو صنو التطور- والكاتب بدون أن يجرب ويطور إبداعه سيصبح تقليديا بحيث يشده ذلك إلى الملل والرتـــــــــــــابة في أعماله .
ولاشك أن العالم كله الآن يجّرب في شتى المجالات وكان نتاج هذا التجريب هو ظهور ظواهر جديدة في شتى المجالات- والتجريب في الأدب يعني التجديد والتطور .
{ بعد كتابك ” النقدى الرائع ” الرواية والروائيون ” ماذا نقرأ من جديد للناقد الكبير الأستاذ شوقى بدر يوسف ؟
– لما كانت اهتماماتى الأساسية تنصب على النقد التطبيقي في مجال السرد ” الرواية والقصة القصيرة ” حيث اعتبر هذا المجال هو عالمى الخاص المعنى بالنص وروافده المختلفة من كافة جوانبه . لذا أحاول قدر المستطاع أن يكون هذا العالم متنوعا ً وواسع المدى يشمل القريب والبعيد وهو كحلقة صغيرة تبدأ من المجتمع الأدبي المحيط حيث تتسع لتشمل مصر ثم تتسع بعد ذلك لتشمل العالم العربي ثم تتدرج في الاتساع لتشمل العالم كله . وأنا لا أدعي لنفسي هذه الشمولية ولكنها محاولات أحاول فيها أن يكون التخصص في مجال السرد متابعا لكل ما يهمه في هذا المجال . وقد صدر لى بعد كتاب “الرواية والروائيون” كتابي “هاجس الكتابة” و”جبل الثلج العائم “وهما عبارة عن دراسات في القصة القصيرة . وأعد كتابين جديدين الأول عن الرواية العربية تحت عنوان ” غواية الرواية ” والثانى دراسات عن الرواية في الأسكندرية والأسكندرية في الرواية تحت عنوان ” المدينة الروائية ” وهو دراسات عن كتّاب سكندريين من خلال إبداعهم الروائي وكذلك المكان السكندري في الرواية المصرية والعالمية . وأعتقد اننى بتخصصى في هذا المجال قد أعطاني رحابة وسعة في التناول أرجو أن تكون مؤثرة ومتفاعلة مع حركة السرد التى تسير سيرا مضطردا الآن في العالم العربى .
.بؤرة اهتمامي في مجال السرد..وهو همّي الوحيد.
{ أعمالك الصادرة مثل متاهات السرد – جبل الثلج العائم – الرواية والروائيون – غواية الرواية وغيرها الا يورطك هذا الاهتمام بإشكال مع بقية الفنون وموقف من قبل المبدعين الأخرين ؟
– انا مؤمن بنظام التخصص واقرأ في جميع المجالات ولكن بؤرة اهتمامي هي في مجال السرد وهو همي الوحيد الذي أعايشه واكتب عنه وأحاول قدر الإمكان توثيقه ألكترونيا وهذا لا يورطني بل بالعكس فهو يعطيني خصوصية في التناول من خلال هذا التخصص وهذا الاجتهاد في مجال واحد والانفتاح على الساحة السردية في العالم شيء مذهل للغاية- خاصة وأن هذه الساحة تعطي الكثير لفنون السرد في القصة القصيرة والرواية والسيرة الذاتية وكل يوم نرى الكثير ونسمع عن اسماء جديدة لم نكن نسمع عنها من قبل خاصة من خلال العديد من الجوائز المتناثرة في العالم وعلى راسها نوبل التى فازت بها هذا العام الألمانية هارتى موللر وهي روائية لم نكن نسمع بها من قبل في عالمنا العربي على الاقل ناهيك عن الاسماء التي تطرح في البوكر في بريطانيا والجونكور في فرنسا والبوليتزر في امريكا وسرفانتيس في اسبانيا وغيرها من الجوائز الرفيعة المستوى. وموقفي من المبدعين هو موقفي من الحالة كلها وانا اهتم بالجميع واحاول الا اغمط قدر احد فلكل ثقافته ورؤيـــــــــــــته ومقدرته الفنية حسبــــــما قرأ ومخزونه المعرفي الذي تملكه وهو ما يظهر وينعكس على ابداعه ويحـــــــسه الناقد والمتابع الجيد كما يشعر به جيدا المتلقى في ذائقته الخاصة في هذا المجال.
الرواية هي محور العلاقة بين الذات والعالم
{ لاحظت من خلال علاقتنا الحميمة ومتابعتي لاعمالك النقدية اهتماما كبيرا بالرواية المصرية والعربية والعالمية هل الرواية التى تقول كل شيء اما الرواية التى قال عنها سانت بيف انها “تكتسح كل شيء”.
– الرواية كما قلت في مقدمة كتابي الرواية والروائيون انها محور العلاقة بين الذات والعالم وبين الحلم والواقــــــــــــع ولانها فن التخييل الذي يثري الحياة والذي يحمل من التأويلات ما يجعل عقل الانسان في ثورة مستمرة ولأنها هي الخطاب الاجتماعي والسياسي والايديولوجى المتوجه دائما نحو حشد من الاسئلة التى تاخذ من الانسان والطــــــبيعة والتاريخ محاور موضوعاتها لتعيده الينا رؤى ووعيا وبنى جديدة تضيء وتوهــــج الواقع وتضع له اطرا تحدد به طريق الخلاص في هذا العالم لذا كان لزاما ان تتوجه الانظار الى الابداع الروائي لتحفر في أنسجته المختلفة. لذا فقد تحققت من خلال ذلك مقولة الناقد الفرنسى سانت بيف بان الرواية تكتســـــــــــح كل شيء – وأن الرواية كما نرى الآن هي الحاضرة وبكل قوة على الساحة السردية ليس في العالم العربى فحسب بل في العالم كله.

















