الروائي المصري عمرو الجندي لـ الزمان لا حقيقة واضحة من دون ألم

الروائي المصري عمرو الجندي لـ الزمان لا حقيقة واضحة من دون ألم
فتحى المزين
فى البداية كان يجلس هادئا وهو يرشف قهوته مبتسما، الأديب المصري الشاب عمرو الجندي، عضو اتحاد كتاب مصر الذى درس الأدب الإنجليزى بجامعة ليفربول و تصدرت أعماله المبيعات لأسابيع متتالية مع كل عمل يصدر له كما تم اقتناء أعماله لجامعات عالمية مثل جامعة كورنيل وبرنستون وانتهاء بأكبر الجامعات العالمية مكتبة جامعة الكونجرس الأمريكية، جدير بالذكر أنه المرشح الأبرز لجائزة الشيخ زايد فى دورته الثامنة 2013 ــ 2014 فى فرع المؤلف الشاب عن رائعته الأخيرة رواية 313 والتى تصدرت أعلى مبيعات الروايات المصرية منذ تاريخ صدورها منذ أقل من شهروحتى الآن، وإن تحدثنا عنه إنسانيا، فهو محبوب جدا بين زملائه الأدباء فى الوسط وكذلك يعشقه محبيه لخلقه وتواضعه ولفتاته الإنسانية التى لا تخطئها عين .وبعد أن رحبنا به مع فنجان القهوة سألته
ما قصة الرقم 313؟
ابتسم وهو يقول هذا الرقم تحديت به نفسى، فأنا أكره هذا الرقم كثيرا ولذلك خضت تلك التجربة من خلال روايتى الأخيرة والتى تحمل نفس الإسم، رواية 313 هى رواية نفسية أحداثها معقدة ومتداخلة ولكنها تحمل الألم وشىء من الغموض، رقم 313 ما هو رمزية داخل أحداث الرواية، فمع اكتشاف حقيقته تكتشف حقيقة أشياء كثيرة كالحب والإيمان والإنسانية والألم ووجودنا من الحياة.
ماذا ترى فى قول البعض بأنك قدمت لهم أدبا غربيا وليس عربيا من خلال رواية 313؟
ابتسمت حينما ردد البعض ذلك، ولا ألومهم، فالأمر جديد عليهم نسبيا، فمثل هؤلاء ينظرون بتشكك الى الأدب عموما، فمصيبتنا أننا حينما نأخذ القارىء إلى خارج أسوار الحدود العربية تحولت إلى متشبه بالغربيين وفى الحقيقة أنت تثبت أنك أفضل منهم، وأريد أن أسألهم، كيف وصل لنا باولو كوبلو وستيفن كينج ودان براون، إنهم يتحدثون عن حالات عامة قد تحدث فى أى مكان، وهذا ما أطلق عليه اللغة العالمية، التى تتماشى أحداثها مع أى مكان فى العالم.
ولماذا لم تستعن بشخصيات وأماكن عربية مثلا لكى تتجنب الوقوع فى هذا النقد؟
لاننى سأخسر مصداقيتى بكل تأكيد، فالرواية برمتها لا تصلح على الإطلاق فى مكان عربى أو بشخصوص عربية، لأن الحالة التى أناقشها، تحتاج لبيئة مختلفة وأسلوب مختلف فى العلاج، ولكن هذا الإطار العام ولكن الجوهر يكمن فى عمق الرواية نفسها، والدليل أنها الحمدلله نجحت وتصدرت المبيعات ولو كان القارىء يرى أن الرواية لا تعبر عنه، ما حصدت الرواية كل هذا الإعجاب وما ترشحت لجائزة الشيخ زايد فى دورته الثامنة
حدثنا عن ترشحك لجائزة الشيخ زايد فى دورته الثامنة؟
سعيد جدا بترشحى لهذه الجائزة القيمة، مجرد الترشح هو شرف خاص لى ككاتب مصرى، ودفعة كبيرة لأقدم ما هو أفضل بإذن الله فى أعمالى القادمة، أعتقد أن النجاح فى حد ذاته أمر مرعب للغاية.
ولماذا تعتقد أن النجاح أمرا مرعبا؟
لأن النجاح يتطلب فى المرة القادمة نجاحا أكبر ويحملك مسئولية أكبر، وهذا أمر شاق للغاية خصوصا إن تعلق الأمر بالإبداع، العملية برمتها مرهقة ومخيفة ولكن هذا ما يجعلنى دائما أحسب خطواتى، فالنجاح من وجهة نظرى لا يتوقف على الموهبة وحسب بل على ذكاء الكاتب وترتيب أوراقه بالشكل الذى يؤهله لاختيار موضوعاته بدقة.
هل تحلم بالعالمية؟
لا يوجد مبدع على وجه الأرض لا يحلم بالعالمية، فمجد الكاتب الحقيقى هو أن يكتب فى أقصى الشرق قيتاثر بكلماته من يعيشون فى أقصى الغرب.
فى روايتك الأولى فوجا هوجمت هجوما عنيفا ومع ذلك نجحت الرواية وكانت من الكتب الأكثر مبيعا فما كان رد فعلك تجاه هذه الانتقادات اللاذعة؟
فى البداية حزنت جدا، للأسف نحن فى مجتمع يحارب الموهوب حتى يحبط، ولكن بعد ذلك جلست مفكرا فيما سأفعله، وبدأت أقرأ الانتقادات بهدوء، البناءة بكل تأكيد، وعالجت الكثير من الأخطاء فى روايتى 9 ملى ، وقلت لنفسى جملة واحدة لو كانت الرواية دون أهمية لمّ اهتم بها كل هذا الكم من المنتقدين والقراء، فهذا دليل واضح على نجاحى
مؤمن بنفسك رغم الانتقادات وما نعلمه من مصادرنا أن الهجوم ازداد حتى بعد 9 ملى؟
وهذا ما أزاد إيمانى بنفسى، لا نجاح فى شىء على الاطلاق دون إيمان وعمل
حدثنا عن دراستك مع جامعة ليفربول؟
ضحك بشدة ثم قال إنها حكاية غريبة بعض الشىء، فلم أكن أنوى أن أدرس الأدب ولكن بالصدفة وأنا أعيش بالكويت كان جارى هو مدير الأكاديمية البريطانية وتعارفنا ونمت ما بيننا صداقة وقد علم بأننى أهوى الكتابة واصطدم بكتاباتى الإنجليزية وحاول مساعدتى واقناعى بالدراسة، ولكن فى الحقيقة كنت مشغولا جدا بعملى ولم تكن الكتابة مسألة احترافية بالنسبة لى ولكن بعد محاولات مستميتة لاقناعى قررت أن أدرس أون لاين، ولا تتصور أن تجلس مستمعا لمدة عام كامل، كان الأمر مشوقا ولكنه مملا فى الحقيقة وبعد ذلك وجدت نفسى مؤمنا بكل ما أفعله خصوصا بعد أن ارتقى أسلوبى بشكل ملحوظ وقررت اتخاذ الكتابة كاحتراف بالفعل.
يقول النقاد والصحفيين عن رواية 313 بأنها رواية الألم والغموض يا ترى لماذا؟
كما حدثتك من قبل، الرواية ممتلئة بالألم، فأنا مؤمن تماما بأن لا حقيقة واضحة دون ألم، فكلما كان الألم عميقا كلما كانت الحقيقة أكثر وضوحا، أما عن الغموض فهذا ما يتميز به قلمى، فوجا و 9 ملى، كان الغموض هو سيد الموقف، التيمة الأساسية التى دائما ما أستخدمها فى أعمالى لتعطى لها بريقا خاصا يدفع القارىء لاستكمال الرواية حتى الصفحة الأخيرة دون ملل، بالاضافة أن لولا الغموض فى حياتنا ما دفعنا أنفسنا دفعا الى الأمام لمعرفة الحقيقة.
تبلغ من العمر ثلاثون عاما ورواياتك تصنف من روايات الكبار، كيف ترى هذا الأمر؟
أراه سخيفا للغاية، فلا يوجد للإبداع سن معين، ولا توجد كلمة كبار وصغار، فالكبير كبير بفنه، ولدينا كتاب من الشباب ينافسون على المراكز الأولى سواء على مستوى الجمهور أو على مستوى المسابقات، موتسارت أدار اوركسترا كاملة وهو ابن السابعة ،وألف أول سميفونية وهو فى التاسعة من عمره، أديسون ونيوتن وغيرهم غيروا مجرى التاريخ وهم فى ظل الشباب، الإبداع غير مرتبط بعمر معين على الإطلاق.
من من الكتاب الشباب الذى ترى فيهم هذا الإبداع؟
كثيرون جدا فى الحقيقة، عصام يوسف، أحمد مراد، شيرين هنائى، حسن الجندى، ومحمد مصيلحى وأميرة عز الدين، أحمد عبد المجيد، عمرو المنوفى، المستشار أشرف العشماوى، سارة البدرى، شريف ثابت، لا أريد أن أنسى اسم أحدهم مع حفظ ألقاب من ذكرت بكل تأكيد، فهم جميعا مبدعين وعلى المستوى الشخصى هم روعة لا تنتهى.
من مصادرنا الخاصة علمنا أنك فى صدد نشر عمل جديد مع انطلاق معرض القاهرة الدولى للكتاب لعام 2014؟
هو ليس جديد ولكنه عمل تم اعداده منذ فترة وأقوم الآن بانهائه وهو عبارة عن مجموعة قصصية تناقش بعض الأمراض النفسية النادرة والخطيرة بشكل أدبى لا يخلو من الإثارة والغموض وأعتبره مجرد استراحة للقراء حتى صدور روايتى الجديدة إن شاء الله مع نهايات عام 2014.
من أكثر الناس تأثيرا فى مسيرتك حتى الآن؟
لا أستطيع أن أطلق عليها مسيرة، فأنا لم أصدر سوى ثلاث روايات، نجحت ولكن ما هو قادم أصعب وأخطر بكثير وأنا موقن بذلك ولكن أريد أن أشكر الإنسان الرائع صاحب دار نشر الرواق للنشر والتوزيع، الأستاذ هانى عبدالله على ما قدمه لى من دعم خلال الفترة السابقة وحتى الآن كما أود أن أشكر أمى وخطيبتى وأخوتى اللاتى وقفوا فيها بجوارى فى أوقات أصبت فيها بالاكتئاب، وأشكر الدار المصرية اللبنانية على تعاونها معى فى رواية 313 وأخيرا وليس آخرا أشكر كل القراء الذين قدموا لى الدعم، فأنا أحبهم جدا وأتمنى أن أكون دائما عند حسن ظنهم بى.
كيف ترى عمرو الجندى بعد خمس سنوات من الآن؟
ابتسم ثم فكر لوهلة ثم قال أراه أكثر نضوجا ولكن حتى ذلك الحين دعنا نتقاسم هذا الحوار
ماذا تريد أن تقول فى النهاية؟
أقول شكرا من القلب لكم وشكرا لكل من قدم لى يد العون وشكرا لكل من آمن بموهبة حتى وإن كانت صغيرة، فالمواهب لا تنمو وتكبر إلا بالدعم والأمل، وأخيرا أريد أن أوجه كلمة لكل الكتاب الشباب، إن كنتوا تريدون النجاح، فعليكم بالاستمراية والعمل، قد تحبط أحيانا ولكن عليك أن تعود بعد ترتيب أفكارك وكن موقنا أنه إذا آمنت بنفسك وموهبتك آمن العالم بك
AZP09