الرجل الذي عطس – مجيد السامرائي

الرجل الذي عطس – مجيد السامرائي

سيقول المتنمرون : هذا العنوان مسروق عينك عينك من فيلم لسمير غانم!

وانا اقدم  مانسخته عن (الرجل الذي عطس) وهو فيلم كوميدي مصري تم عرضه في دور العرض في 1 نيسان عام 1985 من إخراج عمر عبد العزيز، وتأليف لينين الرملي، وبطولة كل من سمير غانم وليلى علوي وشهيرة وحسن مصطفى وأحمد بدير.

 ماعلينا : اتفتح باب المصعد في العمارة التي اقيم فيها خرجت مني عطسة مؤجلة زعزت الكمامة الزرقاء التي تناسب قميصي الازرق – دون قصد طبعا –  بقيت البنت وامها متسمرتين دون حراك .. فضلتا الهبوط على السلم ، مثلما نفعل في حالة عطل المصعد في حالة عدم سداد الفاتورة .من سكان الطوابق الارضية والتسوية التحتانية.

سألني صديقي طبيب الاسنان الذي صار يعالج خارج تخصصه وفق بروتوكول تلزمه الجائحة: كيف حالك ؟  قلت : لم اعطس منذ يومين . قال : وهذا مانحمد الله عليه ..كنت اظن انك سوف تتحدث عن حالة إمساك تلازمك منذ يومين !

 خناس كورونا يحكم انفاسنا جميعا !ربما تكون انت حالة متفرده اذا كنت لاتخشى او تلتزم الحيطة والحذر واتباع ذكاء المسافات (التباعد اجتماعي )  للعيش دون عقبات.

 قال لي : انا طبيب امراض معدية.. متى تحاورني في اطراف الحديث ؟ عندي معلومات وافية عن آخر جيل مجرب من اللقاحات ..

 مررنا معا باعلان  ضوئي هائل بعمان مفاده :  حتى يظهر المطعوم  التزم بماهو معلوم – التزم بالكمامة – وبخلافها : انت ملوم!

فاروق سلوم … اول رئيس تحرير عملت تحت أمرته في مجلتي والمزمار عام 1977 يعيش الان في  فيستروس التي تبعد عن 120 كيلومترا عن العاصمة  السويدية ستوكهولم (نفس المسافة مابين سامراء وبغداد )، درجة الحرارة الان – يهاتفني- تتراوح ما بين واحد الى عشرين مئوي نحن بانتظار الثلج وفق تنبؤات لاتقبل الخطأ.. هتشوووو.. عطس الرجل . تذكرت تلك الاغنية التي كتبها هو ثم  أدتها مي أكرم من الحان خزعل مهدي عام 1980) عطس القنفذ : هتشوو

والبطة قالت : إمشوا،البرد أتى البرد أتى،وطريق الدرس طويــــــلْ،ومشينا مثل الجنـــدْ،للدرس فيا  للســـعدْ،ولبسنا ضد البــــردْ،أصوافا وسراويــلْ،والقنفذ يلهو .. يلهـو،بالبرد وبالأمطارْ،فتعجبت الأطيارْ،قالت : من يتـــــعدى الحدْ،سيصاب  بضربة بردْ،وسيعطس : هتشوو). ثم عطس شوبنهاور فابتكر نظرية ذكاء المسافات (فالانسان  يسعى للتواصل مع الاخر باعتبار طبيعته المدنية ، ولكنه يخشى ان يؤذيه هذا التواصل وفق (آفة العلاقات )وهذا مايوحي بوجود معضله  ..شوبهاور تنبه الى علاقة القنافذ ببعضهم البعض  الذكور الى جانب الاناث في ليلة باردة مطيرة .. نفسيا تعارف العلماء على تسميتها معضلة القنفذ .

 تتقارب القنافذ ليسري الدفء  الى أجسادها ، ولكن وخز الابر الذي يكسو اجسامها ، يملي عليها العودة الى العراء تحت لسع البرد ، وهكذا كلما قرسه البرد  هرع الى روعة الدفء ، الذي مآله وخز الابر ، فكلما تقاربا شعرا بالامان. لابد  اذن من مسافة ذكية .

 لو نقلنا هذا الى الانسان ، فأن لسع البرد توافق  حالة الاغتراب الوجودي الذي يعانيه على هذه الارض  من قماط  المهد الى مثوى اللحد . لابد ان يتعض الانسان بسلوك القنافذ بطريقة بسيطة وناجحة باخذ مسافة معتدلة من السلامة تضمن الدفء الكافي وفي ذات الوقت بدرجة الم يمكن احتمالها  وهي التي اسماها شوبنهاور بمسافة السلامة .

كتم عطسته وهو يستمع اليها:فعلا انت كاتب سيناريومتنبيء محترف  قلت لي :  انك ستقعين في هواي  منذ الحلقة الخامسة .. انت لاتحبني قل لي حاجة حلوة. عطس   .. من السما ، زنود الست .كنافه  ..حلو ؟!  بكت : انت لاتحبني ! عطس ! وهذه شهادة ..سحبت حقيبتها السوداء وخرجت تحت سماء باكية.

مشاركة