الرئيس المصري يلغي الإعلان الدستوري ويتمسك بالاستفتاء
القاهرة ــ الزمان
ألغى الرئيس المصري محمد مرسي مرسوما منحه سلطات كاسحة واثار اعمال عنف ادت لسقوط قتلى ولكنه لم يؤجل موعد استفتاء سيجري هذا الشهر على دستور جديد للبلاد وهو مطلب رئيسي لمعارضيه.
ويصر أنصار مرسي من الإسلاميين على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده يوم 15 كانون الأول قائلين إنه ضروري لإكمال التحول الديمقراطي الذي لم يكتمل منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك قبل 22 شهرا.
وقال أحمد سعيد وهو عضو بارز في جبهة الإنقاذ الوطني وهي تكتل المعارضة الرئيسي في مصر امس الأحد إن قرار الرئيس المضي قدما في إجراء استفتاء على مسودة الدستور الجديد صادم وسيعمق الأزمة السياسية.
وأضاف سعيد عضو جبهة الإنقاذ الوطني ورئيس حزب المصريين الأحرار هذا يجعل الأمور أسوأ بكثير . ومضى يقول لا أستطيع أن أتخيل أن بعد كل هذا يريدون تمرير دستور لا يمثل كل المصريين .
وأردف قائلا إن الجبهة ستعقد اجتماعا في وقت لاحق لتقديم رد رسمي على قرار مرسي إلغاء الإعلان الدستوري الذي أدى الى اندلاع أعمال عنف أسفرت عن سقوط قتلى والتمسك بإجراء الاستفتاء على الدستور في موعده المقرر في 15 ديسمبر. وجاء الاعلان عن الغاء مرسي المرسوم الذي اصدره في 22 الشهر الماضي بعد محادثات استمرت ساعات السبت في قصر الرئاسة وصفت بأنها حوار وطني ولكن معارضيه الرئيسيين قاطعوها ولم يكن لها مصداقية تذكر بين المحتجين.
ووصفت جماعة 6 ابريل التي ساعدت على حشد المحتجين الذين أطاحوا بمبارك في 2011 في بيان نتيجة المحادثات بأنها استكمال لمسلسل الخداع . وتم الإسراع بترتيبات التصويت على مواد الدستور في الجمعية التأسيسية التي يمثل أفراد من جماعة الاخوان المسلمين وإسلاميون آخرون أغلب أعضائها. وانسحب ليبراليون وآخرون قائلين إن آراءهم لم تلق آذانا صاغية.
وقال هرماس فوزي 28 عاما وهو محتج يعتصم مع عشرات آخرين أمام قصر الاتحادية الرئاسي دستور بلا توافق لا يمكن الاستفتاء عليه… ليس من المنطقي أن يعد فصيل واحد فقط في المجتمع الدستور .
وعلى مقربة كانت هناك دبابات وعربات عسكرية تابعة لقوات الحرس الجمهوري متمركزة أمام القصر لحمايته بعد اشتباكات في الأسبوع الماضي بين إسلاميين ومعارضين للرئيس مما أسفر عن مقتل سبعة وإصابة نحو 350 آخرين. وتدخل الجيش الذي أدار البلاد خلال فترة مؤقتة مضطربة بعد سقوط مبارك في الازمة امس ليقول للاطراف المتناحرة ان الحوار ضروري لتفادي كارثة . ولكن مصدرا عسكريا قال ان هذا ليس مقدمة لاستعادة الجيش السيطرة على مصر او الشوارع.
وبعد محادثات امس الاول السبت قال المتحدث باسم الحوار محمد سليم العوا في مؤتمر صحفي عقد عند منتصف الليل تقريبا ان الرئيس اصدر مرسوما جديدا تلغي المادة الاولى فيه الاعلان الدستوري الذي أعلن في 22 تشرين الثاني.
وكشفت الاضطرابات السياسية عن انقسامات عميقة في مصر التي يسكنها 83 مليون نسمة بين الإسلاميين الذين تعرضوا للقمع طوال عشرات السنين وخصومهم الذين يخشون من أن يكون المحافظون الدينيون يريدون إسكات الأصوات الاخرى وتقييد الحريات الاجتماعية. ويرغب كثير من المصريين فقط في الاستقرار وتحسن الوضع الاقتصادي.
وحشد الإسلاميون وخصومهم الليبراليون عشرات الآلاف من الأنصار في الشوارع في تجمعات منذ الإعلان الدستوري الذي صدر يوم 22 تشرين الثاني. وطالب معارضو مرسي بإسقاطه في حين يقول الإسلاميون إن هناك مؤامرة لإسقاط أول رئيس ينتخب ديمقراطيا في البلاد.
ولم تشارك جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام وعمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية في محادثات أمس.
وقبل أن تعلن الجبهة عن موقفها الرسمي قال المتحدث حسين عبد الغني إن انطباعه الشخصي الاولي هو أنها خطوة محدودة وغير كافية. وقال ان المعارضة قالت مرارا ان من بين مطالبها الرئيسية تأجيل موعد الاستفتاء.
ورغم هذه المعارضة يراهن مرسي على أنه قادر على تمرير الدستور عبر الاستفتاء بدعم من الإسلاميين والكثير من المصريين الذين يرغبون بشدة في عدم توقف مسيرة التحول الديمقراطي. ولن يمكن إجراء انتخابات لبرلمان جديد إلا بعد شهرين من الموافقة على الدستور الجديد. وتم حل مجلس الشعب الذي كان يمثل الإسلاميون أغلب أعضائه بموجب حكم قضائي قبل أشهر. ويستبعد الاعلان الجديد بعض العناصر من الاعلان السابق والتي اثارت غضب المعارضة من بينها مادة كانت تعطي الرئيس سلطات واسعة لمواجهة التهديدات التي تواجه الثورة او البلاد وهي صياغة قالت المعارضة انها منحته سلطة استبدادية. وكانت مادة اخرى في الاعلان السابق تحصن اي قرار اتخذه الرئيس منذ توليه السلطة في 30 حزيران والى ان يتم انتخاب برلمان جديد من الطعن امام القضاء. وعلى الرغم من عدم تكرار هذه المادة فقد وضعت مادة في الاعلان الجديد عن أن الاعلانات الدستورية بما فيها هذا الاعلان فوق المراجعة القضائية.
وحدد الإعلان الجديد أيضا خطوات لإنشاء جمعية تأسيسية لإعداد دستور جديد اذا تم رفض مسودة الدستور الحالية في الاستفتاء الذي قال الاعلان انه سيجري في 15 كانون الاول.
وبالإضافة الى ذلك تمت دعوة المعارضة لتقديم التعديلات المقترحة على الدستور الجديد في تكرار لمبادرة طرحتها ادارة مرسي في وقت سابق لمناقشة التعديلات واتفاق الأطراف السياسية عليها وطرحها على البرلمان الجديد للموافقة عليها.
وفي خضم اعمال العنف والمساومات السياسية طرح الجيش نفسه بوصفه الضامن المحايد لاستقرار البلاد.
وقال بيان للقوات المسلحة تؤكد القوات المسلحة أن منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل الوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين وأن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية وهو أمر لن نسمح به .
وقال حسن ابو طالب من مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان الجيش ربما يحاول دفع المعارضة إلى المشاركة في الحوار ودفع مرسي الى بذل المزيد من الجهد لجذب المعارضة إلى الحوار.
لكنه قلل من احتمالات تدخل الجيش بشكل مباشر واضاف ان الجيش يعرف أن التدخل في اي صراع مدني سيضعه بين شقي الرحى.
لكن يبدو ان الجيش مستعد للقيام بدور اكثر فعالية في الترتيبات الامنية للاستفتاء المقبل.
وقال مصدر حكومي ان الحكومة ناقشت اعادة منح الجيش سلطة الضبطية القضائية بما يمكنه من القاء القبض على اشخاص اذا كان الجيش سيشارك في دعم الشرطة في تأمين الاستفتاء.
وقالت صحيفة الاهرام التي تديرها الدولة ان الدور الامني المشترك للجيش يمكن ان يستمر حتى الانتخابات البرلمانية القادمة وربما بعد ذلك.
AZP02