شاكر مجيد سيفو
الموصل
لعل الكثير من منتجي النص المغاير “المشاكس” يتفقون معي بان الكتابة الشعرية الحديثة المختلفة هي ليست اعادة انتاج ما هو منجز وليست أصلا- هصر وإذابة وتحليل ودفن كل ما هو معلن من خزين معلوماتي ظاهري، عاطفي وحتى يومي وراسخ، ان معنى ذلك يرشح عنه النص المقنن في كل تشكلاته الاشارية والصورية، لأن النص المختلف من الكتابة الشعرية الجديدة يجمع بين العلاقة بين الصوت والمعنى- حسب جاكسون (ان الشعر هو المنطقة التي تتحول فيها العلاقة بين الصوت والمعنى من علاقة خفية الى علاقة جلية وتتمظهر بالطريقة الملموسة جداً والاكثر قوة).
اذن للشعر قوته في كشف سرية العلاقة وإبانة غموض آلية التواصل بين معنى الصوت وصوت المعنى فيها. تقول اليزابيت دور في كتابها: الشعر كيف نفهمه ونتذوفه، (ان قوة الشعر الكامنة هذه في الطاقة التي تنطوي عليها الصوت الذي يبدو كما لو كان صدىً للمعنى) ومن العسير جداً تحديد وظيفة الشعر ومدى صلاحيتها الآن، ونتساءل هنا: الأَنَّ الشعر كائنٌ قائِمٌ بِذاته ولذاته اصلاً؟؟ انّ الغرائز -دائما- تدفعنا الى الرغبة واجتياحها وتحقيقها، تدفعنا الى استدلال اسمائنا من غبارها ومن ذهنيتها الى تسميتها، الى القفز بها بالوعي الى الوجود الى الحضور الكبير الى ذلك الوجع الذهني الازلي (السماوي الارضي) في تشخيص الالم، وتهيئة البناء، والغرائز التي نتحدث عنها تتحد في فعل الكتابة، ومنها غريزة الكتابة، وكتابة الشعر بالذات هذه التي تستدعي من الشاعر ان يضع خزائنه الفكرية فوق بياض الورقة من خلال انعكاس وعيه على الاشياء معبراً عن طريق الادراك الذهني الذي تضج به المخيلة، وتضخّه شعرياً، ان المخيلة هي التي تقوم بهذا النشاط الانطولوجي الاستثنائي الوجودي الشامل -حسب تعبير غاستون باشلار- وهنا على الشاعر ان يستدعي اسلحته اللسانية الاولى، وهي اللغة التي تحدث عنها “بول فاليري” في الشعر بأنه “لغة في اللغة”، وانا على يقين بان قصد فاليري هو كيفية توظيف وتحويل العلاقات اللغوية وتذويبها من بنى إشارية لخلق منظومة من الاستعارات، والاستعارة التي اريدها هي تلك التي تحدث عنها ارسطو، وهي “الجمع بين زوجين من الاشياء في علاقات متشابهة مع يعضها ويمكن ابدال عضو من كل زوج بما يقابله من الزوج الآخر، وانها يجب ان تقوم على اسس وبناء ونظام وبهذا يتشكل النص، وبهذه الرؤية سنحصل على بناء شعري يتخلى عن القول والوصف الخارجي والملفوظات الشعرية الشاحبة والهياكل التجريدية التي تقرا امثالها في العديد من النصوص.















