القانون الأساسي العراقي، نص على أن لا فرق بين العراقيين في الحقوق امام القانون وإن اختلفوا في القومية والدين واللغة. حيث نلحظ دقة الاختيار من قبل الملك فيصل الأول بشكل متوازن على أساس المذاهب ومن الطائفتين المسيحية واليهودية، عربا وأكرادا شمالا وجنوبا، وبقي هكذا الاختيار طيلة العهد الملكي.
انتخب لرئاسة مجلس الأعيان شخصيات عراقية سنقوم بتسليط الضوء عن حيوات كل واحد منهم، وهم::
أولا : يوسف السويدي :
أول من انتخب لرئاسة مجلس الأعيان وشغلها للمدة من 16 تموز 1925 ولغاية 13 حزيران 1929. والسويدي (يوسف) من عائلة عربية عراقية عباسية النسب بغدادية النشأة تتمتع بمكانة دينية وسياسية.
كان من منظمي مناقب المولد النبوي الشريف ببغداد إستعدادا لثورة العشرين. وهو أحد زعماء الدين الذين اجتمعوا في جامع الحيدرخانة في 4 آيار 1920، وكان من ضمن المندوبين الخمسة عشر للمطالبة بحقوق العراقيين. وقاد الاجتماعات في أوائل حزيران عام 1920 في دار حمدي باشا بابان التي مهدت لثورة العشرين من اجل الحصول على مطاليب الشعب، وحمل السلاح في ديالى أثناء الثورة، وعند انتهاء الثورة غادروا الى سورية. وكان خروجه من العراق قد جعل البريطانيون يتفاءلون بعودة الهدوء.
وكان ممن عادوا مع الأمير فيصل أثناء مجيئه الى العراق. علما بأنه قد درس العلم على أيدي أشهر مدرسي عصره، وكتب في مجال الأدب نثرا وشعرا، وشغل منصب القاضي الشرعي في الكرخ.
ثانيا : عبد الله النقيب الكيلاني :
انتخب (عبد الله النقيب الكيلاني) بعد وفاة السويدي (يوسف) رئيسا لمجلس الأعيان للمدة من 13 حزيران ولغاية نهاية تشرين الأول عام 1929. وهو من الاسرة الكيلانية التي لها مكانة دينية، وهو نقيب أشرف بغداد وعمل في السياسة العراقية حتى عام 1930.
ثالثا : محمد الصدر:
انتخب (محمد الصدر) لرئاسة مجلس الأعيان لثلاث دورات كاملة. فالرئاسة الاولى للفترة من (2 تشرين الثاني 1929 ولغاية 27 شباط 1937) والثانية للفترة من 23 كانون الأول 1937 ولغاية كانون الأول 1943) والثالثة (7 شباط 1953 ولغاية نهاية تشرين الثاني 1955).
وهو من عائلة دينية ومن رجال الدين والسياسة فضلا عن كونه من زعماء النهضة والقائمين بالاجتماعات والمظاهرات من أجل الاستقلال، وقاتل من أجل ذلك في ديالى ثم في الفرات. واعتبرته المس بيل في رسالة لها في 14 حزيران 1920 قائدا للثورة حيث قالت : “يعد الصدر الشخصية الاولى في الاضطرابات الحالية وأعتقد انه رجل بارع”. وبعد انتهاء ثورة العشرين ذهب الى سوريا ومنها الى القاهرة ثم الى الحجاز. وعاد بصحبة الأمير فيصل بعد اعلان العفو العام في حزيران 1921. واستمر عضوا في مجلس الأعيان حتى وفاته.
رابعا : محمد رضا الشبيبي:
انتخب (الشبيبي) لرئاسة مجلس الأعيان لمرة واحدة للمدة من (27 شباط 1937- لغاية 17 آب 1937). وهو من اسرة الشبيبي التي لها مكانة في تاريخ النجف والعراق خصوصا في دنيا الادب والكفاح الوطني. وهذه الأسرة ترجع الى قبيلة بني أسد المعروفة. كان تعليمه دينيا ثم في ديوان والده ودرس في عاصمة الدولة العثمانية، وعمل رئيسا لنادي القلم العراقي ورئيسا للمجمع العلمي العراقي، وكان تربويا شغل وزارة المعارف (5) خمس مرات وكان له دورا في ثورة العشرين.
خامسا : صالح باش أعيان العباسي:
انتخب (باش اعيان) لرئاسة مجلس الأعيان لمرة واحدة للفترة من (3 كانون الأول 1944 ولغاية 1 كانون الأول 1945)، وهو من البصرة. وتنحدر هذه العائلة من الخلفاء العباسيين ويعتبر من أعيان البصرة ورجالها فضلا كونه من التجار البارزين فيها. شغل منصب رئيسا للأوقاف لمرة واحدة في 27 تشرين الثاني 1923.
سادسا : جميل المدفعي:
انتخب السيد المدفعي لرئاسة مجلس الأعيان لثلاث مرات، فالاولى من (كانون الأول 1937 ولغاية 1 كانون الأول 1944) والثانية (5 آذار 1949 لغاية 14 تموز 1958).
ويعتبر من الشخصيات الشريفة العسكرية، تميز بالحلم والأناة والاعتدال وسياسة اسدال الستار. وكان يستدعي للوزارة في الأزمات لتهدئة الأخطار. وهو ابن ضابط بغدادي، درس في المدرسة العسكرية، وإلتحق بمدرسة الهندسة العسكرية وتخرج فيها برتبة ضابط عام 1911. شارك في الثورة العربية الكبرى، اذ كان قائدا للواء المدفعية، كما شارك في ثورة العشرين فدخل بقواته مع العشائر من دير الزور ليحرر تلعفر في 4 حزيران 1920 من الاحتلال البريطاني. بعد انتهاء ثورة العشرين عاد الى سوريا وبقي فيها، وعاد للعراق بعد مجيء فيصل للعراق.
ومما يلحظ انه ترأس الوزارة (7) مرات دامت مدتها جميعا ثلاث سنوات وشهرين وثمانية عشر يوما، وأصبح وزيرا (8) ثماني مرات، فقد شغل وزارة الداخلية (5) مرات ووزارة الدفاع مرتين ووزارة المالية مرة واحدة.
سابعا : صالح جبر:
انتخب (جبر) لرئاسة مجلس الأعيان لمرة واحدة (17 آذار 1947) لغاية (29 آذار من العام نفسه). وهو من محافظة ذي قار (الناصرية) قضاء الشطرة من بني زيد. كان والده يعمل نجارا، أتاح لابنه التعلم وحصل على شهادة الحقوق عام 1925، فتح أمامه مجال التقدم في سلم الدولة واشتراكه في تأليف الأحزاب، حيث أسس حزب الامة الاشتراكي، فأصبح شخصية معروفة.
ترأس الوزارة لمرة واحدة للفترة (17 آذار 1947 لغاية 29 آذار من العام نفسه)، وهي الحكومة التي أسقطتها وثبة كانون 1948 بعد توقيعه معاهدة بورتسموث. كما أصبح (13) مرة وزيرا، للمعارف مرتين و (4) أربع مرات للداخلية و (4) أربع مرات للمالية ومرة واحدة للشؤون الاجتماعية وللخارجية والتموين وكالة لمرة واحدة.
ثامنا : نوري السعيد:
انتخب (السعيد) مرتين لرئاسة مجلس الأعيان، الاولى (من 1 كانون الأول 1945 لغاية 21 تشرين الثاني 1946) والثانية من (3 نيسان 1947 ولغاية 6 كانون الثاني 1949).
وهو من العسكريين الذين لعبوا دورا بارزا بدءا من جمعية العهد، وهو ابن موظف في الادارة العثمانية في العراق. كانت رغبة أبيه أن يكون ضابطا وبالفعل تخرج عام 1906 ضابطا ثم إلتحق بكلية الاركان عام 1910 وشارك في العديد من حروب الدولة العثمانية وخلال الحرب العالمية الاولى، اقتيد أسيرا الى الهند ثم القاهرة، وإلتحق بالشريف حسين مشاركا في الثورة العربية الكبرى، وأصبح رئيسا لأركان جيش فيصل في سوريا عام 1918، وبعد قيام المملكة العراقية عاد الى العراق.
ترأس (السعيد) الوزارة أربع عشرة مرة، كذلك ترأس وزارة الاتحاد العربي مع الاردن عام 1958. وقد بلغت المدة التي قضاها رئيسا للوزراء (اثنتي عشر سنة وشهرا واحدا وعددا من الايام). وبهذا يكون شغل مدة تقارب ثلث مدة العهد الملكي.
كما أصبح ستا وثلاثين مرة وزيرا، منها (17) مرة (وزيرا للدفاع) و(12) مرة (وزيرا للخارجية) و ثلاث مرات (وزيرا للداخلية) و ثلاث مرات وكيلا للقائد العام فضلا عن منصبه رئيسا للوزراء، ووزيرا مفوضا في القاهرة، ورئيسا لأركان الجيش ومديرا للشرطة العام وبلغت المناصب التي تقلدها (47) سبعا واربعون منصبا.