الرأي الآخر
لا شك ان كل شخص له عقل مختلف عن الشخص الآخر ولكل فرد تفكير مختلف عن الآخر ايضاً، فمن خلال مسيرتي الحياتية لاحظت الكثير من الاشخاص المختلفين في آرائهم ومعتقداتهم التي تؤدي بينهم الى الكثير من الخلافات لاسيما في النقاشات الجادة التي تؤدي الى المشادات الكلامية الحادة والجارحة وقد تصل احياناً الى السب والشتم، فما زال كثير من الناس لا يستوعبون معنى (احترام الرأي والرأي الآخر) معتقدين ان من واجب الغير احترامهم وعدم استفزاز مشاعرهم، دون ان يضعوا أي قيمة لرأي المقابل ودون ان يعترفو لهذا الغير بحقه في احترامه .
قد لا يستوعب البعض ان احترام الآخر هو مفهوم رئيسي من مفاهيم الدولة الحديثة القائمة على مفهوم المواطنة الذي يعني تساوي الأفراد أمام القانون بغض النظر عن لونهم أو نسبهم أو عرقهم أو عقديتهم أو لسانهم، حيث ان (احترام الآخر) هو المفهوم الرئيسي المؤسس للتعايش السلمي بين الأفراد المختلفين في المجتمع الواحد، فالإختلاف سنة شرعية اكدها القرآن الكريم ونص على وجودها بين الناس لإختلاف مستويات عقولهم و أفكارهم ومعتقداتهم و و و …
قال تعالى ( ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين ) .
بينما نجد البعض يرفض شرعية الاختلاف فيجعل الناس يؤمنون بفكر واحد وثقافة واحدة دون تجديد وتطوير وتطلع للإبداع والتغير، فلماذا هذا الاستبداد الفكري و إثارة الإشكاليات التي يفترض ان تكون قد ولت .
لا أخفي سراً انه من غير الممكن للخلق جميعاً الاتفاق على أمر من الأمور بغض النظر إن كان كبيراً هذا الأمر أو صغيراً، فالاختلاف في الاَراء والمقاصد والنوايا وغيرها من الظواهر الطبيعة التي تواجدت مع وجود الإنسان وستبقى الى ان يقضي الله امراً كان مفعولاً، ولولا اختلاف الاذواق لبارت السلع، تلك هي حقائق الحياة وطبائع الناس في ارائهم، ولكن من الغير الاخلاقي هو محاولة فرض رأيك على الآخر أو انتقاد رأي المقابل لدرجة تصل الى المشادات الكلامية ومحاولة التقليل منه مع العلم إنك لو نظرت الى الموضوع من منظوره الصحيح لربما وجدت نفسك المخطيء .
الانسان حر في رأيه، هذا مفهوم لا غبار صيفي عليه ومن واجب الطرف الآخر احترام هذا الرأي والقبول به واحترام صاحبه، وان اردت مناقشته في موضوع ما، عليك النقاش بأدب أو اصمت للأبد متلافي الوقوع في موقف لا تحسد عليه .
نور البدري