الذكريات
تتذكرون عندما كان آباؤنا يشترون الكاميرات بمبالغ ليــــــست بزهيدة، ويشترون معها فيلم كوداك وباتريّين باناسونيك، ويتحملون عناء الاحتفاظ بتلك الكاميرا الحســــاسة اثناء السفر والـ”بيكنيك” في داخل محفظة مبطــــــنة بالاسفنج المقاوم للصدمات، ثم يقصدون المختبرات لتحميض الفيلم، وربما يكون موعد التسلــــيم بعد ايام او اسبوع، ثم يبتاعون الألبوم المكون من 30 مغلــفاً شفّافاً بعدد صور الفيلم.
وربما يحترق الفيلم فتذهب الذكريات سدى او تحترق جزءا من الصور، وبعد كل ذلك العناء والانتظار يجلب الوالد ألبوم الصور الى المنزل ونحن نراقب مجيئه لحظة بلحظة ونجلس حوله متلهفين لمعاينة الصور والذكريات، بل نعيد النظر لكل صورة عشرة مرات، وبعد ذلك تُخبئ الوالدة الألبوم بعيداً عن متناول ايدينا مخافة افساد الصور والذكريات الجميلة، ويبقى الألبوم محتفظاً بنظارته وجماله لعقدين او أكثــــر وهو يخبّئُ بين طيّاته الشفافة ذكريات جميلة تُذرف لها دموع الحسرة والشوق والفراق!
اما الآن فمع ان لكل واحد من افراد الاسرة موبايل (ابو الكاميرا) الا ان منازلنا تخلو تماماً من الألبوم والذكريات -سوى البوم الزواج الذي لابد منه- وحتى لو كنا من هواة جمع الصور والذكريات فأكثر شيء نقوم به هو دفنها في الهارد ديسك!
محمد جواد شبر