علي جبار
يذهب الكثير من المراقبين والقنوات الإعلامية الى وصف (مرحلة تذبذب) سعر صرف الدولار بشكل غير منطقي وارتفاعه بشكل مريب الى إطلاق صفة (الازمة) على هذه الحالة.
مفردة (الازمة) لها معاني وصفات كثيرة في اللغم العربية يختلط فيها الحال مع الوصف والاستخدام:
(ازمة عاطفية، ازمة قلبية، ازمة مجتمع، ازمة اخلاق، وغيرها).
ولكن في مفهوم ادارة الازمة والإدارة العليا لا تؤخذ بها المعنى اللغوي الحرفي او استخدامها ككلمة. ولها معايير تختلف بشكل كامل.
الأزمة كمفهوم في (علم إدارة الازمة) هي حدث يقطع تنظيم العمليات الإدارية الاعتيادية وينقلها لمرحلة تختلف، تكون فيها خسائر، نقص في معدلات الأداء، وغيرها…
تعتبر قيادة الأزمات وإدارة الأزمات أمرًا مهمًا خلال الأوقات الصعبة (المواجهة الصعبة “الازمة”)، ولكن لكل من هذه المفاهيم اعتباراته والاختلاف في نمط وسلوك التعامل بهما.
عودة، على قضية ارتفاع معدلات سعر صرف الدولار من دون مبررات اقتصادية حقيقية.
ارتفاع في معدلات الطلب على الدولار، غير متحققة. بدليل نافذة بيع العملة لازالت تبيع بمعدل ال 225 مليون دولار يومياً. لم نشهد نهضة عمرانية كبيرة وأصبحت الحاجة ملحة لشراء الخدمات او المواد بالدولار، لم تحدث فورة في عالم الصناعة المحلية اوجبت التعامل بالدولار بشكل ضروري.
لازال تصدير النفط يشكل المصدر الأساس للدولار في العراق، والدولة تغطي بمعدل شبه مطلق كل الاستحقاقات التشغيلية من إيرادات النفط.
لهذه الاعتبارات وغيرها، فأنه لا يوجد سبب اقتصادي (بحت) وراء او يعلل هذا النوع من الارتفاع في الفرق (بسعر الصرف).
من جهة أخرى، نجد ما يطلق عليه بالمصارف الاهلية وغيرهم تتسابق في توسعة قاعدتها ومنافذها في احتواء الدولار من الأسواق للتربح بشكل كبير بمعدل 14% أرباح صافية من عملية المتاجرة بفرق سعر الصرف. تحولت الكتلة النقدية من الدولار الى بضاعة مربحة بشكل عالي ينافس أكبر الاعمال ارباحاُ.
عليه أصبح هناك مستفيد (ممكن ان نختلف في مسألة احقيته من هكذا نوع من الأرباح او غيرها).
وكذلك الحلول لقضية الدولار كثيرة وواسعة امام البنك المركزي والمؤسسات الاقتصادية المحلية, ومنها ( توسعة نوافذ الحصول على الدولار, تسهيل الإجراءات والتعليمات المصرفية لأكثر من 80 % من تجار المواد التي يتم استيرادها عبر حوالات (خارج نطاق سيطرة البنك المركزي), تسهيل الضرائب وإجراءاتها, خلق منصة خاصة من البنك المركزي او بنوك الدولة تستوعب التجار الصغار وتغطية عمليات الحوالات اليومية السريعة لتغطية استيراد المواد الغذائية وغيرها, تشجيع المسافرين في فتح حسابات مصرفية خاصة بهم بالمصارف والحصول على بطاقة ائتمانية خاصة, بدل بطاقات الائتمان المسبقة الدفع, التحرر التدريجي من مسألة استيراد الطاقة والغاز, والكثير من الحلول التي يطرحها المختصين.)
الجانب الأمريكي من هذه المعادلة هو طرف متحكم في حركة دولارهم ومراقبته، ويتعامل بمزاجية واجندات خاصة بهم تندرج ضمن مصالحهم. لم يتقن ساسة البلد التعامل او التفاوض معها لحد هذه اللحظة.
حين نراجع هذه الحقائق لم تصل (قضية الدولار) الى مستوى الازمة، بقدر انها جريمة اقتصادية مع سبق الإصرار والترصد.
حيث يجتمع فيها فاعل متقصد (المضاربين) والجهات التي تدعمهم. وكذلك المستفيدين من هذا الفعل.
الحلول موجودة ولكن غير مفعلة بشكل حقيقي وحازم.
باحث اقتصادي