الخطر يهدد الوطن أم السياسي ؟ – كامل كريم الدليمي
يُقال عندما يكون الوطن في خطر تُجمد كل الحقوق الى أن يسترجع الوطن عافيته ؟
وما يحدث في مدينة الشمس “باريس ” يُثبت صدق المقولة ، حيث أستشعرت الحكومة الفرنسية وسلطاتها الامنية ان ثورة السترات الصفر تُشكل خطراً داهما” على أمن الوطن ، لذا علقوا جميع الحقوق واستخدموا كل الاساليب التي من شأنها قمع المتظاهرين وتُحافظ على البلد لحين استرجاع عافيته ، بما في ذلك استخدام اسلوب الاعتقالات التي طالت حتى طلاب الثانوية ، والضرب المبرح للشباب والشابات امام شاشات الاعلام بمشهد ملفت للنظر يصدر من بلاد تَدعي انها تدافع عن الحريات وتطالب دول العالم الثالث باحترام حقوق مواطنيها …
ولو كان مايحدث في باريس اليوم من قمع للمتظاهرين في أي بلد عربي لقامت الدُنيا ولم تَقعد !!
وفي العراق ؛ مشهد اخر يتعرض فية سياسيوه الى خطر الأزاحة من المشهد السياسي العراقي القلق ؟
وهذا الخطر داهم هذه المرة بشكل جدي لايقبل التأويل .. مع أستسلام القوى السياسية لضغوط الدول ذوات المصالح التجارية والامنية ، رافقتها انتكاسة حكومية على مستوى الملفات الخدمية كافة ، مما جعل النقمة الشعبية تزداد يوماً بعد يوم ضد ساسة العراق خصوصا” مع غياب الأستجابة الحكومية وأستعداداتها لمواجهة الكوارث الطبيعية وحماية أرواح المواطنين الأبرياء وتعويض المتضررين ، والأهم انها كشفت عورة الدولة في عدم وجود بنية تحتية او خدمات حقيقية قادرة على استيعاب خطر السيول والامطار .. وهو امتحان خدمي بسيط للمشروع الديمقراطي الذي تقودة الاحزاب الاسلامية والليبرالية منذ خمسة عشر عام وبفشل ساحق!!!
ومما زاد المشهد تعقيداً ؛ فشل البرلمان ورئيس مجلس الوزراء في استكمال كابينته الحكومية بعد مرور اكثر من ستة اشهر على اجراء الانتخابات البرلمانية ، وهذا دليل واضح على ان “الدرنات السرطانية الخبيثة” بدأت تستوطن في الجسد السياسي العراقي وباشرت بتخريب المشهد برمته ، مما زاد نقمة الشعب على العملية السياسية وقد تكون محاولة لدفع الشارع لقلب الطاولة السياسية ؟
فلو استوعب ساسة العراق الدرس وحجموا مصالح وحقوق الدول التي تعتقد انها داعمة للعملية السياسية في حين هم سبب عرقلة اي توافق وطني ، واوقفوا كل تعاملاتهم معهم وعادوا لشارعهم الذي ولاهم السلطة ما الذي ممكن ان يحصل .
بالتأكيد ستعود الثقة مابين السياسي و المواطن التي فُقدت منذُ زمن ولم يجد احداً لها طريق كون اغلبهم انشغل مابين المصالح الشخصية وما بين الوقوع تحت ضغط الدول الداعمة -زورا”- لأستقرار العراق .
ولو انتفضت النخبة السياسية على واقعها المرير وعادت عودة صادقة الى مواطنيهما ، سنشهد صنع اكبر ملحمة جديدة في التماسك المجتمعي وردم الهوة مابين السياسيين والمواطنين ، واعادة الثقة وصولاً الى تنمية الانتماء الوطني مروراً برفض كل من تسول له نفسه التدخل بالشأن العراقي تحت حجج واهية .
وهذا يؤكد ان العودة الى الوطن والمواطن هو السبيل الكفيل لأستمرار العملية السياسية .. حيث يجب ان ترافق هذه الخطوة محاربة حقيقية لبؤر الفساد كونها آفة لاتقل خطراً عن التدخلات الخارجية ، فالفساد هو المتسبب في منع منح فرص العيش الكريم للمواطنين من خلال نهب اموالهم، مما يحول العراقي الى مواطن معادي للدولة وتوجهاتها ، ولعل من المفيد الأستشهاد بمقدمة (ابن خلدون) القائله : ” انتشار الفساد يدفع بعامّة الشعب الى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش ، وبداية لشرخ يؤدي الى انهيار الدولة “
واجبنا الوطني يحتم علينا تكاتف الجهود لأنهاء الصراع مابين السلطة السياسية والمواطن ضمن مفهوم )المعادلة الوطنية ( التي يخرج بها طرفا المعادلة منتصرين موحدين الارادة بعيدا” عن تحين الفرص للانقضاض على الطرف الاخر ، فجزء من فشلنا كانت حسابات صراعاتنا دائماً ماتكون في أطار ) المعادلة الصفرية.(
لذا علينا ان نبتعد عن الخطر ما أستطعنا ، والحفاظ على العملية السياسية من خلال استعادة حقيقية لحقوق المواطن ، وتوفير سبل العيش الكريم له والعمل على استثمار طاقات وكفاءات ابناء الشعب لتعضيد مسيرة البناء والاعمار بعيدا” عن لغة العزل والأقصاء والحواجز الكونكريتية والنفسية …
وختامها قول لسيدنا (علي كرم الله وجه) :
“غضب العاقل في فعله ، وغضب الجاهل في قوله ” .
وحسبنا ان أهلنا العراقيين هم اهل الحكمة والعقل!!!