الرباط – عبدالحق بن رحمون
بعدما رفضت مجموعة «بريكس» التي تتألف من من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا انضمام الجزائر، بدأت مؤشرات تظهر في الساحة السياسية المغربية لانضمام المغرب، وبمساندة من دول الخليح، بعد أن أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل بامابوزا الخميس خلال قمة للمجموعة في جوهانسبورغ، انضمام ست دول جديدة إلى مجموعة بريكس كل من إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأرجنتين وإثيوبيا اعتبارا من الأول من كانون الأول (يناير) 2024.
وسجلت تقارير لعدد من المراقبين والمحللين، فيما اعتبرته أن رفض مجموعة «بريكس» انضمام الجزائر للمجموعة، هو تحصيل حاصل للوضع السياسي الذي يقوده النظام العسكري، ودليل أيضا على فشل سياسة الدبلوماسية الجزائرية التي تروج لأطروحة البوليساريو . وأوضح في هذا الاطار، محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية أن رفض عضوية الجزائر في مجموعة «بريكس «يعتبر انتكاسة جديدة للدبلوماسية الجزائرية و دليل على ضعف فعاليتها».
وقال في هذا الصدد في تصريح صحفي إن غياب النفس الطويل لدى الدبلوماسية الجزائرية وعدم قدرتها على تطوير نهج علاقاتها الدولية «أسهم في توالي الاخفاقات في تحقيق الكثير من الأهداف، وسلط الضوء على عزلة سياسية تعيشها الجزائر حتى مع أقرب حلفائها المفترضين».
ويشار أن المغرب قبل انعقاد القمة المذكورة بجنوب أفريقيا أعلن في بلاغ رسمي تحت مسمى «مصدر مأذون» في الخارجية المغربية، والذي أعلن فيه أنه غير معني بقمة «البريكس» المنعقدة في جنوب إفريقيا، موضحا في البلاغ المذكور أنه لم يطلب الانضمام إلى هذه الخماسية التي انطلقت في 2009 في ايكاترينبورغ الروسية، بعد أن ابتكر فكرتها الرئيس البرازيلي لويث انياثيو لولا داسيلفا سنة قبل موعد المؤتمر.
وفي تصريح لـ (الزمان) قال الخبير المغربي وأستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة القاضي عياش بمراكش ادريس لكريني، إن قبول الجزائر أو عدم قبولها في مجموعة «بريكس» يعود إلى الاعتبارات ، موضحا أن انضمام المغرب بمجموعة «بريكس» يبقى رهينا بالسياسة الخارجية للمملكة المغربية التي هي سياسة استطاعت معها أن تنفتح في إطار جنوب-جنوب وأيضا أو في إطار التعاون جنوب -شمال ، وأيضا هناك عدد من الشراكات والاتفاقيات، التي أصدرتها وأرستها مع مجموعة من البلدان، مثل دول الجنوب أو في سياق التعاون مع منظمات دولية أو قوى دولية كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا .»
وتابع الخبير في الشؤون الدولية ادريس لكريني لـ (الزمان) أنه من هذا المنطلق ان المغرب «كان موقفه خلال الاجتماع الأخير بجنوب أفريقيا حول انعقاد قمة «بريكس» واضحا ، وأعلن أنه لن يقبل بالزج باسمه في إطار أجندات داخلية لاتعبر عنه مجموعة «بريكس» بدولها الوازنة كما هو الشأن بالنسبة للصين وروسيا أو البرازيل أو الهند، وخصوصا ان جنوب أفريقيا معروفة بمعاداته لسيادة ومصالح المغرب الاستراتجية وأيضا أخذا بعين الاعتبار أن المغرب يعتبر أن الموقف من قضية الصحراء المغربية هو المحدد الأساسي لشراكته ولعلاقته الخارجية .
وقال في هذا الصدد الخبير المغربي ادريس لكريني، ان المغرب عبر بشكل واضح عن موقفه ، وهذا لايعني أن الدول الأربعة الأخرى الأعضاء داخل «بريكس» لاتربط بها أية علاقات ، بل أن المغرب تربطه «علاقات ودية معها ، وثلاثة من هذه الدول تربطه بها شراكات هامة على المستويات الاقتصادية والسياسية.
وأبرز لكريني أن انضمام المغرب إلى مجموعة بريكس بعد رفض طلب الجزائر ، هو مرتبط «بتوفر الشروط والمعطيات الموضوعية التي يمكن للمغرب أن يقرأها ،ويستحضرها بهذا الخصوص.»
وقال في هذا الصدد، إن مسألة الانضمام تنسجم مع السياسة الخارجية للمغرب وانفتاحه وتعاونه في محيطه الدولي خصوصا على مستوى إرساء التعاون الاقتصادي وتعزيز السلم والأمن الدوليين ، لذلك أعتقد بأن مسألة الانضمام هي مسألة وربما المغرب لم يختر هذه المناسبة، لأنها كانت ملغومة بالنظر إلى المواقف لجنوب أفريقيا من الوحدة الترابية للمغرب وكذلك محاولة الزج بهذه المناسبة في تمرير بعض المواقف المعادية للمصالح المغربية ولذلك أعتقد أن المغرب سيختار الوقت المناسب بصورة سيادية وفي إطار براغماتي ملائم لمصالح المغرب لكي يعبر عن هذا الانضمام مستقبلا.
ومن جهة أخرى ، وخلال اجتماع قادة بلدان مجموعة (بريكس) بجوهانسبرغ يوم 23 آب (أغسطس) 2023،
أكدوا في إعلان فيه تشبثهم بتعددية الأطراف ، وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي يدافع عن الوحدة الترابية، ويدعو الى عدم التدخل في شؤون الدول، والى التسوية السلمية للنزاعات.
وشدد الإعلان على أهمية التوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية، وفقا لقرارات ومعايير مجلس الأمن، الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي دائم لهذا النزاع المفتعل.
وأكد الإعلان بشكل واضح على رجاحة موقف المغرب الذي لم يفتأ يلح على ضرورة احترام ودعم هذا المسلسل الذي تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة بشكل حصري.