الحقيقة الغائبة -قيس الدباغ

 

الحقيقة الغائبة

قيس الدباغ مما لاشك فيه أن الصوت طاقة والصورة طاقة والحركة أيضا طاقة كانت كامنة ثم تحررت وانتقلت إلى صورة أخرى من صور الطاقة والطاقة في الكون تتلون وتتغير وتظهر وتستتر لكنها لاتختفي ولاتندثر فالطاقه كما يقول علماء الفيزياء بشتى تفرعاتهم أن الطاقة لاتفنى ولاتستحدث كما أن الكون مغلق وليس مفتوحا كما برهن على ذلك آينشتاين العقل المبدع، وأن الطاقة تسير في هذا الكون وتنتقل من صورة إلى أخرى في هذا الفضاء المغلق وعلى هذه القواعد العلمية تمكن المخترعون من تحويل الموجات الصوتيه إلى صور مرئيه وبالعكس والحقيقة هذا ليس مقدمه لبحث علمي بل لقصة شاب إسمه حيران عمل في مجال العلوم والفيزياء وبنفس الوقت كان ينهل من كتب التراث الدينية مما خلق في تفكيره أسئلة كثيرة واجوبة متناقضة وابحر في كتب التفسيرات وما حوته من قصص ومحكيات وروايات ومنقوليات وعنعنه وفلان عن فلان عن أبيه عن جده مقولات عبرت ووصلت إلى أقرب مفسر وبين الحدث الفعلي قرنان من الزمن على أقل تقدير لم تقنع تلك المرويات عقل حيران العلمي وفر من هذا الجدل غير المقنع وخصوصا عندما اصطدم بمفارقات التناحر المذهبي والذي وصل بين التراثيين إلى حد التكفير ثم الاقتتال وكذلك الجدار الصلب والأصم على ما اعتقدوه صحيحا من تفسيرات لجأوا فيها إلى لي أعناق الآيات القرآنية لخدمة حاكم أو سلطان أو أمير كل ذلك دفع حيران المسكين المتعلق قلبه بمعتقده دفعه للهروب إلى مختبره العلمي والنظريات التي درسها وعمل عليها طويلا وهنا قاده تفكيره العلمي التطبيقي إلى نظرية أن الطاقه لاتفنى ولا تستحدث ولما كان فعل وتحرك وصوت الكائنات البشرية صور من صور الطاقه لجأ إلى اختراع جهاز يسوح في فضاء الكون الفسيح ويقتنص تلك الطاقه من زمان ومكان حدوثها الحقيقي وبعد جهد مضني امتد لسنوات طويلة تمكن من إسترجاع مقاطع زمنية كاملة بالصوت والصورة من أعماق التاريخ وخصوصا التاريخ الإسلامي وهنا أصيب بصدمة مروعة وهائلة عندما شاهد وسمع كل التاريخ الإسلامي من زمن بداية الدعوة إلى ماشاء الله له أن يطلع عليه والصدمة المروعة لحيران كانت في التناقض الهائل بين ماجرى وبين ما نقل إلينا من أخبار عندها وقف حيران على حقيقة التلاعب الكبير بين ما نزل الله وبين ما أدعي من تزوير من قبل من ادعوا أنهم وكلاء عن الله وأنهم فقط المخولون بالحديث والتفسير عن الخالق عز وجل وهم فقط اختصوا بميزة الوكالة الحصرية المعتمدة وغيرهم باطل بالمطلق  ، قام حيران بنسخ كل ما حصل عليه من صور وتسجيلات تبين سماحة وإنسانية الفكر الإسلامي الحقيقي ولم يطلع أحد على اكتشافه العلمي هذا بل بلغ جمع هائل من العلماء والتراثيين من شتى البلاد إلى مؤتمر علمي ليطلعهم على اكتشافه وليبرهن لهم خطل قسم كبير من معتقداتهم وتم له ما أراد وحضر الجميع بمختلف مذاهبهم ونحلهم ولما بدأ العرض الكبير والمثير أسقط بأيدي الدعاة وخاب أملهم واتفق الجميع على القيام بوجه حيران والهجوم عليه هجمة رجل واحد واشبعوه ضربا وقتلا حتى مات المسكين وخربوا وحرقوا كل أبحاثه ثم خرجوا للناس وقالوا لقد اتفقنا جميعا ولأول مرة على أن حيران زنديق مجدف مرتد مدعي للنبوة وقد حق قتله بأتفاق كل المذاهب بشتى صنوفها والحمد لله على نعمائه حيث قتلنا رأس الفتنه واخمدنا ادعائاته الباطله ملاحظه لايصلى على جثمان حيران ولايدفن في مدافن المسلمين وانا لله وانا اليه راجعون، لن يموت حيران لأنه صاحب فكر والأفكار الحرة لها أجنحة تطير حيث أرادت وحيثما حل الخصب والماء وحيثما ازدهر الفكر الحر،  رحم الله حيران رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

 

مشاركة