الثورية بين الشرعية والبطلان
لا توجد هكذا مسميات (الشرعية الثورية) ضمن مفاهيم علم السياسية أو قواميسها ولا في النواميس الذي تفقه بها الفيلسوف الاغريقي افلاطون منذ لكثر من الفي وأربعمئة عام ولم تعرف الانسانية مثل هذه المصطلحات الجدلية الطوباوية إلا في عقول الخارجين عن القانون ، لان الغاية من تدوين قوانين الارض والسماء الامتثال والطاعة والاحترام ، ان مفهوم الثورية لا يعني هدم الكيان القانوني ونظامها العام المتواتر من السلف الصالح او التجاوز عليها تحت هذه الحجة ، فأن اصل التشريعات القانونية والدستورية يتمحور بصحيح مصادرها التي اقرتها الشرائع السماوية ومدونات الشعوب الوضعية وعاداتها وتقــــــاليدها وسوابقها القضائية وما استقر عليه اعلامها من الفقهاء ورجالات الدستور والقانون.
فالثورة عملية انقلاب جذري على الوضع السياسي القائم وبناء نظام جديد على انقاضه دون الاطاحة بالتشريعات القانونية القائمة والسارية والنافذة قد يلجأ الثوار الى تشريعات دستورية اخرى بديلة ولكن شريطة ان تكـون على وفق القواعد والأصول المعروفة، أما ان يلجأ الحاكم الذي يدعي الثورية حال استلامه زمام السلطة عدم التزامه بالسائد من القوانين هذا يعني انتكاسة متهورة لثورته وأنها الفوضوية بعينها حتى وان كان منتخبا ، لقد حدثت ثورات في القرون الماضية كانت دموية وهمجية ولم تكن منظمة كالثورة الفرنسية والبلشفية الروسية وما صاحبتها من سفك للدماء وفوضى عارمة شملت جميع نواحي الحياة .
ان المبادئ الدستورية العامة تحكم بالبطلان على اي من القرارات التي يتخذها دعاة الشرعية الثورية حينما تكون نافذة وقت وقوع الثورة مثلما حصل ابان الثورة الشيوعية بداية القرن المنصرم حيث بات رواد هذه الثورة اول المنتهكين للتشريعات القانونية التي كانت سائدة واستمرت الانتهاكات لحقوق الانسان وحرياته الاساسية حتى يومنا هذا.
وتأتي الثورة الايرانية عام 1979 المحطة الثانية بعد الثورة الروسية من حيث الاصولية والقمع ونسف المعايير التشريعية كافة وجاءت ما يسمى ثورة الربيع المصري التي فاقت الاولين والآخرين فلم تراع ايا من الموازين المتعارف عليها في تاريخ الدساتير والقوانين فالرئيس المنتخب حنث اليمن القانونية وتجاوز على الاعلان الدستوري الذي اقره الشعب المصري في استفتائه وكذلك تعدى عن عمد على هيبة القضاء الاعلى المتمثل بالمحكمة الدستورية العليا التي تحكم جل القرارات والقوانين الباطلة وتجاهل احكامها ، فهو لا يمتلك صلاحية الغاء الاعلان الدستوري المكمل ولا تغيير قادة القوات المسلحة او احالتهم على التقاعد إلا في ظل الغوغائية المسماة بالشرعية الثورية وقد طبل لها الجهلة والمرائين من فقهاء القانون الدستوري المصري ، فكان الاولى به اكمال المرحلة الانتقالية والانتهاء من كتابة الدستور وانتخاب مجلس الشعب الذي يمنحه الصلاحيات الدستورية وقبل هذا وذاك عليه تعديل قانون العقوبات المصري الذي يحضر نشاطه ونشاط حزبه اخوان المسلمين ، وإذا ما ذهب المتضررين من هذه القرارات المفاجئة الى المحكمة الدستورية العليا سوف يكون الحكم المؤكد بطلان قرارات الرئيس المنتخب بأقل من عشر عدد سكان جمهورية مصر العربية البالغ تعدادها السكاني خمسة وثمانين مليون وإعادة الحالة الى ما كانت عليه لكون المجلس الاعلى للقوات المسلحة سلطة تشريعية بإرادة الشعب حسب الاعلان الدستوري الاصلي ؟
سفيان عباس
/8/2012 Issue 4280 – Date 18 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4280 التاريخ 18»8»2012
AZPPPL