التناقض بين الزهد والثراء – عبدالهادي البابي

التناقض بين الزهد والثراء – عبدالهادي البابي

في الزمن الماضي- كما سمعنا وعرفنا وقرأنا- كان رجال الدين صوتاً للمظلومين وملاذاً للفقراء والمحتاجين ولم يكونوا يوماً ما جزءاً من طبقة أصحاب النفوذ والسلطة والفساد ، أو من الذين يستغلون ثقة الناس البسطاء باسم الشريعة الدين .

وكلنا نتذكر في زمن النظام البائد عاش كثير من رجال الدين حياة بسيطة وقاسية وصعبة ، وكانوا قريبين من هموم الناس، وكان يُنظر إليهم كرموز للزهد والإلتزام الأخلاقي .. ولكن بعد التغيير 2003 ظهر تحوّل واضح في حياة (أغلب رجال الدين) في العراق …حيث أنتقلوا إلى مستويات معيشية مرتفعة ، مستغلين نفوذهم ومكانتهم في المجتمع ، فأصبحوا- برمشة عين –  يمتلكون السيارات الفارهة والمنازل الفخمة والأرصدة الهائلة ، من دون توضيح معلن لمصادر هذا الثراء الفاحش السريع ، وقد أثار هذا التحول تساؤلات مشروعة لدى المجتمع الذي يعرف أوضاعهم وإمكاناتهم المادية من قبل ..ولكن الناس أصيبوا بالصدمة من هذا التحول العجيب لدى رجال الدين.!

نحن نقول أن المشكلة ليست في الغنى بحد ذاته، فالدين لا يحرّم المال ولاالتجارة ولا السكن اللائق ، لكن الإشكال في غياب الشفافية والمحاسبة ، وكذلك في التناقض بين الدعوة إلى الزهد وخدمة الناس، وبين مظاهر الترف في مجتمع يعاني الفقر والبطالة بشكل مريع .

إن تجاهل هذه الظاهرة يهدد الثقة بين الناس ورجال الدين..حيث أن المجتمع يعتقد أن قيمة رجل الدين تبقى في نزاهته وصدقه وقربه من الناس ، وليس في فخامة ممتلكاته وسياراته وكثرة الحمايات والمرافقين الذين ينتشرون حوله في كل مكان يذهب إليه .!!