التغيير مهمة وطنية – جاسم مراد
ثمة ضرورة أن تشعر كل الأطراف السياسية ، بأهمية اجراء تغييرات لهيكلية النظام والدستور، سيما بعدما تكشف بأنه عَجز عن معالجة الازمة الاخيرة ، لكونه مركّب على قواعد الحصص والمصالح والشراكات المذهبية والعرقية ، فاصبح من الضرورة بمكان ، أن تستقرأ كل القوى السياسية ، تجربة عقدين من زمن النظام دون أن يتقدم في بناء علاقات موضوعية مع الجماهير الشعبية ، وان نسب التقاطع بين الرغبة الجماهيرية من جهة ، وبين سياسات وممارسات النظام من الجهة الأخرى ، باتت تتسع ، وأن الرأي العام المجتمعي ينظر للنظام ، من أنه واحداً من عَلل واثقال النظم التي حكمت البلاد، وزاد عليها ببناء شبكة خطيرة من الفاسدين الموزعين على طول البلاد وعرضها . الاجتماع الثاني الذي دعا اليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ، وحضره قادة القوى السياسية ، باستثناء التيار الصدري ، يشكل بادرة خير نحو حلحلة الازمة ، وفتح نوافذ نحو المنغلقات ، وبما إن الكل متفق على اجراء انتخابات مبكرة ومراجعة الدستور وتعديل لبعض القوانين والعمل على وضع الحلول لبنية وتركيبة النظام ومكافحة الفساد وانجاز صيغة قانون النفط والغاز ، فأن المسائل الأخرى يصبح حلها مسألة وقت ليس ببعيد .المهم على كل ما تقدم ، هو الامن المجتمعي ، وسلامة العلاقات بين كافة فصائل ومكونات المجتمع ، فأن كل القوى السياسية والتيارات والأحزاب ملزمة قطعاً بترسيخ الامن المجتمعي والحفاظ على العلاقات بين افراد المجتمع ، وأن أي خرق لهذا المقدس من أي جهة كانت يصبح لا قيمة لحضورها في خارطة الوطن .ان الأطراف والقوى السياسية ، لازالت تتعامل بالعموميات في معالجة الانسداد القائم ، وبالرغم من خطورة الوضع ، هناك ابتعاد عن التشخيص الواقعي للوضع السياسي ولحالة الدولة بين التجاذبات ، وكل طرف من اطراف الخلاف يريد أن يكون هو الذي يحسم الأمور وفق قناعاته ، علما إن الوضع القائم وتشابك اطراف الاختلاف يحتاج الى مرونة في طرح الأفكار لكي تتحقق أهم عناصرها .الأغلبية الشعبية وكذلك بعض الأطراف السياسية تشعر بضرورة التغيير ، التغيير في هيكلية النظام ، التغيير في الدستور ، التغيير في طريقة عمل مؤسسات الدولة ، التغيير في التشكيلات خارج أطر الدولة، ، أو لنقل التشكيلات التي فرضتها المحاصصة السياسية ، هذه العملية التغييرية يجمع عليها اغلبية العراقيين ، وباتت ضمن توجهات القوى السياسية ، ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك ..وبعض الأطراف ترفض الجلوس للحوار بغية التوصل لعملية التغيير .المحكمة الاتحادية ثبتت موقفها القانوني مرة أخرى ، فهي ليست مسؤولة عن حل مجلس النواب ، وإنما هذا الامر من مسؤولية مجلس النواب ذاته ، وحملت المجلس والقوى السياسية مسؤولية الانسداد القائم .
هنا تبرز مسألة مهمة ، فالتيار الصدري طرح سياسات وأفكار حل البرلمان ، ولا يقبل عقد جلسة للبرلمان ، ولا تشكيل حكومة مؤقتة مهمتها حل البرلمان وتثبيت وقت للانتخابات القادمة سيما من الاطار التنسيقي ، ثم يرفض حضور أي اجتماع أو مؤتمر لمناقشة الصيغة الكفيلة بالوصول لاتفاقات ، لقضايا حل البرلمان وتشكيل الحكومة المؤقتة والتغيرات في الدستور .
تحقيق اهداف
وجهة النظر المتواضعة ، تؤكد بأنه ليس من الممكن تحقيق الأهداف الكلية أو جزء منها ، لأي طرف سياسي دون أن يخوض غمار المفاوضات أو الحوارات لتثبيت الية العمل لتحقيق الأهداف ، كما ليس من الممكن أن يُحل البرلمان دون عقد جلسة له لكي يتم حله ، وهنا يجب الادراك ليس من السهل لطرف سياسي أن يحقق كل أهدافه ، وإنما إذا تمكن من تحقيق جزءاً مهما منها يكون ذلك نصراً مهماً.
وهناك قضية أخرى بات الحديث عنها ، وهي تغيير كل اشكال العملية السياسية ، وليس العمل التدريجي في تطويرها ، مثل هذه الأفكار تستهدف اشغال الشارع العراقي وخلق الفوضى ، وهذ الامر لا يخدم مشروع التغيير.