التعايش السلمي المجتمعي – عبد الكاظم محمد حسون

التعايش السلمي المجتمعي – عبد الكاظم محمد حسون

كنا قبل عقود قليلة نسكن مدن صغيرة او قصبات في جنوب العراق او غيرها من مناطق العراق الواسع ، ولا يخفى على احدى ان المدن الصغير اهلها يعرف بعضهم بعض وان آي حدث يحدث سوى كان كبير او صغير ينتشر فيها كالنار في الهشيم ، عكس المدن الكبيرة فالموضوع يختلف شيء ماء خاصة لم تكن موجودة صفحات التواصل الاجتماعي ، وكان لهذه المدن الصغيرة وجهاء من خيار القوم تجد عندهم الكرم والشجاعة والمساعدة وتقديم الضيافة للغريب والحمية على أبناء مدنهم ، وهم كذلك يمتازون بالورع والتدين وإقامة المجالس الحسينية كما يمتازون بالتواضع والاختلاط بمجتمع مدنهم والمشاركة في أفراحها واتراحها ، كما لا يغيب عن الذكر ، ان تلك المدن توجد فيها اماكن ترفيهية لا تتعدى كونها نوادي او محلات متخصصة ببيع المشروبات الكحولية ،ولها روادها من الموظفين المعتبرين او المعلمين والمدرسين والاطباء وضباط الشرطة وحتى رؤساء الوحدات الادارية وبعض من شيوخ العشائر ،وهم يدخلون تلك الأماكن دون حرج واحترامهم موجود في عيون هؤلاء الوجهاء ، كما ان تلك المدن او القصبات يسكنها مجموعات سكانية من ديانات أخرى كالصابئة المندائيين وبعض منهم هو من يبيع الخمور علنا ،والشيء الملفت للنظر طوال سنوات مرت في ذلك الوقت لم نرى اي كلام جارح او سؤ معاملة من اي شخص معتبر اجتماعي او ديني يتطاول به على من يرتاد تلك الأماكن ولم نسمع او نرى اي رجل دين يتطرق لهذا الموضوع او يحث الناس على محاربة هذه الظاهرة والنيل من أصحابها او من يترددون عليها والدعوة الى غلقها بشكل علني وواضح ،او الحث على خلق المقاطعة او الكراهية او منع التعامل مع هؤلاء الناس ، وهذا لا يمنع من وجود دين وتدين حقيقي ومتدينين دون رياء ،فأصحاب المساجد والحسينيات واضحين ، ومن يدعون الدين سيماهم في وجوههم من كثرة السجود دون تملق او رياء يدعوهم الى ذلك سوى مخافة الله ، ومن يرتادون تلك الاماكن يدخلوها دون خوف او انتقاص من شخصيتهم فكل واحد هو مسؤول عن تصرفه الشخصي شرط ان لا يؤثر على غيره ، فنجد مجتمع متعايش كلا حسب قناعته دون دعوات الى الكراهية والعداوة او البغضاء او الدعوة للاقتصاص او القتل او التهجير اوالتفجير كلا يحترم الاخر ويدعو الى اخيه بالصلاح والتقوى،ولم ينتهي الامر لهذا الحد فهنالك نسيج اجتماعي مترابط وقوي ، فترى تلاحم المسلمين مع المسيحيين ومع الصابئة المندائيين يتشاركون في كل المناسبات ومندمجين في الحياة ، لا يجد اي واحد منهم حرج او خوف من ممارسة طقوسه الدينية أمام الآخرين ،والاكثر اهمية من هذا كله ان الجار لا يعرف جارة هل هو شيعي ام سني ومن اي قومية وبالاحرى من اي عشيرة ، فروح الجورة الحقيقية المبنية على الألفة والمحبة والمساعدة هي السائدة ، أما اليوم فكل شيء تغير وأصبحت رائحة طبخة الطائفية منتشرة في كل الأجواء وفي كل زاوية ، والمد العشائري وسننه أصبحت بديل للقانون في حل النزاعات في الشارع العراقي .فمن لا عشيرة قوية له او لا يؤمن بالعشائرية ، يعيش في خوفا دائم ولا يضمن حقه الضائع ،ان العراق وكذلك اغلب بلدان العالم أصبحت اليوم تحت تأثير التطرف بعيد عن مفاهيم الدين السمح ،فكل الناس اخوان . اما أخا لك في الدين او نظيرا لك في الخلق وهذه مقولة شخص غير عادي يعرفه الجميع وعلى طول الزمن منذ صدر الاسلام ولوقتنا هذا ،انه الإمام علي عليه السلام ، الاسلام دين السلام والمحبة والإخاء ، لا دين الخوف او الرعب كما يتصوره المتطرفون ،كم نحن اليوم في حاجة إلى جو الألفة والمحبة بعيد عن جو المشاحنات والخوف والكراهية .ربي احفظ العراق واهل العراق يا رب العالمين.

مشاركة