التطبيق الخاطئ لمبدأ العقاب التربوي

التطبيق الخاطئ لمبدأ العقاب التربوي

 أن الأوطان لا تبنـى إلا بالأشخاص الأقوياء الأصحاء الذين يتمتعون بشخصية قادرة على اتخاذ القرار، فكيف يستطيع الأبوان تربية أبناء يتمتعون بشخصيات قوية وقادرة على اتخاذ القرار؟، وكيف تسهم المؤسسة التربوية في تنشئة جيل قادر على بناء المجتمع وتخطي كبواته المتتالية بسبب تأثير العوامل الخارجية والداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. وللإجابة عن هذه الأسئلة سنحاول تشخيص المشكلة عبر تبيان اثر استخدام العقاب الجسدي والتوبيخ المفرط على بناء شخصية الطفل في البيت والمدرسة عسى ولعل ان يسهم هذا البحث الموجز ومثيلاته من الاطروحات  العلمية والمقالات الصحفية في توعية الاسرة العراقية لتذليل المخاطر والصعوبات التي تواجهها في اول عشر سنوات من عمر الطفل :

اثبتت الأبحاث العلمية أن استخدام العقاب الجسدي وضرب الطفل بدون ضوابط هي طريقة عديمة الجدوى، ولا ينتج عنها سوى اضطرابات نفسية وجسدية وعقلية، قد تصيب الأولاد ذكورا واناثا، فتحد من نشاطهم وقدراتهم وحيويتهم، وقد تؤثر على درجة ذكائهم بل إن بعضها قد يترك آثاره الدائمة على أجسادهم عاهات مستديمة لا قدر الله تعالى.

ولعل أكثر حالات الإيذاء الموجه للأطفال، تمارس باسم التأديب وهو في الواقع ظلم يوقع على الطفل ..ولا سيما حين يكون دون العاشرة، فإنه لا يجوز ضربه عندئذ لا شرعا ولا قانوناً،وكثير ممن يدلون بالحقيقة في مثل هذه الحالات : يعترفون بضعف النفس، وقلة الحلم، وأن ما يقومون به مجرد تنفيس عن الحنق والغيظ في أجساد أولادهم !!وليس لطبع الغضب دواء مثل التحلم، فقد ورد في الحديث الحسن عن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم :

((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم))

وقد أظهرت دراسة دانماركية حديثة أن توبيخ الأطفال قد يحدث آثارًا ضارة مثل الضرب تمامًا. وعلى ذمة الدكتور إريك سيغسغارد من المركز الدانماركي للبحوث الذي أجرى الدراسة إن احترام الذات يتضرر عند العقاب بوسيلة أو بأخرى، وأضاف لا يمكن القول أن توبيخ الطفل أفضل من ضربه، فعندما تعاقب طفلاً تعطيه الإحساس أنه عديم القيمة، وفي إطار الدراسة تمت مراقبة صغار في مرحلة رياض الأطفال ووجهت إليهم أسئلة في الفترة ما بين عامي (1994 و2000م) وقال أكثر من نصفهم إنهم يكرهون التعنيف والصياح وإنهم يعتقدون أن الكبار مايزالون غاضبين منهم حتى بعد مضي وقت طويل، فعلى الآباء بأن يقولوا رأيهم للأبناء في صوت طبيعي دون صياح. وإن الآباء الذين يرغبون في توطيد علاقتهم مع أبنائهم يجب أن لا يكثروا من تعنيفهم ويلجأ الآباء أو الأمهات إلى تعنيف الأطفال بالكلام تجنبًا للضرب إذا أساءوا التصرف، ورغم أن ضرب الأبناء أصبح أقل انتشارًا ومجرمًا في بعض البلاد، فإن معظم الآباء والمعلمين يعنفون الأطفال غير المطيعين على انفراد أو علانية. ووفقًا لميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل فإن للأطفال الحق في الحماية من العنف الجسدي والنفسي.

ومن أبرز نتائج ابحاث التربويين وعلماء النفس في هذا الصدد ما يلي:

أولا: يعتقد كثير من الآباء والأمهات أن الضرب قد يضع حدا نهائيا لأخطاء طفلهم وتمرده، لكن الحقيقة أن ذلك لا يغير من سلوك الطفل، بل قد يسبب تعثرا في العلاقة بينه وبين أهله.

ثانيا: الأباء والأمهات الذين يلجأون إلى العقاب يبعدون أبناءهم عنهم، اذ يعمد

الأبناء إلى الحد من علاقتهم مع أهلهم خوفا من العقاب الشديد مما يساعد في تعطيل دور الاهل في مسيرة التربية الصحيحة اللازمة للأولاد.

ثالثا: استخدام الضرب المفرط قد يحد من الأعمال السيئة والتصرفات الشاذة للأطفال، لكنه لا يحسن ولا يهذب سلوكهم إذ يعلمهم ما لا يجب القيام به، لكنه لا يرشدهم الى ما يجب القيام به ..

رابعا : اعتماد مبدأ العقوبة غير المضبوط بشكل مستمر قد يفقد فعاليته كلما تقدم الولد في العمر .. فالأساليب التي كانت تردع الولد في سن الخامسة أو السابعة قد لا تؤثر فيه إذا بلغ الحادية عشرة من عمره .

خامسا : استخدام مبدأ العقوبة الشديدة قد يصنع عند الأبناء شعورا بالنقمة وحب الثأر من المعاقب، وأن كان والده ..

وفي ختام هذه المقالة أقف مستنكراً انا وجمع من التربويين والمثقفين والصحفيين في العالم العربي، لما يحصل من ضرب جسدي غير مبرر في بعض المؤسسات التربوية بحق الأطفال والذي قد انتشرت صوره المرئية والسمعية على مواقع التواصل الاجتماعي .. واطلق اعلى صيحات الاستهجان والاستنكار لمثل هذه الممارسة السادية والغير حضارية بحق أطفالنا الأعزاء .. طلاب العلم وجيل المستقبل ..واعلل اغلب هذه الحالات حسب استقرائي لها بأنها ضعف حيلة  وقلة المام بالمناهج التربوية الحديثة والطرق التكنلوجية في إدارة المؤسسات التربوية من قبل التربوي نفسه او من هم اعلى منه في سلم التدرج المؤسساتي …

أسامة البدران

مشاركة