التصويت الإلزامي طريقنا للخلاص – منقذ داغر

التصويت الإلزامي طريقنا للخلاص – منقذ داغر

تعد الإنتخابات الإلزامية واحدة من أقدم وأهم الطرق التي استخدمها العالم لتعزيز المشاركة السياسية في الديمقراطيات الناشئة. وتعد بلجيكا أول دولة لجئت إلى هذا النظام عام 1892  ثم تبعتها الأرجنتين 1914  واستراليا 1924 والآن هناك 27  دولة في العالم13  بالمئة من مجموع الدول التي تجري فيها انتخابات ) يعد الإنتخابات والتصويت فيها واجب وليس حق.  وقد كان اوباما واعيا مثلا لاهمية زيادة نسبة المشاركة لمنع ترامب وأمثاله من الشعبويين من الفوز بالانتخابات فدعى عام 2015  الى سن قانون التصويت الالزامي. كما لاحظ المختصون أن جعل التصويت إلزامي لا يساعد فقط في زيادة المشاركة السياسية ، أو تقليل الإضطرابات العنيفة بل هو يقلل أيضاً من احتمالات التزوير واستخدام المال السياسي ، ويزيد من مشاركة الشباب والفئات الأكثر تهميشاً في المجتمع.

عانت الإنتخابات العراقية منذ 2005  إلى اليوم من انخفاض مستمر في معدل المشاركة الفعلي حتى بلغ الرقم الرسمي للمشاركة في انتخابات 2018 44 بالمئة  في حين يقدر معظم المراقبين الرقم الفعلي بأقل من ذلك كثيراً.  وهذا يشكك كثيراً في مصداقية تمثيل البرلمان الحالي للشعب العراقي. وفي استطلاع كبير للرأي العام العراقي أجرته مؤسسة كالوب الدولية بعد إنتخابات 2018  بأقل من شهر ، أعرب حوالي 80 بالمئة من العراقيين عن شكهم الكبير بنتائج الإنتخابات ونزاهتها. لقد أمضيت الأسابيع الماضية في إجراء دراسة رقمية لنتائج الإنتخابات السابقة وكذلك النتائج المتوقعة للإنتخابات القادمة. إن النتيجة الرئيسية التي خرجت بها هي أن الإنتخابات القادمة لن تغير كثيراً في الخارطة السياسية للبرلمان الحالي. بالتالي فإن حالة عدم الرضا وعدم الثقة بالبرلمان من قبل العراقيين ستستمر. فبحسب آخر استطلاع للرأي العام العراقي أجري قبل بضعة أسابيع فإن أقل من 15 بالمئة فقط من العراقيين يثقون بالبرلمان العراقي الحالي. أن فقدان الثقة بالمؤسسة السياسية كما هو حاصل الان له عواقب وخيمة على مستقبل اي بلد.لقد كان الإحباط والذي اعترى الشباب العراقي نتيجة إنتخابات 2018  وما سبقها أحد أهم مسببات إنتفاضة تشرين. وإذا لم يتم استعياب هذا الدرس جيداً ، فإن مستقبل العراق على كف عفريت.

إن واحدة من أهم النتائج التي توصلت لها في دراستي الحالية أن تغييراً جذرياً يمكن أن يحصل في الخارطة السياسية العراقية إذا زادت نسبة المشاركة عن ثلثي الناخبين المؤهلين للتصويت. وأن من المتوقع بحسب المسوحات الميدانية الحالية أن لا تتجاوز نسبة المشاركة في الإنتخابات القادمة عن 40-45 بالمئة. لذلك فإن احتمالات التغيير للافضل لا تبدو واعدة في ظل الواقع الانتخابي الحالي الذي يحتاج ثورة تصحيحية قد يكون الانتخاب الالزامي احد ادواتها. من هنا تأتي دعوتي للحكومة الحالية التي يفترض أنها جاءت استجابة لمطالب الحراك الشعبي ووضعت في قمة أولوياتها إجراء انتخابات حرة ونزيهة، لإقتراح قانون يلزم كل العراقيين المؤهلين للذهاب إلى صناديق الإقتراع وبغض النظر عمن سيصوتون له أو حتى لو سلموا أوراق إقتراع فارغة. أعلم أن البرلمان لن يوافق (غالباً) على تمرير مثل هذا القانون المقترح من الحكومة،لكنه حينذاك سيضع نفسه في مواجهة مباشرة مع الشعب بإعتباره لا يريد زيادة مشاركة المواطنين في الشأن السياسي ولا يريد أحداث التغيير الحقيقي الذي تعهدوا به أمام شباب الإنتفاضة.

مشاركة