التشكيلي الأردني غازي أنعيم

التشكيلي الأردني غازي أنعيم
المخيم منبع فني والقدس بؤرة اللوحات
زهرة زيراوي
يقول الفنان غازي أنعيم
سرقت طفولتي وأحلامي وكل أشيائي الجميلة.. وعانيت من الغربة والمعاناة والتشرد والملاحقة ما عانيته .
كان المخيم والواقع المر الذي عاشه، أحد المنابع التي شكلت تجربته الفنية و طبعا صقلتها دراسته فعكست في محتواها فلسطين الجمال الحزين..
جاء مدينة فاس بالمغرب عارضا أوجاع فلسطين، و في شهر أبريل من هذا العام سيعرض في مراكش بحكم كونه عضوا في الصالون العربي للفن المعاصر.
أشير أن الفنان غازي أنعيم لا يلزم الصف الواحد القماش و الفرشاة و الصباغة. بل عرفته ناقدا متابعا للفن التشكيلي العربي و الغربي بمجلة عمان
ما يصرح به الفنان غازي أنعيم عن تشرد و ترحل الفلسطيني و عدم يأسه تعكسه لوحاته بقوة أترك المتلقي يتأمل لوحاته
لحريته اليوم الآتي، تفكر في الشهيد ، القادمون ، نساء من فلسطين، القدس ستظل الوطن
أشير أن الفنان غازي أنعيم يرأس رابطة الفنانين التشكيليين بالأردن
التقيته فدار الحوار بيننا أولا عن الرابطة و دورها في حياة الفنان و المجتمع
على كاهلنا تطوير الفن و رعاية الثقافة البصرية
س ــ تترأسون رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين ما هي المنجزات التي تحققت ؟؟
ج ــ عملت مع زملائي في الهيئات الإدارية المتعاقبة منذ عام 2008 وحتى الآن على تنظيم سير خطى الرابطة ، منها بأن تكون الرابطة حاضرة على الصعيد الأردني والعربي والعالمي، كما ركزنا على رعاية وتشجيع ودعم الموهوبين، وتطوير البرامج الفنية وجمع وتوثيق ونشر الفن الأردني وتسويقه.. وكذلك ربط الرابطة بالمجتمع المحلي، والنهوض به وبالحركة التشكيلية الأردنية، وعملنا خلال الخمسة أعوام الماضية على توفير بيئة فنية داعمة للفنانين.. بالإضافة إلى التواصل مع المؤسسات والهيئات ذات الصلة داخل الأردن وخارجه.
وبما أن الرابطة مؤسسة تطوعية متميزة ، تسعى لتنمية وتطوير الفن التشكيلي الأردني ،فقد أخذت على عاتقها تقديم برامج ومشاريع مهمة مثل المؤتمرات والملتقيات والمعارض والندوات والورش الفنية بتخصصاتها المتنوعة، وسعينا بأن تكون الرابطة مصدراً للإبداع الذي بدوره يسهم في تكوين القرارات الخاصة بتطوير الثقافة التشكيلية، مع رعاية جيل الشباب من الموهوبين وتأكيد دورهم وزيادة مشاركاتهم.
س ــ ما هي الإنجازات التي تحققت خلال الأعوام التي توليتم فيها أمر الرابطة؟
ج ــ هي كثيرة، لكنني سأوجز، من أهم المنجزات التي تحققت لرابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين منذ عام 2008 وحتى الآن هي
ـ مقر يليق بالفنانين وبالحركة التشكيلية الأردنية مجهز بصالة عرض وداتا شو ومكتبة وموقع الكتروني.
ـ مؤتمر القدس في الفنون التشكيلية.
ـ أسبوع ذاكرة الفن التشكيلي الأردني.
ـ أسبوع تكريم المرأة في يوم المرأة العالمي.
ـ تثبيت معرض سنوي يحمل اسم ون وفنون يقام كل عام بمناسبة يوم المرأة العالمي.
ـ ملتقى عمان التشكيلي العربي.
ـ ملتقى عمان الدولي لفن الجرافيك
ـ معرض الخريف السنوي للإبداع التشكيلي الأردني للفنانين المخضرمين فوق الأربعين عاما .
ـ معرض الخريف السنوي للإبداع التشكيلي الأردني للفنانين الشباب دون سن الأربعين .
ـ معرض المنمنمات الاسلامية.
ـ توقيع اتفاقيات فنية مع هيئات تشكيلية عربية ودولية.
ـ المشاركة في البيناليات العربية والدولية.
ـ مجلة التشكيلي الأردني.
أمانة عمان هل تنقذ الرابطة من إفلاسها عام 2013؟
س ــ ما هي العوائق التي تعيق أعمال رابطة الفنانين؟
ج ــ المال يظل العائق الكبير أمام برامج الرابطة وتطويرها، وللأسف نجد صعوبة في تمويل مشاريع الرابطة، وبهذا الخصوص توجهنا للعديد من المؤسسات والشركات من فنادق وبنوك وغير ذلك من أجل الدعم والمساهمة في التنمية الثقافية، لكن للأسف ثقافة الدعم غير موجودة عند تلك المؤسسات.. لذلك سنتوجه في هذا العام إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي من أجل دعم مشاريع الرابطة.
وهنا أود الإشارة بان وزارة الثقافة من الداعمين للرابطة لكن هذا الدعم لا يغطي أجرة المكان، ومن المؤسسات الداعمة أيضا أمانة عمان الكبرى وهناك اتفاقية شراكة مع الأمانة، وهنا لن أذيع سرا إذا قلت أن هناك بعض المبالغ المستحقة من عام 2011 لم تدفع حتى الآن للرابطة، كما أن الأمانة لم تلتزم بالاتفاقية لعام 2012 ولم تدفع ما هو متفق عليه، لذلك كان عام 2012 الذي أنجزنا فيه 35 نشاطا كان عاما صعبا جدا، وسيبقى كذلك عام 2013 عاما صعبا وقد تعلن الرابطة إفلاسها إذا لم تدفع أمانة عمان ما عليها من مستحقات للرابطة. وقد خاطبنا قبل نهاية العام الماضي رئاسة الوزراء للتدخل من أجل حل هذه المشكلة لكنها لم تحل حتى الآن.
وبهذا الخصوص وضعنا برنامجنا للنصف الأول من عام 2013 وهذا البرنامج يصل إلى ما يقارب 30 نشاطا ما بين معرض وندوة وورش فنية فلسطين يبشر النص الصباغي بروحها الحية دائما
س ــ والآن عن أعمالك الفنية ، نلاحظ حضور فلسطين في أعمالك بقوة لوحة القدس ، برغم ما يطالعنا من تدمير، وما نعرفه عن نكبة الأرض فإن لوحتك القدس المدينة ، لا تثير فينا الحزن بقدر ما تثير الغناء اللوني و الحلم بالآتي، أليس كذلك؟
ج ــ الحلم يجعلني أستعيد الماضي، وبه أمجد الحاضر.. لذلك تناولت بيوت القدس بأقواسها وقناطرها وسورها وأبوابها وفتحات شبابيكها المشرعة على الأمل والحياة.. لذلك كان مركز هذه البيوت قبة الصخرة وكنيسة المهد لأقول فيها رغم ما عانته القدس من حروب وعدم استقرار.. هنا تجمع أبناء فلسطين كل فلسطين، حيث الوطن ببعده الإنساني والتاريخي يحثنا على الاستحضار .
والقدس في هذه اللوحة تتمتع بنقاء وصفاء لا مثيل له، لذلك أردت أن أُعبر عن روحي وروح أمتي، بألوان غنائية فرحة.. بعيداً عن حالة الاستلاب وحالة التشظي.. لذلك يتحول اللون في هذه اللوحة رغم الواقع المأساوي، إلى احتفالية وحلم.
كما أردت أن أقول للمحتل من خلال هذه اللوحة رغم كل محاولاتكم لتهويدها، وطمس معالمها العربية والإسلامية، وتزوير تاريخها، وتراثها، ستظل القدس رمزاً من رموز المحبة والسلام والنضال.. وهذا واقع وليس حلم.
كانت أوربا تعيش أظلم عصورها والعالم الإسلامي في قمة عطائه
س ــ تراثنا العربي يحتفي بالمنمنمات.. وأجدها تحضر في أعمالك الفنية، هل هو وعي منك بألا ترتمي في أحضان الغرب حتى الثمالة، إذ أن لك تاريخاً يدعوك للاشتغال على مكوناته؟؟؟
ج ــ مما لا شك فيه أن تراثنا العربي يحتفي بالمنمنمات.. لأنها دخلت إلى مختلف ميادين الفن الإسلامي، بإيقاع موسيقي خاص، عندما توصل الفنان العربي والمسلم إلى نظام هندسي، متداخل، متشابك من خلال وحدات زخرفية بسيطة في تكوينها، معقدة في تشكيلاتها عكست الجانب الروحي والحسي في الفن الإسلامي والعربي، وقد أثر هذا الفن على ما تلاه من ثقافات، عندما انتشر في بقاع الأرض مضيفاً بعداً روحياً وجمالياً على الهندسة والفن في العالم.
وإذا كنا قد تعرفنا إلى الثقافة الفنية الأوروبية من أجل الاستفادة من مناهجها وتقنياتها ومن إيقاعها، في نقل تراثنا وإبداعاته وجمالياته.. فهذا وارد، لكننا يجب أن لا ننسى أن أوروبا عندما كانت تعيش أظلم عصورها، كان العالم الإسلامي بكل أقاليمه يعيش في قمة عطائه الإنساني، ويجب أن لا ننسى أيضاً أن التجريد الإسلامي، سبق التجريد الأوروبي بـ 13 قرناً.
وبما أنني شرقي، وأنتمي لحضارة لها جذور تعود إلى أكثر من 4000 ق. م، وبما أنني واحد من عشرات الفنانين الذين يمثلون ذاكرة وضمير شعبهم وأمتهم.. الذاكرة الجمالية التي ما زالت مستمرة في الفلكلور الذي لم يستطع الكيان الصهيوني أن يطمسه رغم مختلف المحاولات التي قام بها.. ونتيجة لوعيي لطبيعة المعركة مع العدو، فقد قمت بتوظيف المنمنمات الفلسطينية على مسطحات لوحاتي، التي تحولت إلى سلاح مقارعة ضد مغتصبي الأرض، وهذه المنمنمات التي تحيكها النساء الفلسطينيات على ثيابهن، مشتقة من الطبيعة وتعود إلى 4000 سنة ق. م، تلك الثياب قام الصهاينة بسرقتها، وتزوير تاريخها، عندما قدموها للغرب عبر مضيفات شركة طيران ألعال وزوجات السفراء الصهاينة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن استعارة الوطن والوجدان والعواطف؟ بالتأكيد لا.. لأن الأخيرة مرتبطة ببيئة وظروف مختلفة عن بيئة تلك الأجناس القادمة من مختلف أصقاع العالم.
يغيب في مناهج الغرب التعليمية بأننا أصحاب حضارة وقيم
س ــ كنت قد قرأت لكم في مجلة أمانة عمان متابعاتكم النقدية للفن في العالم العربي خاصة والعالم عموما، كما قرأت لكم كيف يتم تحليل الواقع الاجتماعي والعالمي من خلال الملصق أو الكاريكاتير، ناجي العلي مثال على ذلك..
ج ــ علينا أولاً وقبل كل شيء أن نحدد مفردات الحوار واللغة التي يجب مخاطبة الآخر بها.. ولغة الحوار منذ أقدم العصور، لم تنقطع بين الشرق والغرب، ومن يطلع على أعمال الفنانين الغربيين يرى أنهم تأثروا بالفن الشرقي ، وبنوا عليه أعمالاً كثيرة ساهمت بدورها بتعزيز ثقافة الحوار، كما أن الفنان التشكيلي العربي وبشكل فردي ـ بعيداً عن مؤسسات السلطة ـ أسهم وما زال في تعزيز هذه الثقافة وإبرازها من خلال نصه البصري الذي يحمل مقومات الحضارة العربية.. ذلك النص يعتبر جزء هاما من حوار الحضارات الذي أسهمنا فيه كعرب في القرون الماضية.. لذلك بإمكان اللوحة أن تكون عاكسة لحالنا وأيضا سفيرنا إلى العالم الغربي، الذي يغيب عن مناهجه التعليمية.. بأننا أصحاب تاريخ وحضارة وقيم..
لكن هناك عقبات كثيرة تواجه الفنان العربي، وتجعل الرد بلا جدوى، أهمها عدم اهتمام النظام الرسمي العربي بالفن، وهذا لا زال يشكل عقبة في نقل إبداعات الفنانين إلى العالم، فاللوحة بحاجة إلى مؤسسات ذات طابع إعلامي، وأعتقد أن هذا الأمر لم يعد ميسوراً في أيامنا هذه، لأن الفن أصبح يخضع لشروط السياسة ولشروط المنتصر، كما أن إعلامنا العربي الذي يُصرف عليه مئات الملايين.. متصالح مع الآخر، وسليط على الشقيق، وهو للأسف إعلام يخاطب بعضه البعض.
أومن بضرورة منح الإنجازات الإبداعية الجديدة حقها
س ــ هناك مجموعة من الفنانين المغمورين لظروف الفقر ربما ،لا يتناول أعمالهم النقد الفني ويظلون مبعدين، وكأننا نعيد إقصاء لامية العرب، أليس هذا دور الرابطة.
ج ــ أعتقد أن كل الفنانين عبر التاريخ كانوا مغمورين ولم يولدوا كباراً، وبعد أن سيطروا على أدواتهم ساهم النقد في تقديمهم للمتلقي فأصبحوا مشهورين.. لذلك لا يوجد ناقد متخصص بفنان مشهور، وناقد آخر متخصص بفنان مغمور.. لأن ما ينطبق على الفنان ينطبق على الناقد، فكل واحد منهم يمتلك أدواته.. وأيضاً كل واحد منهم بدأ مغموراً.. ومن وجهة نظري أنهما يكملان بعضهما البعض.
وأعتقد أن هناك مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق الناقد في هذا الجانب، لأن مهمته المساهمة في تقديم من هم في بداية الطريق والأخذ بيدهم، وتوجيههم الوجهة الصحيحة، لأن مستقبل وتطور أي حركة فنية يقع بالدرجة الأولى على عاتق الفنانين الشباب، وأستطيع القول وبكل تواضع أنني ساهمت في تقديم مجموعة كبيرة من الفنانين المغمورين، وقد أصبح لهؤلاء فيما بعد، شأن في التشكيل..
أما بالنسبة لكتاباتي فأنا لا أمارس الإقصاء، لإيماني بضرورة منح الإنجازات الإبداعية الجديدة أو المغمورة حقها من الضوء والحياة، لذلك تعاملت مع كل التجارب بنفس المستوى دون تفريق، وكتاباتي في الصحف والمجلات تشهد على ذلك.
AZP09