التشكيلية تيسير كامل تحلّق بالألوان  في فضاء الجمال الفني

التشكيلية تيسير كامل تحلّق بالألوان  في فضاء الجمال الفني

بغداد –  عادل الميالي

تيسير كامل حسين فنانة تشكيلية عراقية واعدة , قدمت خلال مسيرتها العديد من الأعمال الفنية التي تجسد موضوعات المرأة والوطن بهدف صناعة الجمال عبر ضربات لونية صاخبة ومشعة وجميلة لجذب المتلقي وتحقيق الدهشة لديه .

في هذه المساحة نسلط الضوء على تجربة الفنانة ورؤاها الفنية والإبداعية في مجال الرسم , فكان هذا الحوار :

{ متى رأيت الفن يشكل هاجسا لك ؟

– منذ نعومة أظفاري عشقت البياض الناصع الذي كان يستفزني في أي ورقة كانت تقع بيدي,  إذ كنت أظن إن علي أن أقوم بوضع لمساتي عليها, وكان ذلك بعمر الأربع سنوات حيث بدأت برسم الأفلام الكارتونية وكل ما تقع عليه عيناي .

{ نشأت في بيئة فنية , فما أثر ذلك في بلورة تكوينك الفني؟

– أنا من خريجي مدرسة الوعي والفكر فقد نشأت في بيئة تحتضن الفن وترعاه, فوالدي الفنان والشاعر كامل حسين ووالدتي التشكيلية والشاعرة ليلى عبد الأمير … ومع ذلك هناك دور كبير للموهبة والفطرة, فهم الأقرب لذات الفنان, فانا اشق طريقا يميزني كي اترك بصمتي لكل من يتابعني  .

موهبة فطرية

{ هل تعولين على الموهبة أم الدراسة الأكاديمية ؟

– أنا شخصيا أرى أن الموهبة الفطرية الموروثة هي الرصيد الأكبر للفنان, ثم تأتي من بعدها الممارسة والدراسة المستفيضة للفن الأكاديمي, إذ كان والدي معلمي الأكبر ومدرستي الأولى في الخبرة والدراسة للفن التشكيلي حيث تتلمذت على يديه منذ صغري .

{ تجربتك الفنية , هل هي على وتيرة واحدة أم مرت بمراحل متعددة ؟

– كل فنان في بداية مشواره الفني تستهويه لوحات الفنانين العالميين ويتأثر بأحدهم دون الآخر, فلا ضير في ذلك, ولكن بالنسبة لي أصبحت التعبيرية في الفن, فضلا عن التجريد تستهويني أكثر عبر أسلوبي الخاص المتفرد, فالتقليد المستمر يفقد هوية الفنان, ولا ننسى إن كل فنان عليه أن يجسد ذاته وثقافته الشخصية وان تكون له بصمة ولمسة فنية خاصة به, وهذا ما أسعى إليه دوما واجتهد به كي أصل إلى تحقيق ذاتي وبصمتي في جميع لوحاتي .

{ لوحاتك , ضمن أي اتجاه فني تضعينها ؟

– تتمحور كثير من أعمالي حول الواقعية التعبيرية والتجريدية التعبيرية , مع التركيزعلى ثيمة المرأة والاحتفاء بجمالها وحالاتها, فهي العنصر الأساسي في أعمالي .

{ هل ترسمين بناءا على تخطيط مسبق أم تستسلمين لعفويتك ؟

– عندما تتكون فكرة في مخيلتي, فهذا الأمر يدعوني للمباشرة فورا لتأسيس اللوحة وبدء الرسم, لان الرسم كما الشعر لا يحضرنا في كل الأوقات ويحتاج إلى ما يثير المشاعر والرغبة في تشكيل اللوحة, كذلك الموسيقى لها تأثير فعال في إثارة الأفكار والإلهام والألوان .

{ حضور المرأة يبدو واضحا في أعمالك , فهل هي عنوان لوحاتك ؟

– المرأة بنظري هي الملكة, فهي الأم والبنت والأخت والزوجة ومالكة الكون ورمزا كبيرا من رموز الحرية والتمرد على الواقع الذكوري المرير في مجتمعاتنا العربية, وأنا اقصد هنا الحرية الفكرية بوعي وثقافة بعيدا عن التحرر اللاواعي والذي يفسره البعض بشكل خاطئ, فالمرأة تستحق أن نحتفي بها ونجسد معاـناتها في جميع المجالات.

{ في رسوماتك , هل تعتمدين على مخزون الذاكرة ؟

– بالتأكيد, فللذاكرة الفضل الكبير في تجسيد الأحداث والمواقف والأحاسيس التي تعترينا حتى نجسد ما نشعر به في بياض لوحتنا الناصع الذي يعبرعما في دواخلنا من مشاعر, كما إن النظر لكل ما هو جميل ومؤثر يبقى عالقا في ذاكرتنا ويخرج بشكل لون جميل وضربة فرشاة مؤثرة .

{ ألوانك صاخبة ومشعة , فما الذي يبوح به اللون لديك ؟

– بالطبع فاختيار الألوان المفضلة يعتمد بالدرجة الأساس على شخصية الفنان وميوله ورغباته, لذا اشعر أن هذه الألوان هي الأقرب إلى ذاتي وتلامس مشاعري وتناسب ما أصبو إليه من التحليق في عالم الجمال الفني .

{ ما الآلية التي تتحرك فيها ألوانك أي هل هي خاضعة للمزاج الفني أم لضرورات اللوحة ؟

– المزاج الفني والميول والرغبات هي الأولى بالدرجة الأساس, وهذه هي العفوية التي تنتج عملا جميلا وحرا بعيدا عن القيود والقوانين .

{ لوحاتك , هل هي انعكاس لذاتك ؟

– لكل لوحة من لوحاتي قصة وحكاية مررت بها أو مشاعر وأحاسيس اجتاحتني يوما ما, وكل فكرة أقوم برسمها في داخل لوحاتي تعبرعما كنت اشعر به ساعة انجاز اللوحة, وهذا ما اعتبره الجزء الأهم, وهو تحليل وتفسير الذات والروح الإنسانية من خلال أعمالي الفنية .

{ ما هي فلسفتك الجمالية ؟

– هي الروح التي تتشبث بها اللوحة وتعانقها وتتصالح معها, والتركيز على الموضوع واختيار الألوان التي تجذب المتلقي, وهذه هي أسرار أعمالي الفنية التي اعتمدها .-أين تكمن جمالية وتعبيرية المنجز الفني ؟

  تكمن في بساطته وجمال ألوانه وتميزه عن غيره من الأعمال في ظل تشابه كبير بالنتاجات الفنية, فكلما كان العمل مميزا وخارجا عن المألوف وفيه بعض الفلسفة , عندها يجبر المتلقي على التأمل والتفكير وحل رموزه الفنية .

{ هل الحداثة أعطت الفنان حرية الإبداع ؟

– الحداثة لا بد منها, فالفن لا يختلف عن غيره من المجالات التي تطورت بشكل واسع وكبير, فلا بد من التغيير والتجديد في الفن وهذا يعكس مدى تطور المجتمع وإمكانية الاستمتاع والتمعن والتفكير بالأعمال الحديثة التي أصبحت تلهب مشاعر المتلقين وليست حصرا على متذوقي الفن والفنانين .

{ علاقة الثقافة بالفن , هل هي علاقة حتمية ؟

– لا يمكن فصل الفن عن الثقافة, فالفن مهما كان فطريا يحتاج لصقل ودراسة وفكر ووعي ومواكبة للعصر الحديث والتطور والتجديد, ولا يأتي ذلك إلا بمواصلة القراءة والاطلاع على كل ما هو حديث سواء كان ذلك في الداخل أو في البلدان الأوربية والعربية … ويبقى الفن هو إكسير الحياة .

مشاركة