حاورها: عزيز البزوني
هناء يوسف عبد الخالق فنانة تشكيلية لبنانية ،تحاصلة على شهادة الدكتوراه في علوم الفن،ت مارست الفنون التشكيلية في الجامعة اللبنانية- دبلوم دراسات عليا في الفنون التشكيلية الجامعة اللبنانية- معهد الفنون الجميلة- الفرع الرابع 2005 شهادة البكالوريا للتعليم الثانوي- القسم الثانوي ،عضوة في مؤسسة منتدى حروف الثقافي،عضوة في نقابة الفنانين ،عضوة في جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت،ت اقامت العديد من المعارض الفردية والجماعية ونالت شهادات تقديرية وكتب شكر خلال مشوارها الفني .
{ يقال بان الحركة التشكيلية في لبنان حركة ناشطة وهذا دليل صحة ولكن النشاط الزائد بحاجة لترتيب وتنظيم
-ان الحركة الفنية في لبنان حركة يمكن وصفها بالديناميكية احياناً وبالغليان الابداعي احياناً اخرى ليس على مستوى الفنون التشكيلية والبصرية فحسب، بل في مختلف الاتجاهات الثقافية،ت كسينما ومسرح وموسيقى.. هذه الحركة منظمة الى حد كبير، من جهة اهتمام جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت (انا عضو فيها) بتنظيم معارض سنوية تستقطب فنانين معروفين بتجاربهم الفنية وفنانين لديهم تجارب حديثة تستحق الاهتمام،ت من خلال معارض تضم فنون تشكيلية بصرية واخرى تجريبية من فنون ما بعد الحداثة. نضيف على ذلك الغاليريهات المتعددة التي تستقطب العديد من الفنانين المحترفين. يبقى هنالك معارض لجمعيات تضم فنانين وهواة،ت وهذا كله دليل صحة ولكل عرض جمهوره ومتذوقيه.
{ الاصرار لوحده لا يكفي للوصول المرأة اللبنانية الى مستويات متقدمة
– الاصرار والمثابرة هما صفتان أساسيتان لوصول أي انسان الى مستوى متقدم، وانا لا أميّز بين المرأة والرجل كصفة انسانية،ت بل أقول ان المرأة لديها من التحديات في المجتمع العربي،ت والمسؤوليات الملقاة على عاتقها ما يفوق الرجل. واذا تكلمت عن تجربتي سأضيف على الاصرار والمثابرة الشغف الذي كان المحرك الاكبر، من خلال دخولي الجامعة وانا أم لثلاثة أولاد، أتابع دراستي وأهتم بهم وبكل تفصيل يخصهم.. هذا الشغف كان المحرك الاكبر، لم تكن الجامعة والدارسة عبئاً بل كانت متعة وفائدة يكتنز منها عقلي وتتفاعل معها أحاسيسي. بالإضافة الى الدعم العائلي الذي كان يساندني في كل خطواتي.
{ الفنان التشكيلي ينبغي ان يكون صادقا؟ هل يتعاض ذلك مع المهارة والابداع؟
– هذا صحيح، الفنان الحقيقي لا يستطيع الا ان يكون صادقاً مع نفسه واحاسيسه. ان صدق هذا الاحساس سيقوده الى الابداع، فاللوحة أو العمل الفني برأيي هو المنبر الذي نعلن من خلاله ما يكمن في داخلنا، من هواجس،أحلام،فرح، حزن.. وأهم من كل ذلك رفضنا وانصياعنا للسائد وهذا يجعلنا في مرحلة متقدمة عن المتلقي مرات،ت وجذبه الى مستوى ما توصلنا اليه.
{ هل فعلا بان الفن اللبناني يحمل سمات الحداثة من دون التخلي عن التراث والهوية وكيف؟
-ان موضوع التراث والهوية، ومرحلة الهاجس القومي ساد في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي، بتأثير الأحداث بشكل قوي على الوسط الثقافي العربي. فبحث الفنانون عن مفردات تتكيف مع مجتمعهم وهمومهم الوطنية ومع الحداثة التي اطلعوا عليها من خلال اقامتهم في الخارج، فاحتضنت بيروت حينها أقوى حركة تشكيلية حديثة. أما اليوم وبعد كسر الحدود وعصر العولمة والانفتاح باتت الفردية هي الطاغية، في لبنان كما باقي المجتمعات، وبات بناء الذات الانسانية يتحدد من خلال تحديد ملامح الهوية الفكرية. هذا البناء يتماسك من خلال تعرف الشخص على قدراته ومواهبه، وقدرته على تطوير امكانياته للوصول الى مراحل متقدمة من الابداع.
{ ان الفن يطرح مشكلات المجتمع بطريقة جمالية وهو وسيلة أخلاقية ووسيلة تربوية علاجية ووسيلة للارتقاء بالمجتمع فالمجتمع الذي تكثر فيه الفنون تقل فيه الجريمة.
-أوافقك في طرح الفكرة أو السؤال، ولكن علينا البحث عن اماكن الخلل طالما لا زالت مجتمعاتنا رغم تطور الفنون وغزارتها لا زال الانسان يقتل اخيه الانسان، والعنف يتطور وبأساليب مختلفة. أعتقد ان الخلل يكمن في مناهجنا التربوية من خلال تهميش مادة الفنون وعدم حث الطالب على حرية الابداع، وتقبل الاخر. أضف الى ذلك أننا في لبنان نفتقد الى المتاحف التي تضم تراث الفن اللبناني، وأهمية اطلاع الاجيال على هذا الارث الثقافي، بالاضافة الى الاعلام السياسي والطائفي وعدم اهتمامه بطرح قضايا الفن والفنانين.
{ ساهم الفيسبوك خاصة و العالم الافتراضي بشكل عام في تسهيل التعرف على الفنانين و اعمالهم و اساليبهم و تجاربهم في كل انحاء العالم فالكثير من الفنانين يقومون بتسويق اعمالهم من خلال الفايسبوك و متابعة جمهورهم بشكل افضل.
– لا شك ان وسائل التواصل الاجتماعي فتحت الباب بل شرعته أمام سهولة التعرف على مجمل الاعمال الفنية والاساليب والتجارب في كل انحاء العالم،ت وهذا شيئاً أراه ايجابياً وهو الذي حطم الحدود التي تكلمنا عنها سابقاً. فالفن بات عالماً مفتوحاً،ت ولم يعد ممكناً احتكاره في رقعة جغرافية دون سواه.
{ يبقى للنّحت دوره الجمالي الأكثر جذبًا من اللوحة التّشكيليّة، و هو منتشر بشكل واسع في الدّول الغربيّة و إلى حدّ ما أقلّ بكثير في الدّول العربيّة و الإسلاميّة بسبب موقف الدّين من النّحت و حالات الصّنميّات
– لا أوافق ان للنحت دوره الجمالي الأكثر جذباً من اللوحة التشكيلية. للعمل الفني – مهما كان نوع هذا العمل- طريقه الخاص لجذب المتلقي، وهو يختصر في قدرة الفنان على التواصل مع هذا المتلقي، وسأعود الى الصدق الذي تكلمنا عنه، الى فكرة العمل وإحساس الفنان في طريقة توصيله. مثلا ان فن التجهيز اليوم الذي فتح الحدود على مختلف انواع الفنون بات يغوص في وجدان المتلقي ويجعله مشاركاٍ في العمل الفني او هو من صلبه.
{ ندرك أنّ العلاقة وطيدة و معمّقة بين الرّسم و التّشكيل و النّحت و اللغة و يعتبر الفنّ التّشكيلي و اللغة جناحان واسعان للتّحليق في فضاءات المدى لحركات الإبتكار و الإبداع في بلادنا…
– الفن بمختلف فروعه واللغة بكافة عناصرها يمكن اختصارهما بجناحين لطائر يحمل رسائل موجهة ممهورة ببصمة الفكر والإحساس لإيصال ما يريده المبدع ضمن اطار جمالي. هذا العمل سواء بالفن او بالادب نابع من عواطف ومشاعر الانسانية، وردود الفعل الناتجة من باطن التفكير.
والاهم من كل ذلك ان الاثنين يحتفظان بنفس الاهمية التاريخية والفكرية من خلال القدرة دائما على تزويد الحضارات الانسانية المختلفة بالطاقة اللازمة من اجل استمراريتها وتطويرها.
{ كلمة اخيرة قبل اسدال الستار
– أود ان اشكرك على افساح المجال أمامي للتواصل مع أكبر عدد ممكن من القراء في بلد له من العراقة في الفن والادب الكثير،ت العراق الذي يؤلمنا ما يعانيه اليوم كباقي الدول العربية.
وسأرسل عبرك أعطر التحيات الى الاصدقاء العراقيين وجميع القراء.