البعرور

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

هناك‭ ‬صناعات‭ ‬كثيرة‭ ‬قابلة‭ ‬للولادة‭ ‬او‭ ‬النمو‭ ‬والتطوير،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬التصدير‭ ‬الى‭ ‬الخارج‭ ‬وجلب‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭.‬

‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬من‭ ‬استيراد‭ ‬المواد‭ ‬المنزلية‭ ‬ومنها‭ ‬الاخشاب‭ ‬والاثاث‭ ‬ذات‭ ‬الاستخدام‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬والمكاتب،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬هنا‭ ‬لتأمل‭ ‬إمكانات‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬ابداع‭ ‬النجارة‭ ‬واعادة‭ ‬تصنيع‭ ‬الأثاث‭ ‬المنزلي،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬ابداعات‭ ‬فردية‭ ‬عالية‭ ‬الدقة‭ ‬والمستوى‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬والتنفيذ‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬اندثر‭ ‬معظمها‭ ‬مع‭ ‬قيام‭ ‬مشاريع‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬الاستيراد‭ ‬غير‭ ‬المدروس‭. ‬اثاث‭ ‬المنازل‭ ‬المستورد‭ ‬الذي‭ ‬يغرق‭ ‬البلد‭ ‬هو‭ ‬مثال‭ ‬واحد‭ ‬وصغير‭ ‬على‭ ‬الإمكانات‭ ‬المتوافرة‭ ‬لدينا‭ ‬والقابلة‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬بديلا،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬تنسيق‭ ‬حكومي‭ ‬لبدايات‭ ‬الانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬مشاريع‭ ‬كبيرة‭ ‬وذات‭ ‬جودة‭ ‬ومنافسة‭ ‬لأسعار‭ ‬الخارج‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬العراق‭ ‬مُصدّرا‭. ‬لو‭ ‬جئنا‭ ‬الى‭ ‬اية‭ ‬سلعة‭ ‬مستوردة‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬أو‭ ‬المواد‭ ‬الزراعية‭ ‬من‭ ‬طعام‭ ‬ومستلزمات‭ ‬لوجدنا‭ ‬انّ‭ ‬المجال‭ ‬فسيح‭ ‬جدا‭ ‬أمام‭ ‬العراقيين‭ ‬لكي‭ ‬ينتجوا‭ ‬البدائل‭ ‬ويحاولوا‭ ‬الإفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرات،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬يأخذ‭ ‬بأيديهم‭ ‬ويقودهم‭ ‬الى‭ ‬جادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتفكير‭ ‬التجاري‭ ‬الاستثماري‭ ‬لتوريد‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭ ‬الى‭ ‬البلد؟

‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يقول،‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬جلب‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭ ‬ونكتفي‭ ‬بما‭ ‬لدينا‭ ‬وهو‭ ‬كثير‭ ‬جدا‭ ‬إذا‭ ‬توقف‭ ‬الفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬وتهريب‭ ‬العملات‭. ‬هذا‭ ‬صحيح‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬ظاهري‭ ‬ووقتي،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬ان‭ ‬يبقى‭ ‬العراق‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العظيم‭ ‬محجورا‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬تاريخية‭ ‬آسنة‭ ‬بالفساد،‭ ‬وانّ‭ ‬افاق‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬العدالة‭ ‬موجودة‭ ‬بيد‭ ‬انّ‭ ‬بعضها‭ ‬محتجب‭ ‬تحت‭ ‬ظلال‭ ‬الفاسدين‭ ‬القوية،‭ ‬وهذا‭ ‬لابد‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬زوال‭ ‬ونهاية‭. ‬وسنعود‭ ‬بعدها‭ ‬نجد‭ ‬بلدنا‭ ‬فارغا‭ ‬منهوبا‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬الا‭ ‬الشواهد‭ ‬على‭ ‬انّ‭ ‬الفاسدين‭ ‬مرّوا‭ ‬من‭ ‬هنا‭.‬

‭ ‬الأمثلة‭ ‬كثيرة،‭ ‬وذات‭ ‬يوم‭ ‬ضربت‭ ‬مثلا‭ ‬على‭ ‬الفجل‭ ‬العراقي‭ ‬المتميز‭ ‬وان‭ ‬بإمكان‭ ‬العراق‭ ‬ان‭ ‬يصدره‭ ‬مع‭ ‬خضراوات‭ ‬لا‭ ‬تفلح‭ ‬دول‭ ‬زراعية‭ ‬أخرى‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬مميزة‭ ‬اكثر‭ ‬منه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وصولها‭ ‬يوميا‭ ‬الى‭ ‬الموائد‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عبر‭ ‬سلاسل‭ ‬تصدير‭ ‬يجهلها‭ ‬العراق‭ ‬او‭ ‬انقطع‭ ‬عنها‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬بعيدة‭.‬

حتى‭ ‬البعرور‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سلعة‭ ‬للتصدير‭ ‬والتحول‭ ‬الصناعي‭ ‬والزراعي‭ ‬اذا‭ ‬فكرت‭ ‬العقول‭ ‬التي‭ ‬تتبوأ‭ ‬مناصب‭ ‬صناعية‭ ‬وزراعية‭ ‬وتجارية‭ ‬في‭ ‬ابتداع‭ ‬طرق‭ ‬الإفادة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬منتجات‭ ‬البلد‭ ‬ومواده‭ ‬الأولية‭.‬

‭ ‬ويا‭ ‬عجبي‭ ‬نراهم‭ ‬لا‭ ‬يفلحون‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬نصفهم‭ ‬جاء‭ ‬الى‭ ‬المنصب‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬البعرور‭.  

fatihabdulsalam@hotmail.com

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

مشاركة