البصرة تودّع أستاذ الموسيقى مجيد العلي
فنانون يطالبون الإهتمام بالمبدعين قبل رحيلهم
فائز جواد
تلقت الاوساط الفنية والثقافية في العراق نبأ وفاة الفنان البصري المايسترو مجيد العلي بمحافظته البصرة مساء الاحد عن عمر ناهز 81 عاما ، وبذلك فقدت الموسيقى العراقية واحدا من اهم ملحنيها وسطر ملاحم موسيقية كبيرة لفنانين عراقيين ، والراحل كان يعاني من الشلل اثر اصابته باكثر من جلطة دماغية اقعدته الفراش وبقي يعاني لاكثر من عامين من الشلل وعدم الحركة ، وبالرغم من تعاطف فناني ومثقفي البصرة مع حالته الصحية لكنهم لم يتمكنوا من تقديم يد العون له باستثناء مناشداتهم التي كانت تتواصل مثلما تواصلت من قبل لانقاذ حياة الملحن البصري طارق الشبلي الذي غادرنا مطلع العام الجاري نتيجة اصابته بمرض خبيث لم يمهله طويلا وقبله الفنان الكبير فؤاد سالم .
ومثلما تحدث زملاء واصدقاء الراحل الشبلي بالامس وقبل رحيل الفنان الكبير مجيد العلي اكدوا ان نجما جديدا من نجوم الفن العراق تهاوى من دون ان تلتفت اليهم الجهات المسؤولة، فالعلي فارس آخر من فرسان التراث الموسيقي, ورائد كبير من رواد الفنون الشعبية البصراوية الأصيلة، وكان الراحل يلتقي زملاءه من خلال زيارات متواصلة من قبل فناني ومثقفي مدينة البصرة الفيحاء، متضامنين معه في ازمته الصحية هذه.
وأمل فنانون ومثقفون بصريون، من زملاء العلي، أن تنهض الجهات المعنية بواجباتها الوطنية, وتسارع لتوفير العناية والرعاية لرموز العلوم والفنون والآداب, الذين أقعدهم المرض, في هذه المدينة المينائية العائمة فوق أكبر بحيرات الثروات النفطية في عموم كوكب الأرض.
الفنان الراحل مجيد العلي عازف متمكن على آلتي العود والكمان, وملحن مبدع من الرعيل الأول, الملتزم بقواعد الفن الأصيل, ولد في البصرة عام 1933, وأكمل دراسته الابتدائية في مدرسة (كردلان) في التنومة, وأكمل المتوسطة والثانوية عام 1956 في الإعدادية المركزية بالعشّار. تعلم العزف على آلة الكمان على يد شقيقه الأكبر فرحان, وتعلم كتابة النوتة الموسيقية في مدينة الفاو على يد الفنان الأيرلندي داولنك, وهو أول من أسس فرقة نادي الاتحاد الموسيقية 1953, وأسس فرقة نادي الميناء الموسيقية 1960, وأسس فرقة نقابة الموانئ الموسيقية 1971, وفرقة نقابة الفنانين 1974, وأسس وترأس فرقة البصرة للفنون الشعبية 1976, وأسس وترأس فرقة تلفزيون البصرة عام 1983.
فنان أصيل عرفته البصرة كلها بأغنيته الجميلة (يا بو بلم عشّاري), التي غنّاها الراحل فؤاد سالم بصوته العذب, تلك الأغنية التي تحولت إلى أنشودة شعبية شجية ترددها الحناجر المنتمية إلى ضفاف شط العرب, وتحييها الفرق الموسيقية في أعراس وأفراح القرى الريفية المختبئة في بساتين الخورة والسرّاجي وغابات كتيبان والصنكر.
والفنان مجيد العلي عازف متمكن على آلتي العود والكمان, وملحن مبدع من الرعيل الأول, الملتزم بقواعد الفن الأصيل, كان من أعضاء جمعية الموسيقيين العراقيين, وعضو في نقابة الفنانين العراقيين, وعضو الهيئة التحضيرية لنقابة الفنانين في البصرة, وهو معد ومقدم البرنامج التلفزيوني مواهب من الجنوب والبرنامج التلفزيوني عالم النغم وشارك في المهرجانات الموسيقية في روسيا, وتونس, وألمانيا, والجزائر.
عمل محاضراً لمادة الموسيقى في معهد الفنون الجميلة بالبصرة, وخبيراً موسيقياً, ومحاضراً في كلية الفنون بالبصرة, وارتبط بصداقات حميمة مع مجموعة من الفنانين العراقيين والعرب, نذكر منهم: محمد القبانجي, ويوسف عمر, وناظم الغزالي, وجبار عكّار, وسعدون جابر, وداخل حسن, وأحمد الخليل, وعارف محسن, ورياض أحمد, وفاضل عواد, وياس خضر, ورضا علي, والهام المدفعي, ووديع الصافي, وفهد بلان, والموسيقار أحمد الحفناوي, وكارم محمود, وصالح الحريبي, وعازف الناي محمود عفت.
لحن أوبريت (نيران السلف), وأوبريت (أفراح الموانئ), وأوبريت (دواغ الفرح), وأوبريت (هبط الملاك في بابل), ومسرحية (الأميرة القبيحة), ولحن عشرات الأغاني والقصائد, وله مجموعة كبيرة من المؤلفات الموسيقية. غنى له فؤاد سالم , وعارف محسن, ونوفل عبد الجليل, وعبد الجبار البصري, وحبيب الدوركي, وغنت له ذكرى, وسهى, وأمل خضير, ومائدة نزهت. يعتكف الآن في بيته على فراش المرض, وبسبب الشلل المفاجئ الذي أصاب النصف الأيمن من جسمه النحيل, كان وقبل رحيله بانتظار أن تلتفت إليه المؤسسات الثقافية في البصرة لتوفر له العلاج, وتقدم له العناية الطبية اللائقة.والراحل فنان أصيل عرفته البصرة كلها بأغنيته الجميلة (يا بو بلم عشّاري), التي غنّاها الراحل فؤاد سالم بصوته العذب, تلك الأغنية التي تحولت إلى أنشودة شعبية شجية ترددها الحناجر المنتمية إلى ضفاف شط العرب, وتحييها الفرق الموسيقية في أعراس وأفراح القرى الريفية المختبئة في بساتين الخورة والسرّاجي وغابات كتيبان والصنكر.
من جهتها نعت دائرة الفنون الموسيقية رحيل الفنان الكبير مجيد العلي وعدت رحيله بالخسارة الكبيرة لنجم موسيقي عراقي مبدع سطر خلال مسيرته الفنية ملاحم موسيقية وغنائية كبيرة وغنى له رواد الطرب العراقي . وقال مدير عام دائرة الفنون الموسيقية الموسيقار حسن الشكرجي ( اليوم نتلقى من البصرة الفيحاء نبأ نجما جديدا قد هوى بعدما فقدت الاوساط الفنية وخاصة الموسيقية الفنان الكبير فؤاد سالم والملحن طارق الشبلي ومن قبله الملحن الكبير طالب القرغولي وفي الامس القريب الملحن محمد جواد اموري ، نجوم كبيرة رفدوا المشهد الموسيقيي بملاحم موسيقية كبيرة ومايؤسفني ان جميعهم رحلوا بسبب ماكان يعانوه من امراض مختلفة ، ومع ان ارادة الله سبحانه وتعالى هي الاكبر والاقدر والاقوى حين كتب لهم ان ياخذهم الى جواره لكننا كنت ومازلت اناشد الجهات المسؤولة متابعة الحالات المرضية لروادنا الذين يعانون من امراض عدة وان تكرمهم وتهتم بهم في اواخر حياتهم ودائرة الفنون الموسيقية التي تستذكر وتكرم الرموز الموسيقية وهم احياء لاتنسى ابدا ان تقيم لهم المناسبات الاستذكارية وان كانت خجولة بسبب الدعم المادي المحدود والذي نتلقاه من وزارة الثقافة التي هي الاخرى تعاني من قلة التخصيصات المالية الامر الذي دائما مايجعلنا ان نناشد مجلس النواب وحكومتنا ان تكون وتعد وزارة الثقافة من الوزارات السيادية لترتقي بالثقافة والفن وهو العمود الاساسي لاي بلد متحضر فالبلدان التي تفتقد ولاتعير اهمية كبرى للثقافة والفنون لاتعد من البلدان المتحضرة والمتمدنه فكيف بالعراق الذي يمتلك اكبر الحضارات الثقافية والفنية ، نعم املنا كبير ويتجدد في ان تهتم حكومتنا المقبلة ومجلس نوابنا بالارث الثقافي والفني وخاصة الموسيقي منه ومتابعة جادة لرواد الفن والثقافة وان تكرمهم وترعاهم وهم احياء وليس بعد رحيلهم ، الرحمة كل الرحمة لفنانا الكبير مجيد العلي الذ عرفناه مبدعا وفنانا كبيرا له الفضل الكبير بتاسيس الفرق الموسيقية الشعبية في البصرة ولكافة اتحاداتها ونقاباته فضلا عن عشقه وولعه لمهنته التي كان مخلصا ووفيا لها وانا لله وانا اليه راجعون واسكنه الله فسيح جناته والصبر والسلوان لاهله وذويه وتعازينا الخالصة لزملائه واصدقائه ومحبيه من جمهوره الكبير ).
وراحت مواقع الانترنيت والتواصل الاجتماعي تنقل نبا رحيل الفنان الكبير مجيد العلي الذي تلقى سيلا كبيرا من ردود افعال زملائه واصدقائه ومحبيه وجمهوره في العراق وخارجه لينقلوا التعازي الحارة لرحيل فنان كان يعاني العزلة والمرض .
العلي يستذكر الغزالي
وفي مذكرات الراحل مجيد العلي أحد العازفين في حفلات ناظم الغزالي بالبصرة جنوبي العراق يستذكر فيها المطرب الكبير ناظم الغزالي فيقول ( ما زال صوته الحاد (التينور) والذي يعد الأول حسب التصنيفات الغربية، طابعاً في ذاكرة بلاده والعالم العربي أم العيون السود، أي شيء ، عيرتني بالشيب ، وأغانٍ عديدة ) ويضيف عن اجواء حفلات الغزالي التي حضرها كعازف على آلة الكمان، على مسارح وأندية البصرة ان (الغزالي كان ملتزماً بالمواعيد لإجراء التمارين، وتعامله مع العازفين بوجه بشوش ومحب. وأن الغزالي كان ينهي حفلاته بعد غناء عدد من أغانيه، رغم أن الجماهير يريدون المزيد، وسألته ذات مرة أستاذ ان الناس يحبون الاستماع لك لمَ تنه الحفل؟” قال لي مجيد أنا لا أحب أن أطيل كي لا أرى أحدا يغادر الحفلة وأنا أغني، لذى أختم والجميع موجودون).
وروى أن الغزالي كان يصطحب معه عازفين مشهورين دائماً، هما خضر الياس عازف الناي، وسالم حسين عازف القانون، ما وطدت علاقتي بهذين العازفين البارعين.
وفي عام 1960، حضر ناظم الغزالي، لإحياء حفل في نادي الفيحاء بالبصرة، كانت ترافقه زوجته المطربة الكبيرة سليمة مراد، وشاركته بالغناء بالحفلة يومها، وكانت من أروع الحفلات التي عزفت فيها معه.
وأكد العلي ان الغزالي عندما كان يزور البصرة لإحياء الحفلات، يسكن والعازفين معه، في فندق شط العرب التابع لمصلحة الموانئ العراقية . وأنه كان أنيقا جداً في انتقاء ملابسه، ويحيي الحفلة في أبهى أناقته الراقية.
وعن نبأ موته قال حزيناً (يوم سمعت خبر رحيل الفنان ناظم الغزالي بكيت كثيراً وحزنت، لآنه المطرب الذي أحببناه، كيف وأنا عزفت معه ولي جلسات عديدة معه كيف ننسى المطرب الذي نقل بصوته الغناء العراقي إلى المستمع العربي والعالم.
نعم بالامس رحل عنا الراحل ناظم الغزالي ومن بعده عشرات النجوم الموسيقية والغنائية واليوم يرحل عنا الملحن الكبير مجيد العلي والله اعلم من سيكون التالي فانا لله وانا اليه راجعون .