تلك الكتب
البريد والإصدارات العراقية
يطمح الاديب العراقي في الداخل لان تصل نتاجاته الى الادباء العراقيين في الخارج، والى الادباء العرب في جميع الاقطار العربية، ولكنه رغم رفع وانتهاء الحصار الذي كان مفروضا على العراق في جميع الحقول والميادين، رغم رفع واسقاط الاجراءات التي كانت تعوق تصدير الكتاب العراقي، ورغم شعار الانفتاح الذي يعد من الشعارات الاساسية لهذه المرحلة مازال يواجه معوقات تحول دون ايصال نتاجاته من الكتب والمجلات الثقافية خارج العراق، ذلك ان الاديب العراقي الذي يضطر في بعض الاحيان الى انفاق مبالغ كبيرة على طبع مؤلفاته مطالب لكي يوصل بعض النسخ من هذه المؤلفات الى الخارج ان ينفق مبالغ اخرى اضافية قد تكون متساوية معها، ومتجاوزة لها، وقد عرفت من بعض الاصدقاء من الادباء انهم غالبا ما يغضون النظر عن ارسال نتاجاتهم الى الخارج بسبب التكلفة المادية، ولان مراجعة دوائر البريد تتطلب وقتا وتتطلب تنظيم معاملة رسمية، كما عرفت ان احد الادباء انفق (200) الف دينار مقابل ارسال ثلاث عشرة نسخة من روايته الى خارج العراق، وذلك ما حصل لادباء اخرين، اذ انفق احدهم مبلغ (300) الف دينار مقابل ارسال بعض النسخ من كتابه عبر البريد الى خارج العراق، وهناك ما انفق ما يزيد على هذا المبلغ، وما يقل عنه.
وقد يعتقد البعض ان ارسال الكتاب الى الخارج من خلال دور النشر قد يكون رخيصا من الناحية المادية، لان دور النشر تتعامل مع الكميات الكبيرة وليس النسخ القليلة ولانها تخضع لضوابط وامتيازات قانونية يتم من خلالها مراعاة عملها بوصفه عملا ثقافيا يستحق الدعم والاسناد، ولكنني عند حديثي مع بعض الناشرين افادوا ان اسعار نقل الكتب خارج العراق قد ارتفعت الى اكثر مما كانت عليه في السابق، وانها تخضع لاعتبارات المسافة والوزن والحجم فكلما كان البلد بعيدا زادت نفقات النقل والتصدير، ولا يختلف التعامل مع الكتاب عن التعامل مع اية سلعة استهلاكية او غير استهلاكية، فالوزن والحجم يقرر ان المبلغ المدفوع وليس المحتوى الثقافي.
وليس لدينا معلومات دقيقة عن نقل وتصدير الكتاب العراقي في المراحل السابقة ، ولكن يمكن القول:
اننا في هذه المراحل كنا نشاهد الاصدارات العربية من مختلف الاقطار العربية في المكتبات العراقية في بغداد والمدن العراقية الاخرى، وكنا نقرأ في المجلات العراقية الثقافية الكثير من المساهمات للادباء العرب ومنها بحوث ومقالات عن الادب العراقي، الامر الذي يثير بشكل واضح الى ان المطبوعات العراقية كانت تصل فور صدورها الى اغلب او جميع الاقطار العربية، ولعل اسباب ذلك وجود تسهيلات واجراءات لضمان تبادل المطبوعات بين هذه الاقطار وسهولة وصولها الى القارئ في اي مكان.
والحقيقة ان الكتاب ليس سلعة قابلة للنفاذ والاستخدام السريع، وهو منتوج يختلف عن جميع او اغلب المنتوجات بوصفه حاجة فكرية وعقلية وعلمية، ولذلك تحرص الدول المتقدمة على توفيره، ورفع المعوقات عن تداوله ووصوله الى اوسع مكان ومسافة، ويعد العراق البلد الرائد للقراءة والكتابة في العالم، ويجدر به ان يكون نموذجا في التعامل مع الكتاب وذلك يتطلب تشريع قانون يضمن ايصال الكتاب العراقي لجميع الاقطار العربية والاجنبية، والايعاز لدوائر البريد لان تعطي الكتاب اهمية خاصة، وان ترفع عنه القيود التي تحول دون وصوله الى البلدان التي يراد ايصاله اليها.
ويجدر بالعراق ان يتعامل بالمثل مع المؤلفات والمجلات الصادرة في بلدان اخرى، وان يخوض حملة في المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بالنقل لاعطاء الكتاب افضل الميزات، ولان يكون مختلفا عن السلع الاخرى في التبادل والنقل والتصدير.
رزاق إبراهيم حسن


















