الارهاب لم يغادر – جاسم مراد
يخطأ من يضن بأن وجود الإرهاب في العراق وسوريا ، وبالمنطقة عموما منفصل عن مجمل التطورات الإقليمية والدولية ، فهو أي الإرهاب حالة متنقلة على وفق التطورات سلبا وايجابا ، وان رحبله وبقاءه تحدده مقتضيات المصالح الدولية العامة .في العراق لا يشك أحد بان التضحيات الكبرى للقوات المسلحة والحشد الشعبي وكل الفصائل المقاتلة هي التي طردت الإرهاب من المدن العراقية ، كذلك يخطأ من يضن بأن العوامل الداخلية السلبية وتعدد مصادر القرار وبقاء اغلب المشردين عن ديارهم وأماكن تواجدهم الأساسية في مخيمات اللجوء والبطالة والفقر ، كل ذلك خلق أرضية رخوة للارهاب واجتذاب العديد من العناصر لحاضنته .فالارهاب ينمو في أماكن الضعف ، والإرهاب يتكاثر ويضرب في المناطق الرخوة ، والارهارب يتمدد عندما تشتد النزاعات السياسية على السلطة ، وتغيب وحدة المشتركات على الإنتماء ات الوطنية .
الكثير من التصريحات حول ضربات الإرهاب الأخيرة ، والضحايا التي فقدها الشعب ، هي تصريحات لاتخلو من التبريرات ولا ترتقي الى الاعتراف بأن الإرهاب موجود ويحتاج الى خطط عملياتية متينة وذكية والى حرية القرار للقوات المسلحة ، وهذا قليل مايحصل ، وليس ماذكره وزير الدفاع العراق في برنامج المحايد ( بأننا مقيدون امريكياً بعدم تنوع السلاح من روسيا الاتحادية ) وبالتالي مثل ذلك ينسحب على الكثير من القضايا ، ويصبح شعار (لاشرقية ولاغربية) ليس له مردودات على واقع الحال .المهم على كل ماتقدم ، إن العمل بشكل ديناميكي لتجفيف معسكرات اللجوء الاجباري ، وعودة الناس الى ديارهم وتسوية النزاعات بين العشائر في تلك المناطق التي حدثت ولازالت قائمة بسبب الإرهاب الداعشي وتنفيذ مشاريع لمصالح اطراف أخرى ، بالإضافة الى معالجة البطالة قدر الإمكان بين الشباب وتعميق الروح الوطنية بين صفوفهم وضرورة تعميق الشعور الإنساني في المساواة ، كل ذلك يساهم في طرد الإرهاب ومنعه من التوغل بي الشباب .وبالتأكيد هذا يحتاج الى عمليات تطوير الأجهزة الأمنية والمخابراتية ووحدة اتخاذ القرار في المكان والزمان المناسبين ، ومنع تعدد القرارات والولاءات ، وابعاد هذه الأجهزة وقوات الجيش من الولاءات الحزبية والشخصانية والمذهبية والعرقية ، وجعل الولاء فقط للعراق والوطن ، لقد كشفت بعض الاحداث المأساوية التي راح ضحيتها العديد من الجنود والضباط والمواطنين الذين يقعون ضمن حماية هذه التشكيلات العسكرية ، كشفت ضعف التدريب والانضباط العسكري والالتزام بشروط الجندية العراقية التي علمت العديد من القادة العرب بقوة انضباطها وحداثة مرونتها في التكتيك والمتابعة والتنفيذ .لقد اكدنا اكثر من مرة بأن عودة خدمة العلم ، أحد اهم عودة اللحمة الوطنية ، وهو شرط القضاء على الانفصالات الطائفية والعرقية في هذا البلد ، ومن يخشى خدمة العلم ، فأنه بالتأكيد ينفذ اجندة خارجية ، وبالتأكيد ايضاً لايريد للعراق جيشاً مستقلاً موحداً .وعلى وفق التقارير بأن الإرهاب أو مايسمى ( بالدولة الإسلامية في العراق والشام ) بدء يعيد هيكليته التنظيمية والبشرية والعسكرية ، ولعل انخراط وفق تلك التقارير اكثر من ( 60) عنصرا لبنانيا بداعش قتل منهم في العراق بضربة جوية عراقية مؤخرا ( 5) عناصر ، وكذلك مايجري من اقتحام الداعشيين لسجن الحسكة السورية الذي تشرف علية مايسمى قوات قسد الكردية المدعومة أمريكيا ، كل ذلك وغيره يؤشر بان المنطقة وخاصة دولتي العراق وسوريا مقبلتين على تجديد الصراع مع الدواعش ، وهذا يحتم الى ضرورة التنسيق والتعاون بينهما دون الالتفات الى شروط المنع بينهما الذي تفرضه بعض الدوائر الامريكية الأوروبية والعربية ، لكون المصلحة الوطنية هو أساس بقاء هاتين الدولتين متماسكتين وناجحتين في مواجهة الإرهاب بكافة اشكالة ، سوريا قادرة على ذلك بحكم مجموعة من القواعد أهمها وحدة القيادة وثبات القرار الوطني ، والعراق قلق بحكم تعدد مصادر القرار والتدخلات الخارجية .إذن الإرهاب موجود ولم يغادر ، وبحكم مجمل التطورات قد تتفاعل الارادات الخارجية بغية تنشيط حركته وضرباته داخل العراق ، لذا فالمؤسسات العسكرية والأمنية مع التفاعل الشعبي الوطني معها عليها إدراك هذه الحقيقة بعيدا عن الغفلة والانحيازات لهذا الطرف السياسي أو ذلك ، فالعراق أهم من الجميع وحياة المواطنين وامن الوطن هو أساس الانتماء ..