فاتح عبدالسلام
ما اضيق الحياة في العراق حين تنحسر كل الهموم والاحلام فيما توافق عليه السياسيون او اختلفوا، وما أصغر اسم العراق حين يقرنه بعض الموهومين باسم حزبه أو زعيمه أو طائفته أو خرافاته.
ما أكبر اسم العراق، حين تتجلى مواهب أبنائه من المبدعين في مختلف المجالات يجولون العالم ويقيمون في ابرز عواصمه حاملين شعلة تألقهم التي تشير الى جذور انتمائهم للبلد الذي غادروه منذ عقود، وربّما لم يعودوا اليه ولا يفكرون في العودة الى حضنه بعد ما رأوا وسمعوا ما يحدث فيه من تراجع في مقومات علو اسمه وسمو شأنه.
لكن في الجانب الاخر، هناك جيل جديد ينمو في العراق، مليء بالآمال التي لم تستطع أن تكسرها كوارث الأحزاب والسياسيين طوال تسع عشرة سنة. هذا الجيل فيه مواهب علمية
رأينا انّ هناك مدارس معدودة للمتفوقين عائدة الى وزارة التربية ومديرياتها العامة في المحافظات، لكن هذا لا يكفي ، والمواهب، ليست خاضعة لتقييم الدرجات فقط، وانها يمكن ان تندثر وتضعف وتفقد بريقها ، اذا بقيت في مسارات المدارس وحدها مهما كانت العناية كبيرة بها لأنّ أصحاب المواهب العلمية في الرياضيات والفيزياء والعلوم الأخرى سينتقلون ذات يوم في جامعات عراقية، تبدو غير مستعدة لاستقبال المواهب التي تتفوق علميا على القابليات العادية من الطلبة الناجحين او المجتهدين .
اعلم ان القوانين تراعي في القبول بالجامعات الدرجات المستحصلة في الامتحانات العامة ، لكن هذا النظام قديم جدا، وانه بالرغم من استناده الى تجربة التعليم الإنكليزية لكن ذلك كان منذ مطلع القرن العشرين وليس الان، إذ تُجري الجامعات في بريطانيا نفسها، مقابلات منذ منتصف السنة الدراسية الأخيرة مع الطلبة المتفوقين والمتوقع قبولهم فيها، ومن ثم تختار الطلبة المناسبين بالرغم من انّ جميع الطلبة قد يكونون على مستوى واحد من الدرجات النهائية، فذلك لا يهم ولا تتأثر فيه الجامعات الكبيرة التي تنتقي طلبتها من الثانويات قبل دخول الامتحانات العامة ، ومن ثمّ تأتي المفاضلة بالدرجات حين يكون العدد اكبر من قابلية الجامعة على استقباله.
مواهب التلاميذ العلمية، من مسؤولية مجمل المؤسسات والوزارات وليس وزارة التربية فقط ، ولا بدَّ من الالتفات الى الاذكياء قبل ان يتلوثوا بمؤثرات السخام السياسي المطبق على البلاد من كل صوب وحدب.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية