الإنتظار 2

الإنتظار         2

لذا فلا انتظار سيفيدنا سوى انتظار ما نقدمه نحن لانفسنا..يكون قاعدة اساسية لماننتظر اعلاه.ولا خلاص سنقطفه سوى ذلك الخلاص الممكن الذي تنحته اكفنا بأخلاص وصدق..(اي ننتظر ماتصنعه ارادتنا). هذا هو الانتظار الوحيد الذي يستحق بجدارة ان ننثر على ارضه بذور الامل.أي (( لاننتظر معجزة.لنكن نحن معجزة.فنحن اصلا معجزة.والمعجزة لاتنتظر معجزة)).وماننتظره لايمكن ان يكون خلاصاً مالم لم نكن مهيئين الارض الخصبة لذلك الخلاص.

  فالانتظار قضية الانسان المركزية دائما ولكنها قضيه نتائجها لاتتناسب والفترات الطويلة التي قضتها وستقضيها البشرية في الانتظار.لأنها على افتراض النهاية الجيدة حيث لايمكن ان تتلاءم وحجم الشر وتاريخه الطويل وعمقه المتصل ببدايات الانسان  ومنذ اول جريمة قتل ارتكبت..فمادام الانتظار….

ان تشق طريق النجاح لما تطمح اليه دون الاتكاء على حائط  انتظار غيبي وهو انكباب بأصرار وطاقة هائلة على ارادة البشرية المكنونة التي عطلها الانتظار المهدور  وهو محولة لرد الاعتبار للأرادة الانسانية ودعوة لأستيعاب ممكنات الجهد البشري والعمل والتمني والطموح ضمن الممكن وعدم المراهنة على المستحيل وعدم التشبث بالأوهام والخرافات..

فأن حائط الانتظار الغيبي واللاجدوى والوهم يكبلون الارادة البشرية ويحجُب  ممكناتها الصغيرة ويمنعها من الوصول الى جنائن معجزاتها البشرية الخالصة مثلا()( لاينتظر الطالب الاجابة في الامتحان مالم تسبق ذلك الامتحان ارادة النجاح وهذه تتمثل في القراءة المكثفة والتحضير الجيد والسهر الدراسي المتعب ) وكذا الفنان لاينتظر اخراج لوحة او عمل فني دون الغرق والتأمل في جمالية الكون والبحث عن بصمة ابداع والاستغراق في التفكير الابداعي….

ماذا كنت …وهل كنت منتظراً…

نعم لقد كان الانسان لاشيء اول وهلة في رحم امه…وانتظر طويلاً.وضرب بالايدي والارجل…لكن في لحظة ما فتح عينيه ورأى بصيص النور لأول مرة ودخل هذه الحياة البائسة….فهل ادرك خطأه باستعجالة الخروج…وماذا كان ينتظر..فهو انتقل من انتظار محدود الى انتظار ممدود لاتعرف حدوده…

  فأن حياة الانسان هي حلقات من الانتظار (الرحم.. الطفولة.. الصبا.. المراهقة.. الشباب بمراحله.. الشيخوخة بمراحلها). ولايعرف متى النهاية.

فهو يعيش في الانتظار  والانتظار يعيش فيه.

فالوجود والانتظار  يمثلان ازمان.

فأنا موجود لأني انتظر…

فالوجود الانساني هو في حال التكوين دوماً..يتكون ويتكون  وتتراكب تلك التكونات عبر الزمن لأن الحياة هي كلها أنتظارات والنهاية ماهي الا نهاية الانتظار..

البعض يخاف الموت ويفرمنه لكنه يسقط بين مخالبه فجأةً..والبعض الأخر يتمناه ويطلبه لكن لايدركه بارادته فالموت يفر منه رغم كل مايفعل لجلبه اليه…

فالموت قصة غريبة  فعندما تطلبه يبخل عليك وعندما تهرب منه يلاحقك وينهشك بمخالبه..فالافضل  ان تنتظره  بل تجعله هو ينتظرك..كما قال الفيلسوف ( نيتشيه) فيلسوف الموت الوحيد… قال ( ياأيها الموت انتظر ) و  ( اوصيكم بموتي..الموت طوعي الذي يجيءاليَّ لاني أطلبه.لماذا لاانتظره.والحياة لم تكن الا خطأ ارتكبه من أتى بي الى هنا. ))

ان انتظار الموت انتظار جميل فهو يطلبنا ويلاحقنا خطوة خطوة..فلماذا هذا الفرار والتناسي.  ولماذا لانطارده نحن ونجعله يفرمنا وسنلحقه في يومٍ ما….وهل الموت هو نهاية الانتظار ؟  أم هنالك انتظار جديد ينتظرنا.

ابو احسان البديري –  كوت

مشاركة