الإعلام والإبداع

الإعلام والإبداع
الإعلام والإبداع وجهان لمهمة إلهامية واحدة، ألا وهي إيصال الرسالة الكتابية الصحيحة إلى وجدان القارئ، ولكل عصر أدباؤه وشعراؤه، وعلماؤه وأساطينه، ومنابره الإعلامية وأبواقه الدعائية وحلباته الاستعراضية،ومهاتراته التراشقية، وظواهره الانعكاسية، الإعلام صورة الإبداع المرئية، أو المسموعة، أو المقروءة، أو المفهومة، أو المستوحاة، وهو صاحب الصيحة المتفردة في عالم الصمت، أو عالم التغييب، فهو بحق سلطة، أكبر وأدق من أن تنعت بالسلطة الرابعة، إنما هو سلطة (الحاسة السابعة ) كما يروق لي أن اسميها إذا سمح لي الأخ الملقن المحترم!، وإذا لم يسمح لي فأنا وبلبلة المقال في حراجة نثرية لانحسد عليها، أقول:يتمتع الإعلام بهذه الصفة للكشف عن حقيقة نادرة، نحن أحوج من نكون لمعرفتها وتدوينها، والانطلاق منها إلى ميدان كتابة فقرات التاريخ الأدبي بوجهها المشرق، بعيدا عن التزييف والتحريف اللذين أوقعا بكثير من المغيبين، لهذا يحتاج الإعلام هو الآخر إلى أساليب إبداع، في التعامل مع الحقائق والظواهر، والإدعاءات، والمغيبات، والطافيات والغاطسات والباليات والمستحدثات، كما انه بحاجة إلى الفراسة التي تحرره من تشويش أوهام الآخرين، فهو بحاجة إلى معيار زاوج بين التجربة الاجتماعية، والأكاديمية في التصدي للحقائق والإدعاءات، ذلك أن هنالك تركة تاريخية من الخلط العجيب في إطلاق الأحكام الاعتباطية تفضي في نهاية الأمر إلى الوقوع في مطب الظلم إذ انه لايوجد اليوم قارئ كالجاحظ، يقرأ ليقرأ، ويقرأ ليفهم، ويقرأ ليتغذى، ويقرأ ليتعلم، ويقرأ ليكشف، ويقرأ لتجحظ عيناه جحوظا جهنميا جراء القراءة، ويقرأ ليطلق صيحة حق جريئة، ويقرأ ليستنتج فيقرر منهجا نقديا صائبا في عالم الضبابيات والمتناقضات، والزواحف الفكرية الطفيلية، قارئنا اليوم مزاجي، لاتأخذه في القراءة جحظة جاحظ!، وربما تأخذه الغواية والمزاجية فيتهكم في موقع الجد، ويجد في موقف التهكم، قارئ العصر يعتمد السرعة وينفر من لحظات التأمل والتفكر الجدي، تشتت أفكاره ورؤاه كثير من المهمات الثقيلة العسيرة الهضم الملقاة على عاتقه، وتشغله بهلوانية الحياة العصرية، فتراه لذلك لاينتبه تماما إلى مزية التفريق بين الغث والسمين إلا نادرا، وحتى لو توافرت هذه المزية لديه فإنها رهن الإهمال لعدم وجود قناة إعلامية ميدانية تربط بينه وبين الصوت الإعلامي الحاسم، انه لذلك لايتناغم مع إيقاعات مبدع اليوم الذي قد يكون مغيبا أصلا يحتاج منا إلى بحث إعلامي كي يظهره بأمانة إلى الساحة، ويحقق بينه وبين الجمهور حلقة وصل لاتنفصم عراها .. الإعلام نافذة الإبداع، وإن كان لديه الكثير من النوافذ التي يطل بها على إرهاصات الإنسان وحوادث الحياة، وهو بصفته الإبداعية يمثل غاية السمو، لاسيما عندما يعتمد الأدلة العلمية، والنزاهة لبلوغ أهدافه المهنية في الوصول إلى مبدع أو كاتب تراكم عليه غبار التغييب، وخذله نور الكاميرا، فلم يدرك الناس قيمته، فلذلك اهملوه ودفنوه، فجاء الإعلام، وصرخ صرخة إحقاق الحق المدوية، بقوله تعالى :
(مالكم كيف تحكمون) مالكم كيف تقرؤون، وكيف تبصرون، وكيف تسمعون، وكيف تتمخضون .. والإعلام تنظيرا، هو منير عيني وسمعي، كما يكون الإبداع منيرا وجدانيا، وهنا لابد من الإشارة إلى أننا في موروثنا القديم والمعاصر، بحاجة إلى تحريك ما اسميه (الرسائل المعطلة إعلاميا) بحسب ماترفدني به منظومتي (ر-ش-مصدرا ومرجعا وباحثا)، هذه الرسائل التي تخص الإعلاميين، حيث أننا كما حرمنا من ثرواتنا في الأرض من نفط، وزراعة .. ووالخ، حرمنا من ثرواتنا البشرية والجمالية، والكمالية، والإبداعية، لأسباب يطول بنا البحث لو بحثنا فيها، فلذلك نحتاج إلى إطلالة هذا المنبر الهائل العملاق (الإعلام)، وتقليب صفحات تاريخنا تقليبا علميا قرائيا متأنيا، منذ أول يوم خط فيه الحرف بلغة الضاد السامية إلى يومنا هذا، وسيكون كيوم الحشر، ينزل به الصاعدون، ويصعد به النازلون!
رحيم الشاهر
AZPPPL

مشاركة