الإعلامي المغربي المخضرم عبد السلام الشعشوع لـ الزمان الإعلام خاضع للضغوط وأنا منشغل بتحركات السحب ودرجة الحرارة
حاوره عبدالحق بن رحمون
يعد الإعلامي عبدالسلام الشعشوع 72 عاما أحد أبرز الوجوه اللامعة في إبداع وهندسة النشرة الجوية في التلفزة المغربية وتحديدا في الزمن الجميل الذي لم تكن فيه فضائيات. وتعرَّف المغاربة على عبد السلام الشعشوع، هذا الوجه الإعلامي المتخصص في تقديم النشرة بطريقة سلسة تجمع بين التنشيط وتقديم المعلومات الجوية، في أواخر السبعينيات من القرن الماضي حيث أفنى هذا الإعلامي زهرة عمره في العمل في التلفزيون بكل إخلاص لما يقارب أربعة عقود، أيام كان المغاربة يملكون أجهزة تلفاز بالأبيض والأسود ثم بعدها صار تلفاز بالألوان، وكانت فقرة النشرة الجوية لديهم بمثابة لحظة عليهم الانتباه إليها بحرص شديد، للاستماع إلى قراءة توقعات عبدالسلام الشعشوع لأحوال الطقس المرتقبة في يوم غد أو في الأسبوع.
وقد دخل عبد السلام الشعشوع كل البيوت المغربية، وأحبه المغاربة، لأنه كان صادقا في تقديمه للنشرة الجوية المسائية، حيث كان يقدمها بلطف، وبابتسامة معهودة فيه، وبطريقة السهل الممتنع يفهمها جميع المغاربة بجميع أطيافهم، واختلاف لهجاتهم، مما جعله ناجحا في مهمته الإعلامية لإيصال معلومة أحوال الطقس وتحركات السحب في السماء ومعدلات درجة الحرارة العليا والدنيا في البلاد والسحب الكثيفة المحملة بالقطرات المطرية.
وفي سنوات الجفاف التي كانت تضرب المغرب خلال ثمانينيات القرن الماضي كان المغاربة ينتظرون عبد السلام الشعشوع بفارغ الصبر، لمشاهدة ومتابعة النشرة الجوية في المساء لأن عبد السلام الشعشوع كان صادقا في قول الحقيقة، كما كان الفلاحون أيضا والمزارعون يتفاءلون بطلعته على الشاشة الصغيرة ويصغون إليه بكل تطلعاتهم وآمالهم المرجوة في موسم فلاحي جيد ومستبشر بكل الخيرات في المحاصيل.
هذا يذكر ونحن نستعيد هذه النوستالجيا فلابد من الإشارة إلى أن عبدالسلام الشعشوع من الأوائل الذين قدموا النشرة الجوية على شاشة التلفزة المغربية، هذا فضلا على أن ابن مدينة تطوان أو الحمامة البيضاء الذي تابع دراسته للأرصاد الجوية في مدريد وواصل تطوير قدراته المعرفية كان له الفضل في بروز أسماء أخرى سارت على نفس الدرب كـ محمد بلعوشي والمرحوم أحمد بلفايدة ولطيفة كيتان وغيرهم.
ولعل من خفايا وخبايا الإعلامي عبدالسلام الشعشوع في نجاحه في تقديم النشرة الجوية أنه فنان مولع بالموسيقى الاندلسية وذلك بحكم نشأته وانحداره من أسرة تطوانية عريقة متذوقة للفن والابداع، وإلى جانب ذلك فـ عبدالسلام الشعشوع أبدع في رسم الكاريكاتير كما أبدع في المسرح حيث يعد أحد رواد جمعية المسرح الأدبي، إذ يسهر على تنظيم مهرجان تطاون المتوسطي للمسرح الدولي المتعدد الذي ينعقد كل سنة.
وإلى ذلك الوقت فمن المهام التي يضطلع بها عبدالسلام الشعشوع بعد تقاعده قيادته الآن لمركب رئاسة جمعية تطاون أسمير على اعتبار أن اتجاهها وأهدافها تتوافق وتطلعاته وحرصه الدؤوب على المحافظة على هوية مدينة تطوان ونواحيها كتراث حضاري يعكس غنى التراث المغربي.
وفيمايلي الحوار الذي أجرته معه الزمان متمنيا لك عزيزي القارئ قراءة شيقة ومتعة
ماهي أهم انشغالاتك واهتماماتك حاليا؟
انشغالاتي واهتماماتي الحالية هي أولا وقبل كل شيء هي المدينة، مدينة تطوان وكل ما تتعرض له من ضغوط ومن مشاكل، ومن اكتساحات وغير ذلك،هذا هو الاهتمام الأول، أما الاهتمام الثاني فهو الثقافة بتطوان أو خارج تطوان، سواء كان ذلك بالنسبة للمغرب عموما أو بالنسبة للعالم ككل، في هذه الجمعية التي أترأسها وهي جمعية تطاون أسمير، حيث صدر عن هذه الجمعية ضمن منشوراتها ما يقارب 144 كتابا وعدة أقراص مدمجة، وألبومات، وغير ذلك. ونقوم الآن بتنظيم ندوات،وتنظيم معارض وتنظيم لقاءات ومحاضرات،هذه إذن هي اهتماماتي الرئيسية في هذه الأيام وفي الأيام السابقة، وأطلب من الله عز وجل أن يطيل في عمرنا حتى نقوم بما تستحقه هذه المدينة من الاهتمامات ومن مجهودات وتنظيم ندوات، ومعارض.
في ماذا تفكر الآن… وما الذي لم تحققه بعد وتريد تحقيقه مستقبلا؟
في الحقيقة اتبعنا رحلة طويلة فيما نريد أن نحققه لمدينة تطوان، عندما أتكلم أولا عن مدينة تطوان، فإنني أتكلم عموما عن المغرب. وبالنسبة للمدينة القديمة والعتيقة بتطوان فإننا بجمعية تطاون أسمير نوليها اهتمامات أساسية ورئيسية، لأنها عرفت التخلي عنها من طرف السكان وأيضا من طرف المسؤولين، والآن نحاول أن نسترجع تلك الهفوات التي سقط فيها الكثير منا.
ألا تفكر في كتابة سيرتك الذاتية ؟
لا أفكر في كتابة سيرتي ذاتية حاليا، لأنني أظنني لا أستحق أن أكتب سيرتي الذاتية أو يكتب عني أي كاتب، فأنا ضعيف جدا، ولا أستحق الاهتمام، سواء من طرف أي كاتب.
من هي المرأة التي أثرت فيك بشكل كبير؟
المرأة التي أثرت في أكثر من غيرها هي زوجتي، طبعا فهي التي اصطحبتني لعشرات السنين، وهي التي أثرت في أكثر من غيرها.
أما بخصوص مسارك المهني والثقافي والجمعوي من هو الشخص الآخر الذي أثر فيك أيضا؟
بالنسبة لمن أثر في خلال المسار المهني أو المسار بعد المهني خصوصا هم مجموعة من الإخوان الذين عملوا في جمعية تطاون أسمير وكانوا يدفعوني دائما إلى الأمام لأسير معهم في هذه المرحلة.
المغرب ذاهب في مجموعة من التحولات، ماهي رؤيتك ورأيك في هذه التحولات التي يعرفها الآن المغرب؟
بخصوص التحولات التي يعرفها المغرب الآن فالجميع يتكلم عن مسار المغرب ونسبته بين الدول الأخرى وبالنسبة للدول العربية وما يتمتع به من استقرار… لكني أنا أتخوف دائما من الاستقرار ومن المسار أيضا، وأنا دائما مرعوب إذا أردنا أن نقول مما يمكن أن ينتظرنا في المستقبل، وأظن أننا قطعنا أشواطا مهمة بفضل العاهل المغربي الملك محمد السادس، وبفضل من يحوم حول الملك محمد السادس من رجال ومن نساء ومن شخصيات، ولحد الآن و لله الحمد الأمور ذاهبة في الطريق الصحيح، وأنا أتمنى من الله أن يدوم هذا.
المثقف حاليا يخاف أن يقول الحقيقة، حيث وقع تراجع لدى بعض المثقفين في التعبير عن حريتهم بالمقاربة مع فترة السبعينيات التي كان فيها المثقف أكثر جرأة في قول الحقيقة ؟
إننا مررنا بفترة ما كانت تسمى بسنوات الجمر والرصاص، وهذه صراحة سبب الخوف، وربما نحن كلنا خائفين، رغم أن الأمور تغيرت شيئا ما …. أما لماذا لازال الخوف ساكنا في قلوبنا، وما زلنا ننتظر أن يباغتنا أمر بالقبض على هذا أو ذاك… ولا زلنا لم نطمئن بعد في مسارنا…..
هل نصدق الإعلام وصناعته وما يقوله سواء السمعي البصري أو المكتوب مع هذه الطفرة والزخم من الأخبار والأحداث التي تطالعنا بها بعض الفضائيات التي هي موجهة لصناعة الاعلام وتقريب صورة مايدور من حروب ومن ثورات الربيع العربي هنا وهناك؟
في الوقت الراهن لا يمكن أن نصدق مايقوله الإعلام، لأن الإعلام لازال خاضعا لضغوط كثيرة، ولا يمكن أن نصدق إلا جزءا مما يقوله الاعلام، لأن الإعلام في الحاضر هو إعلام متغير وتواجهه الضغوط المالية، لذا فلا يمكن أن نصدق كثيرا ما يقوله الاعلام.
AZP02