الإسم المكتبي
يتجسد تحت هذا العنوان موقف تنظيري ، استلهمه من منظومة (ر- ش- مصدرا ومرجعا وباحثا)، فحوى هذا الموقف تشير إلى أن مراحل الاسم الإبداعي في عالم الشهرة ، في المشهد الثقافي العربي المتعثر تنقسم إلى مرحلتين رئيستين ، وأخرى وسطية : الأولى (مرحلة الاسم الصحفي) ، والثانية (مرحلة الاسم المكتبي) ، وبينهما (الاسم المهرجاني) الذي يتأرجح بين الاثنين ، نحن- معشر الأقلام- نعلم أكثر من غيرنا كم يعاني (الاسم الصحفي)، أو الاسم في مرحلته الصحفية ، حين يحفر حروفه في حجر الشهرة الصلد الذي لايستجيب إلاّ لأمهر الحافرين المبدعين في الصخور الحجرية الميتة ، وأحيانا يقع هذا الاسم فيما اسميه( فخ التغييب)، فيموت المبدع وهو عبقري ، ولا يعرف أحد انه من أساطين زمانه ! ، وأساطيل بحر أمواج عصره الهادرة!، وأما مشكلتنا مع الاسم المكتبي ، فهي الأخرى أكثر تعقيدا وتشرذما من سابقتها – إذا سمح لي أهل الجرأة – بهذا التعبير ، ذلك أن معظم الوراقين اليوم والمكتبيين ، صاروا من ذوي الأمر الذين لايعنيهم الأمر في تحديد أهمية الكتاب ، ومع ذلك فإن هذا البعض صاروا يتعاملون بفظاظة مادية مع الغلاف الأول للكتاب ، وهم بذلك واقعون بفخ الجهالة التداولية للكتاب ، ومنساقون إلى مااسميه (سوقية الكتاب على حساب ثمنه ومعناه) ، وهم كذلك خاضعون إلى النظرية التعسفية المقيتة القائمة على التنزيه المطلق للماضين على حساب المضارعين والمعاصرين ، فلا يوجد بمفهوم هؤلاء الضحل ، أقول لايوجد كاتب وكتاب لمحدث مشهود له إلاّ من بوابة فهمهم المتقوقع لهذا الحال ، لذلك تستطيع أن تسميهم المكتبيين المتجحفلين مع الماضي فقط ، فتراهم انعكفوا على التعامل مع المطبوعات القديمة والحديثة التي تلبي مطلب ترهل المكتبة ، ومطلب أمراض سوء هضمها ، وزيادة تركيز الملوحة والحموضة ، والمرارة ، أو التفاهة الذوقية ، حتى أنهم اوصدوا الباب ، وصاروا يقفون على محك الشك الآثم بكل كتاب يصدر لمغيب كفوء ، فهم هنا جزء فاعل من منظومة التغييب القاصمة لظهر مهمة إنجاب الكتاب العربي بوجهه العصري المشرق!، وهم كذلك بهذا الموقف المثير للجدل يكملون مراحل تعسفية ومشاكسات الظروف التي يمر بها الاسم في مرحلته الصحفية ، وهو يصبو إلى عالم الشهرة والنجومية والتألق! ، فأنت في الجريدة اليوم ، لاتجد من يقرأ النص ويحلله إلا نادرا، وإنما تجد هنالك من يلهث وراء الأسماء والعناوين ، غير آبه لما اسميه ( نظرية التحليل الذوقي للنص المكتوب) ، ويبدو أن هذا المفهوم التعسفي انتقل جزافا إلى (المشهد المكتبي) ، حيث انغلق هذا المشهد وبمساعدة جهل المشتغلين بالوراقة لأهمية الكتاب بغض النظر عن هوية صاحبه ، وعدد المطبلين له ، وعدد الراقصين بموكب زفافه، (والبازخين) بدبكة طلعته البهية ، والشاتمين وراء رحيل جثمانه ، فهم بذلك يكملون صفحة التغييب الثانية ، مما يؤدي هذا إلى إفقار (المكتبة العربية) ، إفقارا مدقعا وحرمانها من حيازة الكتاب الثمين ، حيث أن الاسم المكتبي بكتابه الجديد يحتاج إلى دعاية سوق ذواق مروج ومنصف ، وهذا السوق لايتجسد من خلال هؤلاء المتحجرين الذين اقترنت أدوات شرطهم الجازمة وغير الجازمة وأدوات شطبهم الحازمة بمحددات بائسة تحاول أن تسئ إلى كرامة الكتاب ، وإباء المؤلف بكل فظاظة لاتعرف للرهافة الكتابية والوراقية سبيلا جاحظيا ، حتى لكأني بالمتنبي يحتج اشد الاحتجاج بإطلاق اسمه على مكتبة يديرها نموذج لايعرف عن الكتاب شيئا سوى بيع الكتاب!، وشر الكتاب في بيع الكتاب بهذه الطريقة!
رحيم الشاهر – كربلاء
AZPPPL