الإستماع للجياع – ضياء واجد المهندس
نجا (فكتور فرانكل Viktor Frankl) أحد أهم الأطباء النفسيين في القرن العشرين من معسكرات الموت في ألمانيا ، وكان عصارة ذلك، كتابه الصغير: ( الإنسان يبحث عن المعنى) . هو أحد الكتب التي تغيّر مجرى الحياة والتي يجب على الجميع قراءتها.روى (فرانكل) ذات مرة قصة : امرأة اتصلت به في منتصف الليل لتخبره بهدوء، أنها على وشك الانتحار . تمسّك (فرانكل) عندها بالتواصل معها على الهاتف، وتحدّث معها عن اكتئابها، ثم قدّم لها سبباً بعد سبب لمواصلة العيش. أخيراً، وعدت بأنها لن تنهي حياتها، وقد أوفت بوعدها. عندما التقيا لاحقاً، سألها (فرانكل) عن السبب الذي أقنعها بالاستمعار في العيش من بين الأسباب التي اقترحها عليها سابقاً؟!!!!!فقالت له: “لا واحد منهم”. وأصرّ (فرانكل ) على معرفة ما الذي أثّر عليها إذاً لتستمر في العيش؟؟؟؟!!! كانت إجابتها بسيطة :إنها رغبة (فرانك) في الاستماع لها في منتصف الليل!!!! إن العالم الذي يوجد فيه شخص ما على استعداد للاستماع إلى آلام الآخرين هو عالم يستحق أن تعيش فيه . في كثير من الأحيان، ليست الحجة الرائعة هي التي تصنع الفارق . أحياناً يكون الاستماع البسيط هو أعظم هدية يمكننا تقديمها . تذكرت هذه القصة ، وانا أتلقى واستمع يوميا”عشرات الشكاوى والمظلوميات من مواطنين و موظفين، و من كل القوميات و المذاهب والمناطق دون أن يجدوا من يسمعهم من القيادات والمسؤولين الذين يتربعون على عروشهم العاجية، غير آبهين بهموم الناس و عوزهم و مظلوميتهم ، بل تجدهم أشد فتكا” على الناس بالابتزاز والرشى و المحسوبيات.. لقد انفقت حكومات ما بعد 2003 أكثر من (ترليون و 400 مليار دينار) و تركزت ثروات البلد في فئة قليلة باغية فأصبحوا يملكون الثروات والأموال والعقارات والاستثمارات في بلدان مختلفة من العالم في أوربا وآسيا وأفريقيا و استراليا ، بينما لم يحصل العراق والعراقيون منهم سوى مشاريع وهمية من مستشفيات و مجمعات سكنية و مدارس و معامل و مشاريع فضائية ، وامسى العراقيون بلا خدمات من ماء وكهرباء و بنى تحتية ولا صحة ولا تربية و لا تعليم محترم .. … كل ما تريده الناس ، الاستماع الى هموم الناس بعد أن غلبهم اليأس ، واصبحوا على حافة الانتحار ، والبلد على حافة الانهيار ..
{ مجلس الخبراء العراقي