
كلام أبيض
الإستبدال العربي للأعداء – جليل وادي
كل دولة عربية او اسلامية تشكل تهديدا محتملا على ( اسرائيل ) راهنا او مستقبلا ، لابد أن تُدمر ، وان تُعاد الى عصر ما قبل الصناعة ، ويجب أن تظل عليلة لا هي بالميتة ولا هي بالمعافاة ، وأن يسلط على قيادتها الجهلة ، او من البعيدين عن ثوابت الامة وقضاياها المصيرية ، او الذين لا يمتون بصلة للإدارة الرشيدة للدول ، ففي ذلك تمزيق للمجتمعات وتخريب للبلدان ، هكذا هو المنظور الصهيوني الأمريكي للمنطقة ، بل حتى الذين مدوا يد السلام لهم ، متذرعين بحلول أوسلوا ، او ان الصراع المستديم لم يفض الى تحرير المغتصب من الأرض او تحقيق السلام الدائم ، او ان الذين تولوا ادارة القضية الفلسطينية فاسدون ، لن يكونوا بمنأى عن هذه النظرة ، وسيأتي اليوم الذي تتكرر به مقولة القذافي بعد اعدام صدام بأن الدور سيأتي علينا لاحقا . وما تنبأ به حدث له ، وبعده صالح ، وكان من المخطط أن يطول المصير نفسه بشار الأسد ، لولا تدخل الروس ، وتبّدل الاستراتيجيات ، ولم يرتق حال أي من الدول العربية التي مستها نسائم ما يسمى ( بالربيع العربي ) وهي خير مثال على ما يراد للأمة أن تكون عليه . ولن تتأسف الشعوب على ما سيطولهم من مصير ، كما لم يتأسفوا على انهيار الدكتاتوريات والأنظمة الفاسدة التي اتخذت من القضية الفلسطينية ذريعة لإحكام سيطرتها على السلطة ، وظلت شعارا على مدى سبعين عاما ، بينما أذاقوا الناس الأمرين قتلا وتشريدا .
يُراد لهذا الكيان المغتصب لشرف الامة أن يسود ، وأن تكون له اليد الطولى في المنطقة ، ويعمل على تحويلها الى كيانات صغيرة متصارعة ليتمكن من التحكم بمقدراتها وقتل ارادة النهوض فيها .
ويكشف هذا عن ان الوطن العربي يربطه مصير مشترك ، وكنا سمعنا وقرأنا هذا الكلام من عقود ، لكن التفكير بالضيق من المصالح ، وقصر النظر ، والتضحية بكل شيء من أجل البقاء على رأس هرم الدولة ، وعدم الايمان الحقيقي بالأمة أدى الى هذا الواقع المذل والضعف المهين ، الذي وصل بمن يسمون أنفسهم قادة الامة الى مستوى الخوف حتى من الشجب والاستنكار ازاء جرائم ممنهجة ترتكب بحق شعبنا العربي في فلسطين المحتلة .
يُدرك جميع من تسلطوا على رقاب الشعب العربي هذه الحقائق البديهية ، ولكن كل يحاول بطريقته ابعاد النار عنه ولو الى حين ، وعندما يشعرون باقتراب النهاية ، يقدمون التنازلات تلو التنازلات ، ولكن سيأتي اليوم الذي لن تفيد فيه التنازلات على كثرتها ، متناسين تلك الشعارات التي صدعوا بها رؤوس الناس ، وأحيانا يغض الأعداء النظر عن بعضهم لزمن معين ، بينما يسحل البعض الآخر بطريقة مهينة ، ويقتل المتميز منهم بمحاكمة صورية على قضية محلية دون السماح له بالحديث عن أسرار القضايا الكبرى .
هذا ما ينتظر جميع حكامنا المقرب منهم ( لإسرائيل ) والبعيد ، طال الزمن او قصر ، طالما ظل الخنوع والضعف مسيطرين ، ولا مجال للخلاص من هذه النهايات المأساوية الا باستنهاض الهمم ورفض الهوان والاستناد الى الشعب والايمان بقدراته ، وهي قدرات متنوعة وغير محدودة ، وبمقدورها وضع حد للعدوان والظلم .
وما يقوم به أبطال غزة في تصديهم للجرائم البشعة التي ترتكب ضد الفلسطينيين على بساطة امكانياتهم قياسا بإمكانيات العدو ، دليلا قاطعا على قدرة العرب على قهر عدوهم ، فما بالك لو حشدت قدرات الامة جميعها وبنية صادقة وعزيمة راسخة ، فلا شك في ان النصر متحقق ، وسيُجبر العدو على الرضوخ للسلام في اطار المبادرة العربية التي لم يحترمها مثلما أدار ظهره للكثير من المبادرات الدولية ، لماذا ؟ لأنها لا تتوافق مع نهجه التوسعي الذي لن يقف الا عند الفرات والنيل لا سامح الله . وبدل أن يوقف حكامنا هذا النهج الظالم بفعل تاريخي ، يحشدون شجاعتهم وطاقاتهم على تهديم بلدان اخوانهم ، واستبدال عدوهم الحقيقي بآخر من الأشقاء او الأصدقاء
jwhj1963@yahoo.com

















