الإدارة الأمريكية تهدد عبدالكريم قاسم عبر رسالة بيد اللواء عبد الجبار جواد
زهير عبد الرحمن
قال اللواء عبد الجبار وإزاء هذه المعلومات اضطررت لقبول زيارته الى الأوتيل.. حضر وقال لي أرجوك أن توصل هذه الرسالة الشفوية الى الزعيم عبد الكريم قاسم لقرابته منك والرسالة هي أن الحكومة الامريكية قررت أن أي تأثير يهدد مصالح أمريكا النفطية في العراق فإننا سوف لن نبقيه في الحكم وعليه أن يتريث قبل أن يقدم على خطوة كهذه الخطوة.. هذه هي الرسالة فإذا كنت على استعداد لإيصالها فبلغه بها وإن تعذر عليك تبليغه فخبرني ونحن على استعداد لتبليغه إياها عن طريق غيرك فقلت له سأبلغها ثم ودعني وترك الأوتيل.. ثم ركبت الطائرة من بيروت وعدت الى بغداد، وحال وصولي بغداد واجهت الزعيم عبد الكريم قاسم وابلغته الرسالة وكل ما دار بيننا..وكان جواب الزعيم عبد الكريم قاسم هو جمع مجلس الوزراء في أمسية ذلك اليوم وأصدر قانون رقم 90 المعروف المشهور.. وقد قص هذه القصة على العميد المتقاعد عبد الرحمن التكريتي اللواء الركن عبد الكريم محمد آمر اللواء التاسع عشر وهو أقرب ضباط الجيش الى الزعيم عبد الكريم قاسم يوم 24»11»1976.
ويقول العميد الركن زهير عبد الرحمن كاتب هذا المقال عندما كان مديراً لشعبة التاريخ العسكري حدثني اللواء الركن نايف حمودي، وهو أحد الباحثين في شعبة التاريخ العسكري وأقرب أصدقاء الزعيم عبد الكريم قاسم، فقال.. قررنا أنا والزعيم الركن عبد الكريم قاسم أن نقضي شهراً في سوريا سوية، كان الزعيم عبد الكريم قاسم دائم الغياب الى جهات لا أعرفها.. ولم يخبرني عنها وسرعان ما نفدت نقوده فاستولى على نقودي، بحيث لم نقضي سوى إسبوعين في سوريا إلا ونفد كل ما نملك من النقود فاضطررناأن نعود الى بغداد ونحن لا نملك فلساً واحداً حيث اضطررنا نحن الاثنين أن نشترط على صاحب السيارةالتي أقلتنا من دمشق الى بغداد وأن ندفع له أجرته في بغداد فوافق.. ولقد اتضح أن سبب غيابات الزعيم عبد الكريم قاسم، أنه كان يبحث عن اللاجئين اليساريين العراقيين في سوريا ليعطيهم ما يملك من النقود، وعندما نفدت نقوده استولى على نقودي.. عند ذاك أثرنا العودة الى بغداد.. هذا ماسمعته من اللواء نايف حمودي وأنا أثق به فهو رجل صدق.. إن كل هذا يفضي للرائي المجرد عن أي رؤى أخرى دعماً شديداً ليشد ذاته باتجاه الزعيم الركن عبد الكريم قاسم.. بيد أن شخصيته الغامضة ينبغي ألا تطرح كحالة مجردة عن العوامل والمواصفات والمكونات الوطنية والتي أفضت الى أسوء الحالات النرجسية، التي أوصلت العراق وبوقت مبكر الى حالة انهيار للهاوية.. دعونا من البداية نسأل أنفسنا، إن ثورة 14 تموز لو قد فشلت لكان مصير الضباط الأحرار جميعاً الموت.. بيد أن الثورة نجحت وكانت كل نتائجها قد أفضت وبشكل نهائي وكامل للزعيم الركن عبد الكريم قاسم، وكان الثمن لكل الضباط الأحرار أما التهميش أو السجن أو الإعدام،وترسو مواصفات التأليه الهبلي مجيّرة لشخصية الزعيم الأوحد.. ولقد اتضح لي من خلال بعض الوثائق الخاصة بالزعيم عبد الكريم قاسم والمثبتة في دفاتر والدي العميد المتقاعد عبد الرحمن التكريتي والتي نشرت البعض منها في جريدة المشرق العدد 796 في 16 أيلول 2006 في كيفية محاولة قتل السيد مصطفى البرازاني وكيفية قتل العقيد الركن عبد الوهاب الشواف ما يعطي الزعيم الركن عبد الكريم قاسم أعلى شهادة تقدير في الغدر، حيث أن الغدر مرفوض دينياًوأخلاقياً حتى مع الأعداء.
موقع الموصل
كان العقيد حسن عبود آمر موقع الموصل قد تمكن وعن طريق الوسطاء أن يلتقي بالسيد مصطفى البرازاني لتحقيق لقاء بينه وبين عبد الكريم قاسم، وفي اليوم المحدد ذهب العقيد حسن عبود الى القرية المتفق عليها وإذا به يجد ممثلاً عن البارزاني يخبر بأن الملا مصطفى غير موجود في القرية المتفق عليه وأنه موجود في قرية أخرى ذكر له اسمها وهي قريبة من تلك القرية ومشرفة عليها وهو يطلب أن يكون اللقاء فيها، فاستغرب العقيد حسن عبود من تبديل الملا لمحل اللقاء فيها وعندما وصلها والتقى بالملا استفسر منه عن أسباب تبديله القرية..؟ فقال له سأخبرك بعد قليل، ولم يمضِ على لقائهما بضع دقائق حتى هاجمت تلك القرية عدد من الطائرات وقصفتها قصفاً شديداً وهناك قال الملا مصطفى للعقيد حسن.. هذا هو جواب استفسارك لي قبل الآن.. كنت أتوقع أن عبد الكريم قاسم سيقصف القرية..وقال الملا إذا كنت أنا خصمه فهو محق في قتلي لأني خصمه ولكن لماذا يقتلك وأنت معي وليس لك ذنب ولا يهتم بحياتك وأنت من المخلصين له.. وتعجب حسن عبود من فراسة مصطفى البارازاني.. وبنفس الإسلوب قتل عبد الكريم قاسم غدراً العقيد الركن عبد الوهاب الشواف عندما اتفق مع الطيار خالد سارة على قصف مقر الشواف بالساعة التي يكون فيها الشواف على الخط الهاتفي مباشرة مع عبد الكريم قاسم.. وحيث أن الزعيم عبد الكريم قاسم فنان في صياغة العذر،فليس بعيداً عنه عندما دخل بغداد صبيحة يوم 14 تموز 1958 الساعة الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم أنه تقصد بشكل نهائي وكامل نجاح الثورة والا لو أن الثورة فشلت أو تعثرت لكان البديل المحتمل للزعيم عبد الكريم قاسم أن يزحف على بغداد ليضرب اللواء العشرين من الخلف والقيام بتصفية جسدية للعقيد الركن عبد السلام عارف ليقول للسيدنوري السعيد والأمير عبد الإله لقد خلصتكم من مؤامرة متقنة الحبك.
مقارنة بين قيم العهد الملكي وقيم العهد الجمهوري
لو أننا جمعنا إحصائية بين من عاشوا زمن العهد الملكي في سؤال واحدعمن هو الأفضل وقيم الدولة والمجتمع والعمل السياسيبين ما كان في العهد الملكي وبين ما هو كائن في العهد الجمهوري، لكان المتوقع الإجابة تنحازبشكل تلقائي الى جانب العهد الملكي.. والمقارنات تفضي الى ذلك. يقول العميد الركن شكري محمود نديم، وهو من عمالقة ضباط الجيش العراقي..قال التقيت الأمير عبد الإله وهو منفعل بعد ثورة مايس يقول منتقداً العميد طه الهاشمي.. قال عينته وزيراً للدفاع لكي يسيطر على العقداء الأربعة وكلما التقيته وأقول له يا أخي سيطر على العقداء الأربعة يضع كلتا يديه في مواجهتي ويقول يا سيدي الجيش مقدس ولا ينبغي أن يلعب به.. والعميد طه الهاشمي أحد أعلام الجيش العراقي الكبار وكانت رتبته ذلك الزمان أعلى رتبة في الجيش وكان العميد طه الهاشمي أحد أعلام الجيش حيث له مؤلفات عسكرية معتمدة… بعد أن سلم الأتراك العقيد الركن صلاح الصباغ الى السلطات العراقية أدخل في زنزانة في السجن وذهب اليه الأمير عبد الإله ليعاتبه في السجن انبرى العقيد الركن صلاح الصباغ بشتم الأمير عبد الإله وبطرده من السجن والأمير عبد الإله وفي كل الحالات يعتبر ملك العراق، لكنه خرج من السجن دون أن ينطق معه بكلمة واحدة.. وكان بإمكانه كما فعل اللاحقون أن يأمر الضباط أو الجنود أن يضربوه أو يهينوه، ولكن من المستحيل أن يتصرف بما تصرف به اللاحقون لانه تربية ملوك. الملازم كمال الملا أحد زملائنا في الثانوية المركزية وهو شيوعي معروف.. دخل الكلية العسكرية وتخرج منها وعين بالحرس الملكي لإتقانه لعبة كرة القدم، وفي أحد الأيام كان ضابط خفر في القصر الملكي وكان مخموراً فأخذ يشتم العائلة الملكية وينادي بالثورة عليها علناً وبدون خوف أو وجل.. ألقي القبض عليه وشكل مجلس تحقيقي وخلال 24 ساعة عرضت أوراقه التحقيقية على السيد رئيس الوزراء نوري السعيد علق عليها.. لا أريد أن يتحول كمال الملا الى زعيم وطني.. يحال على التقاعد ويعين بوظيفة مدنية.. هكذا كان الضابط بالعهد الملكي محترماً ومقدساً أما في العهد الجمهوري فكان كما يلي
وفي مدرسة المدفعية كنت أشترك في دورة مقاومة الطائرات، وكان معي كل من النقيب عبد الرحمن الناصري والنقيب مهدي صالح الآلوسي والملازم ناضر عبد المنعم الآلوسي وكانوا ينتسبون الى كتيبتي مدفعية ميدان وبطرية مقاومة الطائرات الثقيلة وكانوا يشكون أن وحداتهم مغلقة بالكامل للعناصر القومية وإنهم كانوا ينتسبون الى تنظيم الضباط الأحرار ولكن تشرذم القيادات الرئيسة ما بين مؤيد للشيوعيين وللقوميين حجمهم من اعادة الارتباط لعدم مضمونية الامان، لذا فإنهم يتمنون لو يعثروا على تنظيم مضمون قومياً ينتسبون اليه كي لا يضيعوا.. وقلت لهم أنا عندي تنظيم قومي مضمون.. قالوا اذن نرتبط بك فاتفقنا وبصراحة على كل ما يتعلق بذلك.. وفي يوم ثورة الموصل جاءني أحد الضباط الأحرار وقال أعلنت الثورة في الموصل سآتيك بعد قليل لنبحث عن موقف لمساندتها، وبعد قليل جاءني النقيب مهدي صالح الآلوسي وقال إنني جاهز.. قلت له إبق في البيت بالانذار سيأتي بعد قليل أحد زملائي لنبحث عن موقف موحد للضباط الاحرار لمساندة ثورة الموصل وفي يوم 31»3»1959 جرى اعتقالي ووضعوني في غرفة فوق محكمة المهداوي على أن ارفع يداي الى الاعلى وأن أقف على رجل واحدة في مواجهة الحائط ولم يكن قد مضى على تخرجي من الكلية العسكرية أكثر من تسعة أشهر.. سمعت أحداً يسأل عني وعرفت من لهجته أنه تكريتي، واستبشرت به وقال أهو ابن العقيدعبد الرحمن التكريتي؟ قالوا نعم.. أمسك بنطاقي من الخلف وهزني هزاً عنيفا ولطمني بالحائط المقابل واتضح لي انه ضابط صف برتبة عريف.. وبعد أن أدخلوني الى قاعة التحقيق بادرني الملازم الشيوعي المتطرف عبد الرزاق دواي وهو من دورتي في الكلية العسكرية، وهو يرتجف وبيده عصا غليظة ويصرخ بوجهي أنت تحت مراقبتنا منذ ثلاثة أشهر ويقول للرائد الشيوعي سعيد كاظم مطر سلمني إياه انطقه في خمسة دقائق.. ولم أرَ الا خمسة من رعاع الضباط يطرحوني على الارض ويخلعون عني أحذيتي ويربطون رجلي على الفلقة، اثنان يضربون على أقدامي واثنان على ساقي.. وكان كل التعذيب والاهانة بإشراف عضوي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي عطشان ضبول وداود خماس..وكنت اتقي الضربات بيدي اللتين نزفتا دماً وكانوا يسألوني عن جماعتي في دورة الاحداث بالمدفعية وأدركت ما يريدون، وكانت مقاومتي تضعف وأحسست أني سأتقيأ كل أحشاء بطني، وكان همي الوحيد أن أحفظ مجموعة النقيب عبد الرحمن الناصري فاعترفت على الهاشميين من جماعتي، فما اعتقل واحد منهم..وبعد أن انزلوني عن الفلقة قلت للرائد الشيوعي سعيد كاظم مطر وهو من المحققين..سيدي هذه أساليبكم رخيصة ومبتذلة، لنناقش بعضنا بعضاً إن أقنعتني فسأعلن شيوعيي وأذهب الى أم الطبول كيما ينفذ بي حكم الإعدام كشيوعي وليس قومي، فكان جوابه الوحيد الماركسي واللينيني.. أن ضربني على أم رأسي بكفخة وقال لي الا يا سفيه ثم أجلسني الى جواره وقال لي شوف زهير صدقني عدد الشيوعيين في الجيش العراقي كما مسجل بقائمة في جيبي لا يتجاوز عدد أصابع اليدين من الضباط و 35 ضابط صف قبل الثورة100، أما الآن فإن الجيش كله والشرطة وكل أجهزة الدولة والشعب كله أصبح شيوعياً فما عسانا نفعل إن كل الشعب يريد الشيوعية.
دراسة نقدية
أخي القارئ..إني أكتب للتاريخ فأنا مسؤول عن صدق ما أقول، ولهذه المعلومات التي ذكرتها ستكون مرتكزاً لدراسة نقدية للعمل السياسي في العراق ككل، إن كان في العمر بقية.. فلقد تأكدت من صحة هذه الأرقام عن طريق أحب الأصدقاء اليّه والعقيد الركن مجيد الشمري الذي كانت تربطه علاقة صداقة بالملازم الأول عبد الرزاق غصيبة،زوج حياة النهر الشيوعية المعروفة وهو من أقدم الشيوعيين في العراق مما قادني الى البراءة، حتى من العمل الوطني، كما أدرك أن الأخ الرفيق عبد الإله النصراوي وهو المطلع على كل حقائقي لن يبخل بمثل هذه الشهادة، حيث ختمت طبيعة المجتمع العراقي بختمها على طبيعة العمل السياسي فأسقطته.. إن هذه الكلمات التي قالها الرائد الشيوعي سعيد كاظم مطر، تدلل بشكل حاسم أنه ليس شيوعياً ولكنه متشايع وإن كان الحزب الشيوعي العراقي مليئا بمثل هذه النفايات المتخلفة لما جعلني أشطبه من قائمة الأحزاب الشيوعية في العالم، فالحزب الذي ينتفخ في أيام قليلة كبالون استوعب حجمه العراق كله، هذا الحزب تفرقع بوخزة دبوس ليعود بلحظة واحدةالى حجمه الطبيعي في انقلاب رمضان.
كان في المعتقل عريف حسين وهو من أسوأ ما خلق الله يتطاول على كافة الضباط حتى من ذوي الرتب الكبيرة فاضطررت أن أصرخ بوجهه وأشتمه وأطرده من زنزانتي، فأخذ حجمه الطبيعي وتخاذل وراجع خارجاً.. ولم أرَ الملازم الأول الشيوعي المتطرف حازم مهدي علي الملقب بحازم عقرب ومعه أربعة جنود حاملين غدارات استرلنك مركب عليها حراب وقف اثنان منهم على جانبي الأيسر وحرابهم تنخس بطني وتناولني بكلتا يديه يصفعني بكل قسوة اضطررت أن أضع كلتا يدي ممسك بهما وراء ظهري خشية أن ابادله الضرب فيمزقوا أحشاء بطني.. وبالرغم من أن التعذيب على الفلقة كان أكثر قسوة وشعرت أنني أكاد أتقيأ كل ما في جوفي ولم تسقط لي دمعة واحدة الا أن خوفي أي هذه الحالة الجبانة جعلني أبكي بكاءً شديداً لأني لم أبادله الضرب حتى لو مزقوا أحشائي، ومع ذلك علمت فيما بعد أن عيون رجال من الموصل ترصدته وألقت القبض عليه وطرحته على الارض وأشبعوه ضرباً وركلاً ووضعوا رأسه على رصيف الشارع وداسوه بالأحذية وقالوا له اقبض هذا العربون لتكون نهاية تصفية الحساب قتلك.. ومن يومها كما علمت لجأ هو وزوجته الى الاتحاد السوفييتي. وعند عودة الوجبة الأولى من الضباط المعتقلين في الموصل من المحكمة، كنت أسمع صراخاً، وضرباً على هؤلاء الضباط لأنهم رفضوا أداء التحية للعقيد فاضل عباس المهداوي رئيس المحكمة.. وبعد ذلك أخذوا إمام أحد أفواج اللواء الخامس واسمه سيد عبد العزيز، وغطسوه في البانيو في تلك الأمسية الباردة فالتصقت ملابسه بجسده، مما زاد في شدة الضرب بالعصا.. وكان يصرخ الخاطر الله، وما كانت تلك الاستغاثة بالله تعالى نافعة، واستمر الضرب وكان يصرخ الخاطر الزعيم، وايضاً كان لا ينفع، وكان يصرخ الخاطر لينين واستمر الضرب وأخيراً لم يعد يحتمل وصرخ بأعلى صوته يعيش لينين عند ذاك توقفوا عن الضرب، وألقوه بملابسه المبتلة في أرض زنزانتنا فاستبدلنا ملابسه وذهب في نوم عميق..
كان مخلوقاً تافهاً في الدورة 33 في الكلية العسكرية، وهو نموذج مضحوك عليه وموضع سخرية تلاميذ الكلية العسكرية، وكما أشيع عن إجماع المعتقلين أنه كان يعذب من أفاضل ما خلق الله وهو اللواء الركن وكان يقول له أنت قواد وكان اللواء الركن يجيبه ولك إذا كنت قواد فهذا يعني لا يوجد شريف واحد في العراق .
جبهة قومية
أخي القارئ هذه لقطات سريعة وموجزة كي أكشف من خلالها التناقض مابين قيم العهد الملكي الزاهر وما بين قيم العهد الجمهوري المظلم.. وليكون الزعيم عبد الكريم قاسم هو البادئ الأول لتحطيم كافة القيم الحضارية للدولة والمجتمع وليكون المسؤول الأول عن ذلك أمام الله وأمام التاريخ.. الله تبارك وتعالى هو صانع انقلاب 8 شباط1963 وليس الولايات المتحدة
في مقال نشرته جريدة الزمان العدد 1963 في 25 تشرين الثاني 2004 أن انشطاراً في الرأي كان يشق البعثيين في موقفهم من الزعيم عبد الكريم قاسم.. كان فريق منهم يشترط قيام الجبهة القومية لتحقيق النجاح لإسقاط الزعيم عبد الكريم قاسم، وكانت القلة منهم ترفض التعامل مع القوميين بسبب ضحالة تفكيرهم وسطحيته، ولذا فإن الاعتماد على الحزب وحده يفرض ذاته لاسقاط عبد الكريم قاسم.. ففي ليلة الخميس » الجمعة ليلة الانقلاب قدم المقدم الركن جابر علي كاظم، وهو أحد البعثيين الموثوق بهم، وكان ينتسب الى مديرية الاستخبارات العسكرية تقريراً الى الزعيم عبد الكريم قاسم وكتب فيه أنه سيقوم انقلاب عسكري يوم الجمعة 8 شباط 1963 وذكر كافة المشتركين في الانقلاب ووصل التقرير الى الزعيم بالساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً وهو متأهب بالنزول لانتهاء الدوام الرسمي ومحاط بكافة هيئة ركنه ومرافقيه، وبدأ يقرأ التقرير بصوت عال ليسمع هيئة ركنه والمرافقين فأمسك بسماعة التلفون ليطلب من الزعيم عبد الكريم الجدة اعتقال من ورد اسمهم في ذلك التقرير.. اعترض عليه أحد الضباط الواقفين الى جواره قائلاً.. يا سيدي هل يعقل إن انقلاباً يقع يوم الجمعة؟ ألا تنتظر الى يوم السبت فتحقق بالموضوع وتتخذ الاجراءات ن كان ذلك صحيحاً.. قال له الزعيم بعد أن عقص التقرير ووضعه بين سماعة التلفون والجهازقائلاً لمعترضه ادلل.. هذه هم الخاطرك.. لم يعترض عليه أحد قائلاً. التقرير يقول يوم الجمعة سيقوم انقلاب فما قيمة يوم السبت؟.
أخي القارئ.. ألا ترى أن الله تبارك وتعالى ألجم الجميع للاعتراض على المعترض..؟ وعندما كنت مديراً لشعبة التاريخ العسكري أردت أن أضع تقريراً لانقلاب 8 شباط1963 كنت أبعث الى الطيار فهد السعدون الذي شارك منذر الونداوي مشاركة رئيسية وفاعلة في ذلك الانقلاب قال ذهبت أناوالطيار منذر الونداوي الى قاعدة الحبانيةوفي صباح يوم الجمعة خرجت أنا ومنذر الونداوي الى الأوكار وكنا ندفع إحدى الطائرات وبصعوبة بالغة خارج الوكر، جاءنا أحد نواب الضباط وسأل منذر الونداوي لماذاتريدون إخراج الطائرات أجابه منذر سنقوم اليوم بالثورة ضد حكومةعبد الكريم قاسم.. فرح ذلك النائب ضابطفرحاً شديداً وقال.. أنا من الموصل لقد قتل الشيوعيون ابن عمي أثناء ثورة الشواف وسحلوه.. أنا معكم.. قال تركنا وبعد برهة من الزمن جاء ومعه عدد كبير من الجنود وضباط الصف فأخرجوا لنا طائرتين وأكملوا نواقصها من الوقود وسلحوها بالعتاد والصواريخ وانطلقت الطائرتان بالطيران الواطئ فوق وحدات أبي غريب وهذه إشارة إعلان ساعة الصفر للثورة.. وكان مساعد كتيبة الدبابات التي كانت تنتظر إعلان ساعة الصفر احد ضباط شعبة التاريخ العسكري.. صرخ في الكتيبة ثورة، وأقسم أمامي.. قال ما إن صرخت ثورة الا وقد هاج ضباط الصف بشكل غير متوقع مطلقاً.. وكأن ضباط الصف الذين كنا قد سجلنا أسماءهم أنهم شيوعيون.. انقلبوا بشكل غير متوقع، فتحوا المشاجب وحملوا السلاح واندفعوا بالاتجاه الذي أراده الثائرون..وفي يوم السبت قطعت إجازتي في الموصل وعدت الى بغداد، وكان المقدم صبري خلف الجبوري قد نسب آمراً لقاطع بغداد الجديدة، وكانت تربطه علاقة صداقة مع والدي ويقضي فترة استراحته في جيش والدي وكنت أسمعه يقول
في عصر يوم الخميس الذي سبق الثورة، كان معي الرئيس أحمد حسن البكر نسير بشارع الضباط في راغبة خاتون وكان يصرخ يجب أن نقوم بالثورة يوم الجمعة والا فإن يوم السبت مذبوحين.. وكان هناك صراعاً بين الرئيس أحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش.. فالرئيس أحمد حسن البكر يقول أن أخرج يوم الجمعة وأقتل أفضل مما أذبح يوم السبت، وكان من فرط انفعاله أن يصاب بالعمى الحقيقي المؤقت ويقول للمقدم صبري الجبوري أين نحن نسير فأنا لا أرى شيئاً، كان يقول له نحن نسير بشارع الضباط براغبة خاتون.. وعندما سمع الرئيس أحمد حسن البكر أن المقدم الركن صالح مهدي عماش اعتقل فرح فرحاً شديداً وقال الان استطيع أن أقوم بالثورة.. وهذا ما تحقق وفق منظور الله تبارك في تفسير القرآن للحروف النورانية لسورة الشورى حيث قال تبارك وتعالى وهو يصف يوم انقلاب 14 تموز حيث قال وما هو الا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم ثم يخسف الله بها وبهم جميعا . هناك مقالان كتبتهما ونشرتهما في جريدة الزمان الاول بعنوان حول قصة انقلاب 14 تموز العدد 1962 في 8 تشرين الثاني 2004 والثاني بعنوان هكذا عدت من الماركسية العدد 3414 في 7 تشرين أول 2009 كنت أرد فيها على الاقلام الأمريكية التي كانت تكتب بعنوان صراع الحضارات والمقالان موجودان في أرشيف جريدة الزمان بالامكان الإطلاع عليهما وتصويرهما لقاء ثمن ليطلع الشيوعيين والماركسيين وكافة العلمانيين.. إن الله تبارك وتعالى هو الحقيقة الوحيدة في الكون وإنه المتصرف الوحيد فيما أراد وسن سنناً واجبة التنفيذ، وفي مقدمتها ما قاله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع إن الله حرم الظلم على نفسه فلاتظلموا وهذا قانون واجب التنفيذ، فالشيوعيون هم أول من بادروا بالظلم والسحل والقتل وجاء البعثيون بنفس الأخلاقيات من الظلم والاضطهاد، ولقد جاء في سورة الرحمن آية تقول يسأله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن وسئل أحد المفسرين عن هذه الآية قال يرفع الله أقواماً ويخفض أقواماً وقد يضرب الظالم بالظالم.. فكان دور الشيوعيين عند البعثيين وكان دور البعثيين يكمن في أنفسهم حيث عجزوا أن يحتفظوا بالسلطة أكثر من تسعة أشهر وتسعة أيام و22 ساعة.. فكانت 18 تشرين.. وإن هذين المقالين يحتفظان بأعظم إعجاز إلهي عرف حتى الآن مما تفتقر اليه كافة الكتب السماوية المنزل من الله تبارك وتعالى على أنبيائه وهي قصة انقلاب 14 تموز وصعود بني أمية الى سلم السلطة الاسلامية وصعود إيران في المعترك الدولي قبل 50 ألف سنة وخلق سيدنا أدم عليه السلام وظهر جميعا الان بالحرف الواحد وكفلقة البدر ما تفتقر الى مثل هذا الاعجاز كافة الكتب السماوية المنزلة على الانبياء، فما قيمة مادية أو حتى هلامية الفكر الشيوعي او الماركسي أو العلماني أمام مثل هذا الإعجاز..؟
بقيت أمانة أخيرة لدي، كنت أحتفظ ضمن وثائق شعبة التاريخ العسكري، عندما عاد الرئيس عبد الناصر من بريوني الى موسكو، بعد انقلاب 14 تموز 1958، كان يلح على الرئيس خروشوف أن يعلن تأييده لثورة العراق وحمايتها وكان الرئيس خروشوف يسخر من الرئيس عبد الناصر ويقول له لماذاأنت متحمس الى هذا الحد لثورة العراق..فطالما نحن لم نصنعها فبالتأكيد أما الانكليز صنعوها أو الامريكان،ولذا كان الرئيس خروشوف مكرهاً أن يعلن تأييده لثورة العراق فأمر باجراء مناورات للجيش السوفييتي على حدود اوربا الغربية.. فكان الموقف المعلن لزعيم الشيوعية.. وفي الحقيقة، ما قاله الرئيس خروشوف كان صحيحاً لقد كان صراع بين الانجليز والامريكان على العراق، وهذا ما أكده الباحثون في شعبة التاريخ العسكري وكلهم ضباط برتب كبيرةوكانوا معاونوا رئيس أركان الجيش، فقد بدأت ظواهر ميلان رئيس وزراء العراق نوري السعيد لأمريكا فاستورد منها مدافع 5.5 و8 عقدة ومعدات للدفاع الجوي واستيراد السلاح دائما يؤشر الى الميلان السياسي فكان انقلاب 14 تموز 1958.
/5/2012 Issue 4195 – Date 9 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4195 التاريخ 9»5»2012
AZP07