الأول من تموز .. وأعياد الميلاد – عكاب سالم الطاهر

الأول من تموز .. وأعياد الميلاد – عكاب سالم الطاهر

لم تكن عوائلُنا  تعرف اعيادَ الميلاد. لانها لم تدون تواريخ ميلاد ابنائها. وليس بامكانها التدوين ، حتى لو ارادت. لان ليس بين افراد العائلة من يعرف القراءة والكتابة. يمكن القول ان ذلك ( عدم تدوين تواريخ المواليد ) حالة عامة في العراق سابقاً. وقد تستثنى بعض العوائل في المدن خاصة التي فيها اشخاص يعرفون القراءة والكتابة.رجال دين مثلاً. وعندما كبرنا ، لم نكن نعرف عن هذا العيد وطقوسه. الصديق في المانيا واستمر الحال هكذا . وحتى عندما قلّت نسبة الامية ، وزادت نسبة المتعلمين في البلاد، لم تتجه العوائل للاحتفال بعيد ميلاد ابنائها ، وان اتجهت نحو تثبيت تواريخ ميلادهم. وحدثتي صديق من عائلة بغدادية عريقة ، انه كان يدرس في المانيا مطلع ستينات القرن الماضي . ولحاجته كان يعمل مساءاً في محطة للقطار. وذات يوم فوجئ برسالة وردته مع باقة ورد من ادارة المحطة. سال حاملها عن المناسبة . فقال لصديقي العراقي انها مناسبة عيد ميلادك . لقد عرفوا يوم ميلاده من جواز سفره الموجود لديهم . فاذا كان الحال مع ابن عائلة بغدادية هكذا، فكيف هي الحال مع  ابن عائلة ريفية ؟.. عيد ميلادي ..

يوم مولدي

ثم جاء السجل المدني ليضيف بلبلة غير قليلة ، حين اعتبر نصف العراقيين ، تقريباً، قد ولدوا في الاول من تموز. وكنت ضمن هذه الفئة. ولانني لا  اعرف  يوم مولدي على وجه صحيح ، وللنشأة الريفية ، ولطفولة معذبة عشتها على حافات الهور في جنوبنا العراقي، الغني جدا والفقير جدا ، لكل ذلك وغيره ، لم اتفاعل مع مثل هذه المناسبات التي تخصني. بل ولم اتفاعل مع مثل هذه المناسبات التي تخص معارفي واصدقائي. وبعض صور عدم التفاعل هذا ، انني لا ارسل بطاقة تهنئة لهذا الصديق او ذاك ، في مناسبة يوم  مولده ، او عيد مولده. وجاء يوم الاول من تموز .. وحل يوم الاول من تموز الحالي . واستمريتُ بموقفي. لا اهنئ ، ولا اجيب على رسالة تهنئة. ولكن .. بعد ايام على مرور هذا اليوم ، فوجئتُ بعدد من رسائل تهنئتي بعيد ميلادي منشورة في صفحتي ، مصدرها احبة اعتز بهم. ووقفت حائرا.. اجيب .. لا اجيب. دون شك تلك الرسائل ذات مضمون اخوي صادق. وهي اكاليل ورد معطر جميل. وقررت ان انشر توضيحاً. المح فيه الى هذه الهواجس. وقلتُ نصاً: اوضح ان تاريخ ميلادي افتراضي، وان هذا التاريخ قد مر منذ ايام. وجاءت النتائج عكس ما اردتُه. فقد انهالت علي رسائل التهنئة. وتلك نجوم سرور هبطت علي من سماء اخوة نقية صادقة. وفي كل الاحوال ، انها نسيم محبة يهب مارا بحدائق ، حاصرت زهورَها رياحُ الخريف. شكرا لمن هنأني بمناسبة عزيزة على القلب. هنا اتذكر الشاعرَ الراحل عريان السيد خلف، اذ يقول : يا باب الفرح والحزن

مشاركة