الأطر القانونية لبيع وإيجار أمـوال الدولة – كاظم عبد جاسم الزيدي
يعد قانون بيع و إيجار أموال الدولة رقم (21) لسنة 2013 من القوانين المهمة و الرئيسية في العراق لا سيما ان هذا القانون تم تغييره بعد التغيير الجذري في شكل النظام السياسي في العراق عام 2003 وجاء هذا القانون بعد ان الغي المشرع العراقي قانون بيع و إيجار أموال الدولة رقم (32) لسنة 1986 ولغرض تامين مواكبة النصوص القانونية التي تحكم بيع وإيجار أموال الدولة والقطاع العام المنقولة وغير المنقولة للمتغيرات الاجــــــتماعية والاقتصادية التي طرأت بعد نفاذ قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم (32) لسنة 1986 الملغي وما أفرزته التطبيقات العملية لنصوص هذا القانون من نواحي الخلل والنقص والقصور ولتنظيم إجراءات البيع والإيجار لهذه الأموال وتوخي الدقة في صياغة إحكامها ولإعادة تنظيم الإحكام المتعلقة ببيع الوحدات السكنية لمنتسبي الدولة والمتقاعدين منهم بما يضمن حقوقهم ويحافظ عليها و للحد من ظاهرة الاستغلال التي تواكب إجراءات إيجار المحلات التجارية العائدة للدولة سنويا ووضع ضوابط و قيود تنظم إيجارها بما يضمن مصلحة الخزينة العامة وحقوق المستأجرين ويوازن بينهما وذلك وفق الأسباب الموجبة لإصدار قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم (21) لسنة 2013.
قانون سابق
ان هذا القانون اعتمد ذات المبادئ العامة التي تضمنها القانون السابق غير انه جاء بمبدأ جديد هو إنشاء حق المساطحة لأغراض تجارية و صناعية واستثمارية بطريقة المزايدة فضلا عن النص وبصراحة على عدم السماح لغير العراقي من شراء أموال الدولة غير المنقولة مع مراعاة قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 التي أجازت لغير العراقي ذلك في المشاريع الاستثمارية السكنية فقط على اعتبار ان تملك الأجنبي للأرض هو تملك مرحلي مؤقت ينتهي بمجرد نقل ملكية الوحدة السكنية إلى المواطن بعد اكتمال إنشاءها من المستثمر الأجنبي وهذه خطوه تحسب للمشرع العراقي فقد جاءت متوافقة مع توجه الدولة لتشجيع الاستثمار وكذلك نصت المادة (41) من القانون الجديد على استثناء المشاريع الخاضعة لاحكام قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 المعدل أو أي قانون يحل محله من احكام بيع و إيجار أموال الدولة كما يتميز هذا القانون بانه التشريع الرئيس الذي ينظم احكام بيع و إيجار أموال الدولة ولهذا العمل أهمية كبيرة لما لهذين التصرفين (البيع والإيجار) من اثأر مهمة على المال العام حيث تشكل الإيرادات الناتجة من بيع وإيجار أموال الدولة أو إيجارها أو المساطحة نسبة تضاف إلى إيرادات الخزينة العامة للدولة فضلا عن الإيرادات العامة كالرسوم و الغرامات و الضرائب ولكن ما يؤخذ على هذا القانون تغافله عن بعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل فكان الأفضل ان يتم إلغاؤها وتضمين إحكامها في صلب القانون الجديد بدلا من تشتيت الإحكام حيث ان القانون النافذ يفترض ان يؤسس لمرحلة توحيد الإحكام في قانون واحد وأجازت المادة (40) لمجلس الوزراء ان يقرر عند الضرورة بيع أموال الدولة المنقولة وغير المنقولة أو إيجارها استثناء من الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وان الأموال المشمولة بهذا القانون تسري إحكامه على جميع أموال الدولة المنقولة و غير المنقولة عند بيعها وإيجارها إلا في حالة وجود نص تشريعي خاص يقضي بخلاف ذلك كالقوانين الأخرى أو قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل النافذة حيث تعد تلك القرارات لها قوة القانون لانها لازالت نافذة ولم يتم إلغائها أو تعديلها لان الخاص يقيد العام كما شمل القانون أموال القطاع العام ويقصد بها الدوائر والمنشات والشركات والهيئات العامة.
إما بالنسبة لأموال القطاع المختلط لم نجد نصا قانونيا ينص على شمولها بهذا القانون ونجد ان نسبة مساهمة الدولة في هذا القطاع تعامل معاملة أموال الدولة و تشمل بأحكام هذا القانون وان المشرع العراقي لم يعرف أموال الدولة وبالرجوع إلى القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 بان المال هو كل حق له قيمة مادية وقد عرفت المادة (71) من القانون المدني العراقي الأموال العامة (1- تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص المعنوية والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون 2- وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم).
منفعة عامة
وقد بينت المادة (72) من القانون المدني على ان تفقد الأموال العامة صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وينتهي التخصيص بانتهاء الغرض الذي من اجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة وان المشرع العراقي لم يحصر الأموال المستثناة وبالرجوع إلى التعليمات رقم (4) لسنة 2017 فان الأموال الذي لا ينطبق عليها قانون بيع و إيجار أموال ألدوله هي الوحدات السكنية الحكومية التشغيلية المعدة في الأساس لسكن الموظفين وأراضي الإصلاح الزراعي وأراضي المقالع والمناجم والأراضي المؤجرة للمشاريع المشمولة بالاستثمار الصناعي وأموال الأوقاف ومشاريع المجمعات السكنية التي صدرت تشريعات خاصة تنظم إجراءات بيعها وأسلوب تسديد بدلات الإيجار وأية أموال أخرى لها تشريع ينظم التصرف فيها بالبيع أو الإيجار والأموال المودعة في صندوق أموال القاصرين حيث ان المادة (2) من قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنة 1980 نصت على المحافظة على أموال القاصرين واستثمارها بما يحقق منافع اكثر لهم و لا يجوز بيع أو إيجار أموال الدولة ما لم يقرر الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو من يخوله أي منهما بيعها أو إيجارها عند تحقق المصلحة العامة على ان تحدد في القرار أنواع و أوصاف وكميات الأموال المراد بيعها أو إيجارها وقد منع القانون أعضاء لجنة التقدير فضلا عن لجنة البيع والإيجار من الدخول في المزايدة العلنية لبيع أو استئجار الأموال المراد بيعها أو إيجارها و في بيع أموال الدولة فان الدولة تهدف إلى تحقيق ربح مادي وفق احكام القانون وقد تهدف من عملية البيع تحقيق الاستقرار المجتمعي أو تحقيق العدالة حينما تقوم بتمليك أراضي سكنية إلى شرائح و فئات محددة بالذات من المجتمع كعوائل الشهداء أو العسكريين فالدولة هنا قد تخسر ماديا لكن في المحصلة أنها ربحت استقرار المجتمع والقضاء على أزمة السكن وقامت بتشغيل الأيدي العاملة بشكل غير مباشر و غيرها من الغايات والأهداف الإنسانية و على الرغم من توجه الدولة إلى تبني اللامركزية منهاجا للحكم إلا إننا نجد ان هذا القانون يكرس المركزية بعدم النص على منح المحافظين أية صلاحيات في بيع وإيجار أموال الدولة وندعو المشرع إلى منح المحافظين هذه الصلاحية على الأموال التي تملكها المحافظة خصوصا بعد تعديل قانون المحافظات غير المنتظمة لإقليم رقم (21) لسنة 2008 و فك ارتباط الكثير من الدوائر من وزارتها وإلحاقها بالمحافظات وان المشرع العراقي قد نص ان يكون الإعلان عن المزايدة بالصحيفة اليومية دون ان يحدد نوع الصحيفة هل تكون واسعة الانتشار وتصدر في العاصمة بغداد أم يجوز النشر في الصحف المحلية التي تصدر في المحافظات خصوصا بعد الانفتاح الإعلامي بعد عام 2003 و لم يتناول القانون احكام وفاة المشتري بعد إحالة المزايدة عليه و سكوت القانون عن موضوع تنازل المستأجر عن حقه في الإيجار لشخص أخر أو مايسمى الإيجار من الباطن ونرى ان يصار إلى الحسم التشريعي لموضوع الشكلية في عقود المساطحة وإزالة الغموض فيما يتعلق بتسجيل هذا الحق في دائرة التسجيل العقاري المختص ولم يتناول المشرع إلية وكيفية تقدير مبلغ المساطحة ولم يقم بإحالة الموضوع إلى لجنة التقدير كما ان المشرع أشار في قانون الموزانة العامة نصوص تتعلق باموال الدوله وان ذلك يخالف الواقع التشريعي لان قانون الموازنة هو قانون نافذ لمدة سنة واحدة فقط في حين ان قانون بيع و ايجار أموال الدولة هو قانون ثابت ويفترض ان يكون هو القانون الرئيس الذي تعالج فيه مسالة بيع و ايجار أموال الدولة