الأسباب الستة للمرض 1

الأسباب الستة للمرض      1

إهمال متكرّر

بعد ان تنتهي كل مشكلة تواجهها عليك دوماً ان تتمعن فيها ، تفكر في مسبباتها ، تشخص اعراضها وتبحث عن مصادرها ولذلك ما إن أنتهت المسرحية داعش _الدولة المضادة للاسلام في العراق والشام _التي سلط العالم اضواءه عليها ، وما إن تم القضاء “شكلياً” على المرض الذي فتك بنا حتى أصبج لزاماً علينا ان ننبش وراء كل ما قاد المرض ان يفتشي بيننا ويصيب عقولنا وبتمعن دقيق لما كان على مدار ثلاث سنوات او يزيد وجدت أن هناك اسباب عديدة للمرض لها جذور قوية منذ ما يزيد عن قرن من الزمان لظهور المجاميع المسلحة والافكار التكفيرية في الساحة العربية ومنها ما كانت موجودة قبل ذلك بكثير وتبعاً لذلك تراكمت مع بعضها وازدادت بأهمالها وعدم التفات لمعالجتها واصبحت مسببات وعوامل مساعدة لظهور امراض اخرى .

 نتيجة للأهمال المتكرر وسياساتنا الخاطئة في ادارة الأمور ومعالجة الامراض بشكل سطحي اضحت التربةً العربية تربة خصبة لأنبات آفات تأكل من جسد الأمة يوما بعد يوم وسنة تلو الأخرى حتى ظهر فيها العياء وهزل جسدها واظهرت ما كانت تخفي في اعماقها .

 من يتفكر ولو قليلا يتعرف على حقيقة ان ما اصابنا اليوم ما هو الا نتيجة محتومة لكل ما كانت عليه المجتمعات ، لان المجتمع بكل مجال من مجالاته كانت تنمو فيه نبتة عفنة استقــــبلها المناخ العربي بتهيئة الظروف المناسبة والبيئة والعوامل المساعدة والملائمة لترعرعها وازديادها فكونت لها ذلك الاســـــــاس الرصين والقاعدة العميقة قوية الجذور وما ان قوي مقامها وصلبت مع سباتنا العميق ظهرت بالشكل الذي ظهرت عليه ،لذلك اذا اردنا الخلاص من المرض لابد من استأصاله من الجذور وذاك بعلاج المشكــــــلة بالتعرف على دوافع ظهــورها وانتشارها والوصول الى منابع تدفقها والوقوف ع مصادرها الحقيقية والأهتمام بالعوامل البسيطة التي أقامتها .

 ولأكون واضــــــحة من البــــداية فإني لن اتطرق لموضوع اسباب انتشـــــــار داعش والمجاميع التكفيرية من الناحية السياسية لقناعتي الخاصة بأن دور السياسة فيما حصل بالتحديد هو قيامها بأبراز المشكلة والتلاعب بها لصالحه وتسليط الاضواء والاعلام عليها لتوجه العقول نحوها بحسب ما هي تريد ولكن المشكلة كانت موجودة ومتأصلة منذ سنين ،اي لولا التربة لما كان هناك غرس من الاساس .

امور عديدة

 في هذا “المرض” بالذات هناك امور عديدة وراءه ولكني لخصت ستة اسباب رئيسية ووجدت ولو من وجهة نظري انها الأهم على الاطلاق لمعالجتها لأن كل واحدة كانت المسبب الاساسي لظهور غيرها ، والأمر في حقيقته يحتاج لدراسة كاملة ومفصلة لن تتسع مقالتي ولا حتى مجلد في تفصيلها ، والاسباب الست هي :

– الفقهاء والخطباء : من يتفحص الطابع العام للخطابات والفتاوى الدينية على مدار السنوات الماضية وفي العقد الماضي سيلحظ “الطابع العصبي المتشدد” الذي بدوره قَولَب الدين الاسلامي بقالب الشدة والغلظة وبلوره بالعنف والجلدة ،وبنظرة عن كثب تجد ان ذلك ما ذهب اليه اغلب الخطباء من على منابرهم والفقهاء في فتاويهم فالفئتين تارة تتوعد لمن يخالف شرع الله ومن لم يستقم على طريقه وتارة ترهب الناس بالصياح ويخوفونهم بالوعيد والترهيب والغريب انه اصبحت هذه الشدة ظاهرة حتى في ملامح وجوههم _ واصبح الصياح امرا متلازما مع كل خطبة وكأنه الميكروفومات غير كافية لايصال اصواتهم

دعـاء أحمد  – بغداد

مشاركة