الأساليب العرجاء

الأساليب العرجاء
لاشك أن مظاهر الأحتقان والسخط الشعبي الذي عم العراق من شماله إلى جنوبه في الأشهر الأخيرة قد جعلت بكل تأكيد القادة والمسؤولين السياسيين يتنبهون إلى مخاطر جدية تحيق بالعملية السياسية برمتها،وإن مايعاني منه الشعب العراقي اليوم هو عدم الثقة بالأساليب الحكومية العرجاء التي توالت منذ الأيام الأولى للأنتخابات الأخيرة ..! لهذا نجد أن أكثر المواطنين يعتقدون بأن الضغط على الحكومة وعلى مجلس النواب هو شيء مفيد، لأن الوعود التي تطلق من قبل الحكومة المركزية أو من الحكومات المحلية تحتاج إلى ضغط جماهيري لتنفيذها،ولهذا فأن هذا الضغط الجماهيري قد يولد بالمستقبل القريب تظاهرات وأحتجاجات عارمة كالتي شهدناها عام 2010 وقد تستمر هذه الأحتجاجات – هذه المرة – إلى مالانهاية حتى يتم تنفيذ كل المطالب المشروعة للشعب العراقي ..، لأن التظاهر أحياناً يصبح أداة ضغط (يضطر إليها الشعب) لتحقيق مطالبه إضافة لكونه حقاً دستورياً لاغبار عليه .!
والشيء الذي لايختلف عليه الجميع أن وضع المواطن العراقي منذ الأطاحة بالنظام الدكتاتوري عام 2003 لم يتغيرحتى ولو بالقدر الأدنى، بل أتجه نحو الأسوأ، فالخدمات الأساسية (الكهرباء،الماء، البطاقة التموينية، السكن، البطالة،تحسين الوضع المعيشي) هذه الأمور الأساسية لم تجد طريقها إلى الحل، بل أصبحت تتعقد يوماً بعد يوم بسبب هدر المال العام، والفساد الأداري، وسوء التدبير، وغياب التخطيط، والأرتجال غير المنظم في معاجة الأزمات …وقد أصبح المواطن اليوم يمتلك حريته بالتعبير، وأصبح واعياً ويطرح المطالب بصوت عال جداً.! ولكن المواطن رغم هذه الحرية التي يمتلكها في التعبير عن رأيه، ورغم صوته الذي أصبح عالياً ومسموعاً حتى أقصى العالم، إلا أنه يرى المسؤول بعيداً عن هذا الصوت، ولا يعنيه هذا التعبير، فصار الشعب في واد، والمسؤولون في واد آخر، وبهذه الطريقة كيف يمكن معرفة حاجة المواطن إذا كان لايوجد إلتقاء جغرافي وعملي بينه وبين المسؤول؟
إن الواقع العراقي مايزال واقعاً يعيش في مهب الرياح والعواصف، وعلى الجميع أن يتعاونوا وعلى كافة المستويات في الحفاظ على التماسك الوطني، والتعايش السلمي في هذه المرحلة المهمة من تاريخه المعاصر، وأننا في هذه المرحلة نحتاج إلى عقل واسع وإلى صدر واسع، فنحن مازالت صدورنا ضيقة، وعقولنا ضيقة ومظلمة،لأننا دائماً نحركها في الزوايا الصغيرة، وكل منا يفكر بذاته،كيف يضخم شخصيته،وكيف يجمع الناس حوله،فهو لايفكر بالناس، وعندما لايفكر أحدنا بالناس فأن عقولنا تتعفن بسبب أنانيتنا وأبتعادنا عنهم، ولكن عندما نفكر بالناس، فأن عقولنا تتنفس الهواء الطلق ….فلماذا صدورنا ضيقة بعضنا على البعض الآخر ..؟ لانسمع هتافاتهم ..ولانحترم أصواتهم ..من نحن ؟ ومن نكون ياترى ؟؟!! فلماذا إذا سمعنا كلمة ونصيحة من الأعلام والصحافة أو من الجماهير شعرنا بأننا نُشتم، وإننا نُسب ..وكأن السماء وقعت على رؤوسنا.. إننا نحتاج إلى سعة الصدر ..ومن يرد أن يصبح زعيماً وقائداً، فعليه معرفة ماقاله الأمام علي عليه السلام (آلة الرياسة سعة الصدر)..فأذا أردنا أن نكون مسؤولين على الناس، فعلينا أن نوسع صدورنا لمن حولنا،نسمع منهم، ونصغي إليهم،ولانتّعقد منهم، أو نستوحش من مطاليبهم، وعلينا أعطائهم الفرصة للتعبير عن آرائهم، حتى يفهموننا أكثر، وهذا هو مانحتاجه اليوم في واقعنا الداخلي…
عبدالهادي البابي
AZP02

مشاركة