الأدب والأخلاق الجمالية
ليس الأدب وعظا أخلاقيا مباشرا وانما هو وسيلة جمالية للوصول الى ارقى الأهداف الأخلاقية وحتى تلك الوسيلة لا تكون مباشرة لأن المباشرة تخرق وتدمر العمل الأدبي فنيا وجماليا بما يسيء الى علم الجمال ومفهوم التذوق الفني معا !! . ولقد اسيء فهم الأدب حين بولغ في استحداث الاشكال الحداثية الى درجة صار فيها الفن الأدبي لا يعرف له هدفا في الحياة وكأن الفن للفن حد الغموض والجمال من اجل الجمال وهو امر طبيعي لولا المبالغة في هذا المفهوم ناسيا ان الحياة الحيوية وتدفقها وجدانيا يشكل جمالا هو الآخر لايقل عن الجمال الخالص الذي نادى به (كانت) كظاهرة فنية ان هذه المبالغات التي بالغ فيها الكتاب بعد مراحل الحداثة الاستهلاكية لا تضع في اعتبارها المتلقي كطرف مهم من اطراف العملية الابداعية بل وصلت هذه المبالغات الى القول بموت المؤلف وهي تسعى لقتل المتلقي او الاستهانة به تحت ذريعة الحداثة والاشكال الجديدة مما يؤدي الى تدمير الروح الجمالية الطبيعية التي تسعى فيها الروح الخلاقة لصنع الجمال الحقيقي الذي لا يتنازل عن الانسان مهما كانت التطورات والاساليب المستحدثة وقد يعترض معترض على قولنا هذا غير اننا لا نجد عملا ادبيا حقيقيا بعيدا عن الانسان ووجدانه بما يرتقي به اخلاقا جمالية تعتمد (النسق) والتوازن في التعامل وبالتالي فإن الأدب الحقيقي يسعى بشكل غير مباشر الى تحسين الجمال أو الذائقة الجمالية في التعامل مع معضلات الحياة الفكرية والفلسفية والجمالية والحياتية مؤثرا في الأخلاق والسلوكيات المتعددة حيث يحدث (التطهر ) بما يزيل الشوائب العالقة بها من ادران الحياة الخادعة , ان هذا التطهر نوع من انواع الاحساس المتصوف الذي يغوص فيه الانسان بين جوهر ذاته الفردية وبين العالم المحيط به حتى لا يحدث الشر أو يقلل من شر العالم المتهالك في صراعه على الثروات والمغانم المتعددة من خلال الحروب المعلنة والخفية معا وليس هناك اعظم من الأدب وسيلة تحسن القيم الأخلاقية جمالا غير مباشر وارتقاء بقيم الانسان الحضارية الخالدة .
حاتم عباس بصيلة – الحلة