الأخلاق مصدر الإبداع
قال تعالى في محكم كتابه الكريم:
(وانك لعلى خلق عظيم)
صدق الله العلي العظيم.
في هذه الايه الكريمة يخاطب الله جل وعلا نبيه الكريم (صل الله عليه واله وسلم) بأن الأخلاق من مزاياه الكثيرة والعظيمة . أود الخوض في مجال من مجالات القانون العام والذي له مساس مباشر بالأخلاق وهو النظام العام لأنه احد مكونات القانون الإداري وللنظام العام عناصر وهي (الأمن ، والصحة ، والسكينة) وتم إضافة عنصر رابع من خلال الفقه وهي (الأخلاق العامة) وتم اعتبار الأخلاق العامة احد عناصر النظام العام وتخضع إلى ما تخضع له عناصر النظام العام السابقة الذكر من محددات فضلا عما سلف فأن الكثير من التشريعات تعنى باحترام الأخلاق العامة أو الحفاظ عليها من التجاوز أو العبث بها ، وهذا يدعونا إلى الخوض في مجموعة من القضايا المهمة ذات الارتباط بواقعنا الحالي ومدى خضوعها إلى الضبط الإداري من عدمه ، فبعد الإحداث التي مرّت على مجتمعنا العراقي من حروب وحصار وظلم وإرهاب كانت هناك إفرازات وانعكاسات لا يمكن غض النظر عنها وبخاصة ما يتردد في أوساط الشباب والبعيدة عن منظومة الأخلاق ولما لها من أساءَ للطرف الأخر من كيانات المجتمع . ويطغي النفور والاشمئزاز منها لدى المرء لمجرد تداولها والحديث عنها لأنها مخدشة للحياء ولما تحمله من تجاوزات على حرمة الآخرين . فهي تلقى رفضاً شعبياً يتناسب مع طبيعة بنية المجتمع الميساني وثوابته الدينية والعشائرية ، وبلغت هذه الانحرافات حدّ التباهي بها والإصرار على تفشيها والاجهار بها . وفي هذا الأمر لا تنزه مجتمعاتنا من غير الملتزمين بثوابته الدينية والاجتماعية إلا إن نسبتهم الضئيلة بدت تطغى في ممارساتها وسلوكياتها المنحرفة .
أن ضوابط المجتمعات موجودة داخلها ، وتدعم بقوة الحفاظ على سيرورة الآداب وأهمها منظومة الأديان ، ومنظومة الأخلاق ، التي صارت بمرور الزمن أعرافا لا يمكن تخطيها والتجاوز عليها أو الإضرار بها ، وان ظهور نماذج أخلاقية جديدة ستجابه بالرفض لتقاطعها مع المنظومة الأخلاقية العامة في المجتمع ، ومن هنا تدعو الحاجة إلى تفعيل سلطة تعنى بالآداب والأخلاق العامة وتردع من يسيء إليها .
وكما قال الشاعر :
إنما الأمم الأخلاق مابقيت
فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ولغرض الحفاظ على الأخلاق العامة من الضرر نتيجة ممارسات خارجه عن الحياء وفتح باب التثقيف الأخلاقي من خلال وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني لغرض التعريف بأهمية الحفاظ على الأخلاق داخل المجتمع والحفاظ على اللبنة الأهم في بنائه وهي العائلة كونها منبع الأخلاق والتعلم لأي إنسان لكي نبني مجتمعاً صالحاً ومنها ننشئ أجيالاً مفيدة وهذا ما نرجوه جميعاً وعلى الرغم مما مرت به عوائلنا من انتكاسات ناتجة عن ظروف خارجه عن إرادتها لكن يجب إعادة البناء الصحيح للعائلة من خلال نشر الوعي الأخلاقي داخل هذه العوائل ومن خلال وسائل الإعلام كونها تدخل كل بيت بدون استئذان ونحاول أن نجعل الأم والأب أمام مسؤوليتهم التاريخية في إنشاء جيل يبني المجتمع ومتسلح بالأخلاق .
اسعد كريم علكم – بغداد