قــــراءة في كتاب
الآلهة ليليــت.. ملكـــة الليـــل
فلاح المرسومي
يقول مؤلف كتاب ” الاٍلهة ليليت ملكة الليل ” الدكتور صلاح رشيد الصالحي رئيس قسم التوثيق في مركز اٍحياء التراث بجامعة بغداد في دراسة أثرية عن الٍهة العالم الأسفل، ان أراء الباحثين قد تعددت حول تحديد المدة التي ظهرت فيها المعتقدات الدينية، فالمتوفر من المعلومات تشير الى ظهورها في حياة الأنسان قبل حوالي (90) ألف سنة من الآن، وان الدين لدى الأنسان الرافدي يشكل أهمية كبرى ومحور حياته اليومية مما أنعكس هذا بأتجاه تشكيل الهة متعددة لها قدرات فوق الطبيعة وتسلسلها أن كانت رئيسة أو اٍلهة ثانوية، وكان لها مكانة مرموقة في السماء وحياة تضاهي حياة البشر لكنها خالدة، ونتيجة التزاوج بين الٍهة حدث توســع في أعدادها وهناك قوائم في نصوص لاهوتية تتضمن بحدود (2000-3000)اٍسما” والتي دونت هذه الأسماء منذ اوآسط الألف الثالث قبل الميلاد وتضاعف عددها خلال العصر السومري الى(3600) اٍله مع الأشارة الى صعوبة تحديدها بدقة في فترات زمنية مختلفة لهذه الحضارة، لقد ميز سكان بلاد الرافدين بين الالهة من حيث مركزها فأشارة نصوص أدبية ودينية الى وجود مجموعة تتكون من خمسين اٍلها” يطلق عليهم الالهة العظام أو الالهة الكبار (الوريوتيم) يترأسهم الاٍلة ” آنــو” اله السماء وأبو الالهة وتتميز هذه الالهة بالمعرفة والأدراك العالي والى جانب هذه الآلهة هناك سبعة من الالهة الأقوياء (الآلهة السبعة) الذين يحددون الأفكار والمصائر وكلمتهم هي الحاسمة ولهم القول الفصل، كما ويمكن تخصص رموز الآخرين بين الهة العظام، فمنهم يمثل الخير ومنهم يسبب الكوارث والأمراض وهؤلاء هم الشياطين والعفاريت، التي تثير الخوف والرهبة في النفوس فكان على الأشخاص مهما تكن مواقعهم حماية أنفسهم منها بأجراء بعض الطقوس الدينية والتعازيم والتقرب الى الهة الكبار بالدعاء لحمايته ورعايته، وللألهة الرئيسية شعبية ومكانة في قلوب وعقلية الرافدية القديمة، وأن الهة المدن كانت منظمة على غرار الحكومة الملكية تتضمن مناصب مماثلة لها في القصور الملكية لحكام المدن وكذلك في نقل طابع النظام الدنيوي الى الهة السماوية، كما وأن الهة تشبه البشر في صفاتها الروحية والمادية، فيما عدا تميزها عنهم بالخلود والقوة الخارقة، ومن هذا فأن البشر نقلوا للألهة جميع الأفعال والأعمال التي يمارسونها الخاصة والعامة (طباع، ملابس، زواج، اٍقامة ولائم، وعقد مجالس التشاور، وأن الالهة مثل البشر تفرح وتحزن وتغضب وتتخاصم فيما بينها، وكان للالهة أشكال بشرية وليست لها رؤوس حيوانية كما في مصر، وأصبح للالهة العظام معابد أخذت مراكزها في المدن مثل أوراك (الوركاء) ضمن معبد الاله (آنو) كبير الالهة (واله السماء) والهة انانا / عشتار في معبد (أي – أنا) معبد السماء، ومعبد الٍاله (أنليل) الشــاب (اله الفضاء) والمسؤول عن تعيين الملوك، ومعابد والهة كثيرة أخرى جاء على ذكرها المؤلف وتطرق الكتاب في موضوع (ليليت ملكة الليل) الى ملكية اللوحة وصورة الملكة من على نشريات أخبار لندن المصورة، منحوتة طينية جميلة الشكل من مجموعة (سدني بورين) ويعتقد أنها كانت لوحة مقدســـة في معبد ثانوي وشكلها يمثل سيدة عارية متدلية الشــعر وحول رقبتا عقد وبيديها أســـاور وعلى كتفيها أجنحــة طويلـــة وســيقان تنتهيان بمخالب طير جارح تقفان على ظهري أســـدين، لقد أشترى هذه اللوحة المتحف البريطاني عام 2003 بمبلغ مليون ونصف باون وغير أسمها من (منحوتة بورني) الى (ملكة الليـــل) وصدرت عدة مقالات حول أصالة هـــذه اللوحــة ومقارنتها بالتشابه مع العصر البابلي وكونها من الاسلوب الفني الذي يؤرخ الى العهد البابلي القديم، هذا وأن المتحف البريطاني قد قام بين عامي 2008 و2009 بعرض لوحة (ملكة الليل) في التاحف الدولية باريس وبرلين ونيويورك، لكن لســوء الحظ لم تعرض في موطنها الأصــلي (متحف بغــداد) ولا بد من ذلك مستقبلا”، ويشير الكتاب في مواضيع أخــرى الى أن رســـوم ونقوش هذه الهة قد نحتت ورسمت على لوحات طينية عديدة (مزهريات لارسا ” سنكرة ” جنوب العراق) وبحجوم مختلفة وكذلك طبعت على شكل أختام تعود زمنيا” الى (العهد الكشي / 1350 ق. م)، ويعرج المؤلف في دراسته الى وصف الملكة / اللوحة من حيث ما تحمله من أساور ومن أجنحة ومخالب على الأسدين والبوم على الجوانب وما ســـبب عريها، وفيما أذا كانت لوحة الملكة هي الهة علقت في المزار لطبقة عالية جدا” طبقا” لنوعية الأستثنائية للقطعة، وأن اللوحة كانت مفخورة وأكتسبت الصلابة حيث أن التدمير والطبيعة وآثار أنهيار الأبنية التي سببت في تكسرها الى قطع ثلاث تم اعادتها على أثر الحملة التي وجدت هذه اللوحة أي في وقت الملك الحثي (1600_ 1590) ق. م على مدينة بابل صيف عام 1595 ق. م ومثبتة هذه الشواهد في ملخص أحداث الملوك للحملة التي جرت من حلب الى بابل مع مجــرى الفــرات ويضيف على وفق الرموز والشواهد أن (ملكة الليل) توصف بأنها شيطانة ما دامت لها سمات الالهة من حيث أرتدائها غطاء الرأس وأرجلها مثل أقدام الطير فهي من العفاريت، والبعض الآخر يعتبرها الٍهة العالم الأسفل وذكرت في تورات (أشعيا 34 /14) وكذلك في الأساطير اليونانية يطلق عليها تسمية (لاميــا) ملكة ليبيا الجميلة، وحسب الأساطير الأغريقية أن حبها للاله (زوس) قد سبب غضب زوجته وشوهت الهة (لاميا) وأصابها الجنون وأصبحت شيطانة تغوي الرجال وتهاجم النساء الحبلى، أما نزول (أنانا) الى العالم الأسفل فيطرح عن أسبابه عدة وجهات نظر مختلفة لعلماء عالميين ومنهم العراقي فوزي رشيد الذي يقول عن ذلك : أنها كانت تبحث عن الخــلود للأنســـــــــــــــان.
– الكتاب من أحدث أصدارات بيت الحكمـــة لسنة 2013 ويقع ب 176 صفحة ويتضمن صور للوحات توثق موضوعات الدراسة.