
قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية) (أ ف ب) – أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس “السيطرة العملياتية” على ميناء غزة، بالتزامن مع اقتحامه مجددا مستشفى الشفاء وفيما تتواصل المعارك العنيفة على الأرض مع حركة حماس داخل القطاع.
ويتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، وفق مقاطع الفيديو التي حصلت عليها وكالة فرانس برس من مناطق عدة، فيما وصفت المندوبة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة قرار مجلس الأمن الداعي الى “هدن إنسانية” بأن “لا معنى له”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي “السيطرة العملياتية” على ميناء غزة، وهو جزء رئيسي من البنية التحتية في القطاع، وأكد أنه تمّ “تطهير جميع المباني في منطقة المرسى”.
وقال إن القوات الإسرائيلية قامت بـ”تدمير حوالى عشر فتحات أنفاق، وأربعة مبانٍ تشكّل بنية تحتية إرهابية”، متهما حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 باستخدام الميناء “كمنشأة تدريب للقوات البحرية لأغراض إرهابية ولتوجيه وتنفيذ اعتداءات بحرية”.
وكانت إسرائيل أعلنت هذا الأسبوع السيطرة على مبنى البرلمان الفلسطيني في مدينة غزة ومقار حكومية ومراكز لشرطة حماس.
وشنّت حماس هجوما غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية على أراض إسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأوقع الهجوم 1200 قتيل معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول من الهجوم، بحسب السلطات الإسرائيلية. كما خطفت حماس حوالى 240 شخصا بينهم أجانب نقلتهم إلى قطاع غزة، بحسب المصدر ذاته.
وردّاً على ذلك، توعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس التي تصنّفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “إرهابية”. ومذاك تقصف قطاع غزة بلا هوادة وتفرض عليه “حصاراً كاملاً”، وبدأت عمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر. وأدى القصف إلى مقتل أكثر من 11500 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم آلاف الأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس ارتفاع عدد الجنود الذين قتلوا في المعارك مع حماس داخل غزة الى خمسين.
وكان الجيش الاسرائيلي عاود خلال الليلة الماضية دخول مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، بعد عملية اقتحام وتفتيش لأكبر مستشفى في القطاع الأربعاء أثارت قلقا وانتقادات دولية بشأن مصير المرضى والمدنيين العالقين في المجمع.
وقال قائد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة الجنرال يارون فنكلمان إن الجيش ينفذ “عملية محددة الهدف في مستشفى الشفاء”.
كما أعلن الجيش العثور على “ذخائر وأسلحة ومعدات عسكرية” تابعة لحماس في المستشفى. ونشر صور أسلحة وقنابل يدوية ورشاشات وذخيرة ومعدّات أخرى منتشرة في نقاط عدة من المستشفى. وقال المتحدث باسم الجيش إنه تم العثور أيضا على “مواد استخباراتية وجهاز كومبيوتر” يتم تحليلها.
ونفت حماس مجددا أن تكون لها أسلحة في المستشفى متهمة الجيش الإسرائيلي بوضعها هناك.
وتبنت الولايات المتحدة الاتهامات الإسرائيلية. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء إن الحركة الفلسطينية ارتكبت جريمة حرب من خلال إقامة “مقراتها و(بنيتها) العسكرية أسفل مستشفى”.
وأكد بايدن أنه طالب الدولة العبرية بأن تكون “حذرة للغاية” في تحركاتها في مستشفى الشفاء.
وكان الجيش اقتحم الأربعاء مجمع الشفاء بعد معارك استغرقت أياما في محيطه. وكانت تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى وجود 2300 شخص على الأقل داخله، بينهم مرضى وطواقم طبية ونازحون.
وأثار اقتحام مستشفى الشفاء إدانات دولية ودعوات عاجلة إلى حماية المدنيين.
ودان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “بأشدّ قدر من الحزم” قصف بنى تحتية مدنية.
ودعت قطر إلى “تحقيق دولي” في الغارات الإسرائيلية على المستشفيات، ووصفت العملية في الشفاء بـ”جريمة حرب”.
ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إسرائيل بأنّها “دولة إرهابية”.
وتتصاعد المخاوف إزاء الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة في ظل استمرار قطع إسرائيل إمدادات المياه والكهرباء والوقود والغذاء. ومنذ اندلاع المعارك، دخلت شحنات محدودة من المواد الغذائية عبر معبر رفح الحدودي مع مصر. كما سجّل الأربعاء دخول أول شاحنة تنقل وقودا.
وأصدر مجلس الأمن الدولي الأربعاء قرارا يدعو إلى “هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كاف من الأيام” لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
وصاغت مالطا القرار الذي تم تبنيه بأغلبية 12 صوتا وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا).
ولم يتطرق قرار مجلس الأمن الى إدانة هجوم حماس الشهر الماضي.
وقالت سفيرة الولايات المتّحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد “أشعر بالفزع من حقيقة أنّ بعض أعضاء هذا المجلس لا يريدون أن يقرّروا إدانة هذه الهجمات الوحشية… ما الذي يمنعهم من إدانة أعمال منظّمة إرهابية مصمّمة على قتل اليهود بشكل لا لبس فيه؟”.
ودعا الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى إدانة “لا لبس فيها” لحماس، مشيراً إلى أنّ لا مجال “لهدنة إنسانية طويلة الأمد” طالما لم يطلق سراح الرهائن.
وانتقدت مندوبة إسرائيل لدى الأمم المتحدة ميراف شاحر-إيلون محاولات الأمم المتحدة للموازنة بين الانتهاكات التي ارتكبتها الدولة العبرية وحركة حماس في الحرب، مشددة على حق الدفاع عن النفس. وقالت إن القانون الدولي ليس “ميثاقا انتحاريا”.
كما وصفت قرار مجلس الأمن بأن “لا مغزى له”.
وجاء ذلك خلال جلسة في مقر الأمم المتحدة في جنيف. ودعا مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك خلالها إلى تحقيق دولي في انتهاكات الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، محذّرا من وضع “متفجّر” في الضفة الغربية المحتلة.
ورفضت إسرائيل طلبا من تورك لزيارتها. وقالت بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة في جنيف لوكالة فرانس برس ردا على سؤال حول الطلب، “إسرائيل ليست على علم بأي فائدة إضافية لزيارة المفوض السامي حاليا”.
– الرهائن –
وتتزايد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية في ملف الرهائن الذين بدأ أقاربهم الثلاثاء مسيرة تستمر خمسة أيام انطلقت من تل أبيب في اتجاه القدس للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراحهم.
ودعا زعيم المعارضة يائير لبيد نتانياهو الى الاستقالة “فورا”.
وقال في تصريحات تلفزيونية ليل الأربعاء “على نتانياهو أن يرحل فورا… نحتاج الى التغيير”. وتابع “لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بخوض حملة (عسكرية) طويلة بقيادة رئيس وزراء فقد ثقة شعبه”.
وقال المسؤول في حماس طاهر النونو إنّ “نتانياهو يراوغ ويعطّل أيّ تقدّم ويستخدم قضية المحتجزين ذريعة لاستمرار العدوان وغير جاد بالوصول إلى اتفاق”.
ودعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الخميس إلى إفراج “فوري وغير مشروط” عن الرهائن.
وقال أثناء زيارته تجمع بئيري في جنوب إسرائيل، وهو أحد المواقع التي هاجمها مقاتلو حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، “باسم الاتحاد الأوروبي، أطلب إطلاق سراحهم فورا وبشكل غير مشروط”. وأضاف “أتفهم مخاوفكم وألمكم… أتفهم غضبكم، لكن دعوني أطلب أن لا تنساقوا خلف الغضب”.
في الضفة الغربية المحتلة، أعلنت الشرطة الإسرائيلية مقتل ثلاثة مسلحين هاجموا الخميس حاجزا عسكريا قرب القدس الشرقية برصاص القوات المتواجدة في الموقع.
وأدى الهجوم إلى إصابة ستة من عناصر الأمن على الحاجز أحدهما جروحه خطيرة.